[ ص: 514 ] ذكر
بناء مدينة واسط
وفي هذه السنة بنى
الحجاج واسطا .
وكان سبب ذلك أن
الحجاج ضرب البعث على
أهل الكوفة إلى
خراسان ، وعسكر بحمام
عمر ، وكان فتى من
أهل الكوفة حديث عهد بعرس ، فانصرف من العسكر إلى ابنة عمه ليلا ، فطرق الباب طارق ، ودقه دقا شديدا ، فإذا سكران من
أهل الشام ، فقالت للرجل ابنة عمه : لقد لقينا من هذا
الشامي شرا ، يفعل بنا كل ليلة ما ترى ، يريد المكروه ، وقد شكوته إلى مشيخة أصحابه . فقال لها زوجها : ائذني له ، فأذنت له ، فقتله زوجها ، فلما أذن الفجر خرج إلى العسكر ، وقال لابنة عمه : إذا صليت الفجر فابعثي إلى الشاميين ليأخذوا صاحبهم ، فإذا أحضروك عند
الحجاج فاصدقيه الخبر على وجهه .
ففعلت فأحضرت عند
الحجاج فأخبرته ، فقال : صدقتني . وقال للشاميين : خذوا صاحبكم لا قود له ولا عقل ، فإنه قتيل الله إلى النار . ثم نادى مناد : لا ينزلن أحد على أحد .
وكان
الحجاج قد أنزل
أهل الشام على
أهل الكوفة ، فخرج
أهل الشام فعسكروا ، وبعث روادا يرتادون له منزلا ، وأقبل حتى نزل موضع
واسط ، فإذا راهب قد أقبل على حمار له ، فلما كان بموضع
واسط بال الحمار ، فنزل الراهب فاحتفر ذلك البول ، واحتمله ورماه في دجلة
والحجاج يراه . فقال : علي به . فأتي به . فقال : ما حملك على ما صنعته ؟ قال : نجد في الكتب أنه يبنى في هذا الموضع مسجد يعبد الله فيه ما دام في الأرض أحد يوحده . فاختط
الحجاج مدينة واسط وبنى المسجد في ذلك الموضع .