ذكر
قتل البطال
في هذه السنة قتل
البطال ، واسمه
عبد الله أبو الحسين الأنطاكي ، في جماعة من المسلمين ببلاد
الروم ، وقيل : سنة ثلاث وعشرين ومائة ، وكان كثير الغزاة إلى
الروم والإغارة على بلادهم ، وله عندهم ذكر عظيم وخوف شديد .
حكي أنه دخل بلادهم في بعض غزاته هو وأصحابه ، فدخل قرية لهم ليلا وامرأة تقول لصغير لها يبكي : تسكت وإلا سلمتك إلى
البطال ! ثم رفعته بيدها وقالت : خذه يا
بطال ! فتناوله من يدها .
وسيره
عبد الملك مع ابنه
مسلمة إلى بلاد
الروم ، وأمره على رؤساء أهل
الجزيرة والشام ، وأمر ابنه أن يجعله على مقدمته وطلائعه ، وقال : إنه ثقة شجاع مقدام ، فجعله
[ ص: 271 ] مسلمة على عشرة آلاف فارس ، فكان بينه وبين
الروم ، وكان العلافة والسابلة يسيرون آمنين .
وسار مرة مع عسكر للمسلمين ، فلما صار بأطراف
الروم سار وحده فدخل بلادهم ، فرأى مبقلة فنزل فأكل من ذلك البقل ، فجاءت جوفه وكثر إسهاله ، فخاف أن يضعف عن الركوب فركب ، وصار تجيء جوفه في سرجه ولا يجسر ينزل لئلا يضعف عن الركوب ، فاستولى عليه الضعف ، فاعتنق رقبة فرسه وسار عليه ولا يعلم أين هو ، ففتح عينه فإذا هو في دير فيه نساء ، فاجتمعن عليه وأنزلته إحداهن عن فرسه وغسلته وسقته دواء فانقطع عنه ما به ، وأقام في الدير ثلاثة أيام ، ثم إن بطريقا حضر الدير فخطب تلك المرأة وبلغه خبر
البطال ، وكانت المرأة قد جعلته في بيت مختفيا فمنعته منه ، ثم سار البطريق عن الدير ، فركب
البطال وتبعه فقتله ، وانهزم أصحاب البطريق ، وعاد إلى الدير وألقى الرأس إلى النساء وأخذهن وساقهن إلى العسكر ، فنقل أمير العسكر تلك المرأة ، فهي أم أولاد
البطال .