[ ص: 266 ] 122
ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين ومائة
ذكر
مقتل nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
في هذه السنة قتل
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي بن الحسين ، قد ذكر سبب مقامه
بالكوفة وبيعته بها .
فلما أمر أصحابه بالاستعداد للخروج ، وأخذ من كان يريد الوفاء له بالبيعة يتجهز ، انطلق
سليمان بن سراقة البارقي إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17407يوسف بن عمر فأخبره ، فبعث
يوسف في طلب
زيد فلم يوجد ، وخاف
زيد أن يؤخذ فيتعجل قبل الأجل الذي جعله بينه وبين
أهل الكوفة ، وعلى
الكوفة يومئذ
الحكم بن الصلت ، وعلى شرطته
عمرو بن عبد الرحمن من القارة ومعه
عبيد الله بن العباس الكندي في ناس من
أهل الشام ،
ويوسف بن عمر بالحيرة ، قال : فلما رأى أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي من
nindex.php?page=showalam&ids=17407يوسف بن عمر أنه قد بلغه أمره ، وأنه يبحث عن أمره اجتمع إليه جماعة من رءوسهم وقالوا : رحمك الله ، ما قولك في
أبي بكر وعمر ؟ قال
زيد : رحمهما الله وغفر لهما ، ما سمعت أحدا من أهل بيتي يقول فيهما إلا خيرا ، وإن أشد ما أقول فيما ذكرتم أنا كنا أحق بسلطان ما ذكرتم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الناس أجمعين ، فدفعونا عنه ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفرا ، وقد ولوا فعدلوا في الناس وعملوا بالكتاب والسنة . قالوا : فلم يظلمك هؤلاء إذا كان أولئك لم يظلموك ، فلم تدعو إلى قتالهم ؟ فقال : إن هؤلاء ليسوا كأولئك ، هؤلاء ظالمون لي ولكم ولأنفسهم ، وإنما ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وإلى السنن أن تحيا ، وإلى البدع أن تطفأ ، فإن أجبتمونا سعدتم ، وإن أبيتم فلست عليكم بوكيل . ففارقوه ونكثوا بيعته وقالوا : سبق الإمام ، يعنون
محمدا الباقر ، وكان قد مات ، وقالوا :
جعفر ابنه إمامنا اليوم بعد أبيه ، فسماهم
زيد الرافضة ، وهم يزعمون أن
المغيرة سماهم
الرافضة حيث فارقوه .
[ ص: 267 ] وكانت طائفة أتت
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد الصادق قبل خروج
زيد ، فأخبروه ببيعة
زيد ، فقال : بايعوه فهو والله أفضلنا وسيدنا ، فعادوا وكتموا ذلك .
وكان
زيد واعد أصحابه أول ليلة من صفر ، وبلغ ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=17407يوسف بن عمر ، فبعث إلى
الحكم يأمره أن يجمع
أهل الكوفة في المسجد الأعظم يحصرهم فيه ، فجمعهم فيه ، وطلبوا
زيدا في دار
معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري ، فخرج منها ليلا ، ورفعوا الهرادي فيها النيران ونادوا : يا منصور أمت أمت ، حتى طلع الفجر ، فلما أصبحوا بعث
زيد القاسم التبعي ثم الحضرمي وآخر من أصحابه يناديان بشعارهما ، فلما كانا بصحراء
عبد القيس لقيهما
جعفر بن العباس الكندي فحملا عليه وعلى أصحابه ، فقتل الذي كان مع
القاسم التبعي وارتث
القاسم وأتي به
الحكم ، فضرب عنقه ، فكانا أول من قتل من أصحاب
زيد . وأغلق
الحكم دروب السوق وأبواب المسجد على الناس .
وبعث
الحكم إلى
يوسف بالحيرة فأخبره الخبر ، فأرسل
جعفر بن العباس ليأتيه بالخبر ، فسار في خمسين فارسا حتى بلغ جبانة
سالم فسأل ثم رجع إلى
يوسف فأخبره ، فسار
يوسف إلى تل قريب من
الحيرة فنزل عليه ومعه أشراف الناس ، فبعث
الريان بن سلمة الأراني في ألفين ومعه ثلاثمائة من
القيقانية رجالة معهم النشاب .
وأصبح
زيد فكان جميع من وافاه تلك الليلة مائتي رجل وثمانية عشر رجلا ، فقال
زيد : سبحان الله أين الناس ؟ فقيل : إنهم في المسجد الأعظم محصورون .
فقال : والله ما هذا بعذر لمن بايعنا ! وسمع
نصر بن خزيمة العبسي النداء فأقبل إليه ، فلقي
عمرو بن عبد الرحمن صاحب شرطة
الحكم في خيله من
جهينة في الطريق ، فحمل عليه
نصر وأصحابه ، فقتل
عمرو وانهزم من كان معه ، وأقبل
زيد على جبانة
سالم حتى انتهى إلى جبانة الصائدين وبها خمسمائة من
أهل الشام ، فحمل عليهم
زيد فيمن معه وهزمهم ، فانتهى
زيد إلى دار
أنس بن عمرو الأزدي ، وكان فيمن بايعه وهو في الدار ، فنودي فلم يجبهم ، وناداه
زيد فلم يخرج إليه ، فقال
زيد : ما أخلفكم ؟ قد فعلتموها ، الله حسيبكم ، ثم انتهى
زيد إلى الكناسة فحمل على من بها من
أهل الشام فهزمهم ، ثم
[ ص: 268 ] سار زيد ويوسف ينظر إليه في مائتي رجل ، فلو قصده لقتله ، والريان يتبع أثر زيد بن علي
بالكوفة في
أهل الشام ، فأخذ
زيد على مصلى
خالد حتى دخل
الكوفة ، وسار بعض أصحابه نحو جبانة
مخنف بن سليم ، فلقوا
أهل الشام فقاتلوهم ، فأسر
أهل الشام منهم رجلا ، فأمر به
nindex.php?page=showalam&ids=17407يوسف بن عمر فقتل .
فلما رأى
زيد خذلان الناس إياه قال : يا
نصر بن خزيمة أنا أخاف أن يكونوا قد فعلوها حسينية . قال : أما أنا والله لأقاتلن معك حتى أموت ، وإن الناس في المسجد فامض بنا نحوهم . فلقيهم
عبيد الله بن العباس الكندي عند دار
nindex.php?page=showalam&ids=16657عمر بن سعد ، فاقتتلوا ، فانهزم
عبيد الله وأصحابه ، وجاء
زيد حتى انتهى إلى باب المسجد ، فجعل أصحابه يدخلون راياتهم من فوق الأبواب ويقولون : يا أهل المسجد اخرجوا من الذل إلى العز ، اخرجوا إلى الدين والدنيا فإنكم لستم في دين ولا دنيا . فرماهم
أهل الشام بالحجارة من فوق المسجد .
وانصرف
الريان عند المساء إلى
الحيرة ، وانصرف
زيد فيمن معه ، وخرج إليه ناس من
أهل الكوفة فنزل دار الرزق ، فأتاه
الريان بن سلمة فقاتله عند دار الرزق وجرح
أهل الشام ومعهم ناس كثير ، ورجع
أهل الشام مساء يوم الأربعاء أسوأ شيء ظنا .
فلما كان الغد أرسل
nindex.php?page=showalam&ids=17407يوسف بن عمر العباس بن سعيد المزني في
أهل الشام فانتهى إلى
زيد في دار الرزق ، فلقيه
زيد وعلى مجنبته
نصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن ثابت فاقتتلوا قتالا شديدا ، وحمل
نابل بن فروة العبسي من
أهل الشام على
نصر بن خزيمة فضربه بالسيف فقطع فخذه ، وضربه
نصر فقتله ، ولم يلبث
نصر أن مات واشتد قتالهم ، فانهزم أصحاب
العباس وقتل منهم نحو من سبعين رجلا .
فلما كان العشاء عبأهم
nindex.php?page=showalam&ids=17407يوسف بن عمر ثم سرحهم ، فالتقوا هم وأصحاب
زيد ، فحمل عليهم
زيد في أصحابه فكشفهم وتبعهم حتى أخرجهم إلى
السبخة ، ثم حمل عليهم
بالسبخة حتى أخرجهم إلى
بني سليم ، وجعلت خيلهم لا تثبت لخيله ، فبعث
العباس إلى
يوسف يعلمه ذلك وقال له : ابعث إلي الناشبية ، فبعثهم إليه ، فجعلوا يرمون أصحاب
زيد ، فقاتل
معاوية بن إسحاق الأنصاري بين يدي
زيد قتالا شديدا ، فقتل وثبت
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي ومن معه إلى الليل ، فرمي
زيد بسهم فأصاب جانب جبهته اليسرى
[ ص: 269 ] فثبت في دماغه ، ورجع أصحابه ولا يظن
أهل الشام أنهم رجعوا إلا للمساء والليل ، ونزل
زيد في دار من دور أرحب ، وأحضر أصحابه طبيبا ، فانتزع النصل ، فضج
زيد ، فلما نزع النصل مات
زيد ، فقال أصحابه : أين ندفنه ؟ قال بعضهم : نطرحه في الماء . وقال بعضهم : بل نحتز رأسه ونلقيه في القتلى . فقال ابنه
يحيى : والله لا تأكل لحم أبي الكلاب . وقال بعضهم : ندفنه في الحفرة التي يؤخذ منها الطين ونجعل عليه الماء ، ففعلوا ، فلما دفنوه أجروا عليه الماء ، وقيل : دفن
بنهر يعقوب ، سكر أصحابه الماء ودفنوه وأجروا الماء ، وكان معهم مولى
لزيد سندي ، وقيل رآهم فسار فدل عليه ، وتفرق الناس عنه ، وسار ابنه
يحيى نحو
كربلاء فنزل
بنينوى على
سابق مولى
بشر بن عبد الملك بن بشر .
ثم إن
nindex.php?page=showalam&ids=17407يوسف بن عمر تتبع الجرحى في الدور ، فدله السندي مولى
زيد يوم الجمعة على
زيد ، فاستخرجه من قبره وقطع رأسه وسير إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17407يوسف بن عمر وهو
بالحيرة ، سيره
الحكم بن الصلت ، فأمر
يوسف أن يصلب
زيد بالكناسة هو
ونصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق وزياد النهدي ، وأمر بحراستهم ، وبعث الرأس إلى
هشام ، فصلب على باب مدينة
دمشق ، ثم أرسل إلى
المدينة وبقي البدن مصلوبا إلى أن مات
هشام وولي
الوليد فأمر بإنزاله وإحراقه . وقيل : كان
خراش بن حوشب بن يزيد الشيباني على شرطة
زيد ، وهو الذي نبش
زيدا وصلبه ، فقال
السيد الحموي :
بت ليلا مسهدا ساهر العين مقصدا ولقد قلت قولة
وأطلت التبلدا لعن الله حوشبا
وخراشا ومزيدا ويزيدا فإنه
كان أعتى وأعندا ألف ألف وألف أل
ف من اللعن سرمدا إنهم حاربوا الإل
ه وآذوا محمدا
[ ص: 270 ] شركوا في دم المطه
ر زيد تعندا ثم عالوه فوق جذ
ع صريعا مجردا يا خراش بن حوشب
أنت أشقى الورى غدا
وقيل في أمر
يحيى بن زيد غير ما تقدم ، وذلك أن أباه
زيدا لما قتل قال له رجل من
بني أسد : إن أهل
خراسان لكم شيعة ، والرأي أن تخرج إليها . قال : وكيف لي بذلك ؟ قال : تتوارى حتى يسكن [ عنك ] الطلب ثم تخرج .
فواراه عنده [ ليلة ] ، ثم خاف فأتى به
عبد الملك بن بشر بن مروان فقال له : إن قرابة
زيد بك قريبة وحقه عليك واجب . قال : أجل ولقد كان العفو عنه أقرب للتقوى . قال : فقد قتل وهذا ابنه غلام حدث لا ذنب له ، فإن علم
يوسف به قتله ، أفتجيره ؟ قال : نعم ، فأتاه به فأقام عنده ، فلما سكن الطلب سار في نفر من
الزيدية إلى خراسان . فغضب
nindex.php?page=showalam&ids=17407يوسف بن عمر بعد قتل
زيد فقال : يا
أهل العراق ، إن
يحيى بن زيد ينتقل في حجال نسائكم كما كان يفعل أبوه ، والله لو بدا لي ( لعرقت خصييه كما عرقت خصيي أبيه ) ! وتهددهم وذمهم وترك .