[ ص: 46 ] ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين
93
ذكر
صلح خوارزمشاه وفتح خام جرد
وفي هذه السنة صالح
قتيبة خوارزمشاه .
وكان سبب ذلك أن ملك
خوارزم كان ضعيفا ، فغلبه أخوه
خرزاد على أمره ، وكان أصغر منه ، وكان إذا بلغه أن عند أحد ممن هو منقطع إلى الملك جارية أو مالا أو دابة أو بنتا أو أختا أو امرأة جميلة أرسل إليه وأخذه منه ، وكان لا يمتنع عليه أحد ولا الملك ، فإذا قيل للملك ، قال : لا أقوى به وهو مغتاظ عليه .
فلما طال ذلك عليه كتب إلى
قتيبة يدعوه إلى أرضه ليسلمها إليه ، واشترط عليه أن يدفع إليه أخاه وكل من يضاده ليحكم فيهم بما يرى ، ولم يطلع أحد من مرازبته على ذلك ، فأجابه
قتيبة إلى ما طلب ، وتجهز للغزو ، وأظهر
قتيبة أنه يريد الصغد ، وسار من
مرو ، وجمع
خوارزمشاه أجناده ودهاقنته ، فقال : إن
قتيبة يريد الصغد وليس يغازيكم ، فهلموا نتنعم في ربيعنا هذا .
فأقبلوا على الشرب والتنعم ، فلم يشعروا حتى نزل
قتيبة في
هزارسب ، فقال
خوارزمشاه لأصحابه : ما ترون ؟ قالوا : نرى أن نقاتله . قال : لكني لا أرى ذلك; لأنه قد عجز عنه من هو أقوى منا وأشد شوكة ، ولكن أصرفه بشيء أؤديه إليه . فأجابوه إلى ذلك .
فسار
خوارزمشاه فنزل بمدينة
الفيل من وراء النهر ، وهي أحصن بلاده ،
وقتيبة لم يعبر النهر ، فأرسل إليه
خوارزمشاه ، فصالحه على عشرة آلاف رأس وعين ومتاع ، وعلى أن يعينه على
خام جرد ، فقبل
قتيبة ذلك .
وقيل : صالحه على مائة ألف رأس ، ثم بعث
قتيبة أخاه
عبد الرحمن إلى
خام جرد ، وكان يغازي
خوارزمشاه ، فقاتله فقتله
عبد الرحمن وغلب على أرضه ، وقدم منهم بأربعة آلاف أسير ، فقتلهم
قتيبة ، وسلم
قتيبة إلى
خوارزمشاه أخاه ومن كان يخالفه ، فقتلهم ودفع أموالهم إلى
قتيبة .