ذكر
قتل بكير بن وساج
في هذه السنة قتل
nindex.php?page=showalam&ids=12331أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بكير بن وساج .
[ ص: 473 ] وكان سبب ذلك أن
nindex.php?page=showalam&ids=12331أمية بن عبد الله ، وهو عامل
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان على
خراسان ، أمر
بكيرا بالتجهيز لغزو
ما وراء النهر ، وقد كان قبل ذلك ولاه
طخارستان ، فتجهز له ، فوشى به
بحير بن ورقاء إلى
أمية ، فمنعه عنها ، فلما أمره بغزو
ما وراء النهر تجهز وأنفق نفقة كثيرة وادان فيها ، فقال
بحير لأمية : إن صار بينك وبينه النهر خلع الخليفة . فأرسل إليه
أمية : أن أقم
لعلي أغزو فتكون معي . فغضب
بكير وقال : كأنه يضارني . وكان
عقاب ذو اللقوة الغداني استدان ليخرج مع
بكير ، فأخذه غرماؤه فحبس حتى أدى عنه
بكير .
ثم إن
أمية تجهز للغزو إلى
بخارى ، ثم يعود منها إلى
موسى بن عبد الله بن خازم بترمذ ، وتجهز الناس معه وفيهم
بكير ، وساروا ، فلما بلغوا النهر وأرادوا قطعه قال
أمية لبكير : إني قد استخلفت ابني على
خراسان ، وأخاف أنه لا يضبطها لأنه غلام حدث ، فارجع إلى
مرو فاكفنيها ، فإني قد وليتكها ، فقم بأمر ابني .
فانتخب
بكير فرسانا كان عرفهم ووثق بهم ورجع ، ومضى
أمية إلى
بخارى للغزاة . فقال
عقاب ذو اللقوة لبكير : إنا طلبنا أميرا من
قريش ، فجاءنا أمير يلعب بنا ويحولنا من سجن إلى سجن ، وإني أرى أن تحرق هذه السفن ، ونمضي إلى
مرو ، ونخلع
أمية ونقيم
بمرو ونأكلها إلى يوم ما . ووافقه
الأحنف بن عبد الله العنبري على هذا . قال
بكير : أخاف أن يهلك هؤلاء الفرسان الذين معي . قال : إن هلك هؤلاء فأنا أتيك من
أهل مرو بما شئت . قال : يهلك المسلمون . قال : إنما يكفيك أن ينادي مناد : من أسلم رفعنا عنه الخراج ، فيأتيك خمسون ألفا أسمع من هؤلاء وأطوع . قال : فيهلك
أمية ومن معه . قال : ولم يهلكون ولهم عدد وعدة ونجدة وسلاح ظاهر ، ليقاتلوا عن أنفسهم حتى يبلغوا
الصين ! فحرق
بكير السفن ورجع إلى
مرو ، فأخذ
ابن أمية بحبسه وخلع
أمية .
وبلغ
أمية الخبر فصالح
أهل بخارى على فدية قليلة ، ورجع وأمر باتخاذ السفن ، وعبر وذكر للناس إحسانه إلى
بكير مرة بعد أخرى ، وأنه كافأه بالعصيان ، وسار إلى
مرو ، وأتاه
موسى بن عبد الله بن خازم ، وأرسل
أمية شماس بن دثار في ثمانمائة ، فسار إليه
بكير وبيته فهزمه ، وأمر أصحابه أن لا يقتلوا منهم أحدا ، فكانوا يأخذون سلاحهم ويطلقونهم ، وقدم
أمية فتلقاه
شماس ، فقدم
أمية ثابت بن قطبة ، فلقيه
بكير فأسر
ثابتا وفرق جمعه ، ثم أطلقه ليد كانت
لثابت عنده .
[ ص: 474 ] وأقبل
أمية وقاتله
بكير ، فانكشف يوما أصحابه ، فحماهم
بكير ، ثم التقوا يوما آخر ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، ثم التقوا يوما آخر ، فضرب
بكير ثابت بن قطبة على رأسه ، فحمل
حريث بن قطبة أخو ثابت على
بكير ، فانحاز
بكير وانكشف أصحابه ، واتبع
حريث بكيرا حتى بلغ
القنطرة ، وناداه : إلى أين يا
بكير ؟ فرجع ، فضربه
حريث على رأسه ، فقطع المغفر ، وعض السيف رأسه فصرع ، واحتمله أصحابه فأدخلوه
المدينة ، وكانوا يقاتلونهم .
فكان أصحاب
بكير يغدون في الثياب المصبغة من أحمر وأصفر ، فيجلسون يتحدثون وينادي مناديهم : من رمى بسهم رمينا إليه برأس رجل من ولده وأهله . فلا يرميهم أحد .
وخاف
بكير إن طال الحصار أن يخذله الناس ، فطلب الصلح ، وأحب ذلك أيضا أصحاب
أمية ، فاصطلحوا على أن يقضي
أمية عنه أربعمائة ألف ، ويصل أصحابه ، ويوليه أي كور
خراسان شاء ، ولا يسمع قول
بحير فيه ، وإن رابه ريب فهو آمن أربعين يوما .
ودخل
أمية مدينة
مرو ووفى
لبكير وعاد إلى ما كان من إكرامه ، وأعطى
أمية عقابا عشرين ألفا .
وقد قيل : إن
بكيرا لم يصحب
أمية إلى النهر ، كان
أمية قد استخلفه على
مرو ، فلما سار
أمية وعبر النهر خلعه ، فجرى الأمر بينهما على ما ذكرناه .
وكان
أمية سهلا لينا سخيا ، وكان مع ذلك ثقيلا على
أهل خراسان ، وكان فيه زهو شديد ، وكان يقول : ما تكفيني
خراسان لمطبخي .
وعزل
أمية بحيرا عن شرطته ، وولاها
nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن أبي السائب . وطالب
أمية الناس بالخراج واشتد عليهم ، وكان
بكير يوما في المسجد وعنده الناس ، فذكروا شدة
أمية وذموه ،
وبحير وضرار بن حصين وعبد الله بن جارية بن قدامة في المسجد ، فنقل
بحير ذلك إلى
أمية ، فكذبه ، فادعى شهادة هؤلاء ، فشهد
مزاحم بن أبي المجشر السلمي أنه كان يمزح فتركه
أمية .
ثم إن
بحيرا أتى
أمية وقال له : والله إن
بكيرا قد دعاني إلى خلعك ، وقال : لولا مكانك لقتلت هذا القرشي وأكلت
خراسان ، فلم يصدقه
أمية ، فاستشهد جماعة ذكر
بكير أنهم أعداؤه ، فقبض
أمية على
بكير وعلى
بدل وشمردل ابني أخيه ، ثم أمر
أمية [ ص: 475 ] بعض رؤساء من معه بقتل
بكير ، فامتنعوا ، فأمر
بحيرا بقتله فقتله ، وقتل
أمية ابني أخي بكير .