[ ص: 273 ] 123
ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين ومائة
ذكر
صلح nindex.php?page=showalam&ids=17204نصر بن سيار مع الصغد
في هذه السنة صالح
nindex.php?page=showalam&ids=17204نصر بن سيار الصغد .
وسبب ذلك أن
خاقان لما قتل في ولاية
أسد تفرقت
الترك في غارة بعضها على بعض ، فطمع
أهل الصغد في الرجعة إليها ، وانحاز قوم منهم إلى
الشاش ، فلما ولي
nindex.php?page=showalam&ids=17204نصر بن سيار أرسل إليهم يدعوهم إلى الرجوع إلى بلادهم وأعطاهم ما أرادوا ، وكانوا ينالون شروطا أنكرها أمراء
خراسان ، منها : أن لا يعاقب من كان مسلما فارتد عن الإسلام ، ولا يعدى عليهم في دين لأحد من الناس ، ولا يؤخذ أسراء المسلمين من أيديهم إلا بقضية قاض وشهادة عدول .
فعاب الناس ذلك على
nindex.php?page=showalam&ids=17204نصر بن سيار وقالوا له فيه ، فقال : لو عاينتم شوكتهم في المسلمين مثل ما عاينت ما أنكرتم ذلك . وأرسل رسولا إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17243هشام بن عبد الملك في ذلك فأجابه إليه .
ذكر وفاة
عقبة بن الحجاج ودخول
بلج الأندلس
في هذه السنة توفي
عقبة بن الحجاج السلولي أمير
الأندلس ، فقيل : بل ثار به أهل
الأندلس فخلعوه وولوا بعده
عبد الملك بن قطن ، وهي ولايته الثانية ، وكانت ولايته في صفر من هذه السنة ، وكانت
البربر قد فعلت
بإفريقية ما ذكرناه سنة سبع عشرة ومائة ، وقد حصروا
بلج بن بشر العبسي حتى ضاق عليه وعلى من معه الأمر واشتد الحصر ، وهم صابرون إلى هذه السنة ، فأرسل إلى
عبد الملك بن قطن يطلب منه أن يرسل إليه مراكب يجوز فيها هو ومن معه إلى
الأندلس ، وذكر ما أنزل عليه من الشدة وأنهم أكلوا دوابهم . فامتنع
عبد الملك من إدخالهم
الأندلس ووعدهم بإرسال المدد إليهم ، فلم يفعل .
[ ص: 274 ] فاتفق أن
البربر قويت
بالأندلس ، فاضطر
عبد الملك إلى إدخال
بلج ومن معه ، وقيل : إن
عبد الملك استشار أصحابه في جواز
بلج فخوفوه من ذلك ، فقال : أخاف أمير المؤمنين أن يقول : أهلكت جندي ، فأجازهم وشرط عليهم أن يقيموا سنة ويرجعوا إلى
إفريقية ، فأجابوه إلى ذلك ، وأخذ رهائنهم وأجازهم .
فلما وصلوا إليه رأى هو والمسلمون ما بهم من سوء الحال والفقر والعري لشدة الحصار عليهم ، فكسوهم وأحسنوا إليهم ، وقصدوا جمعا من
البربر بشدونة فقاتلوهم فظفروا
بالبربر فأهلكوهم وغنموا مالهم ودوابهم وسلاحهم ، فصلحت أحوال أصحاب
بلج وصار لهم دواب يركبونها .
ورجع
عبد الملك بن قطن إلى
قرطبة وقال
لبلج ومن معه ليخرجوا من
الأندلس ، فأجابوه إلى ذلك ، فطلبوا منه مراكب يسيرون فيها من غير
الجزيرة الخضراء لئلا يلقوا البرابر الذين حصروهم . فامتنع
عبد الملك وقال : ليس لي مراكب إلا في
الجزيرة . فقالوا : إنا لا نرجع نتعرض إلى
البربر ولا نقصد الجهة التي هم فيها لأننا نخاف أن يقتلونا في بلادهم . فألح عليهم في العود ، فلما رأوا ذلك ثاروا به وقاتلوه ، فظفروا به وأخرجوه من القصر ، وذلك أوائل ذي القعدة من هذه السنة .
فلما ظفر
بلج بعبد الملك أشار عليه أصحابه بقتل
عبد الملك ، فأخرجه من داره وكأنه فرخ لكبر سنه فقتله وصلبه ، وولي
الأندلس ، وكان عمر
عبد الملك تسعين سنة ، وهرب ابناه
قطن وأمية ، فلحق أحدهما
بماردة والآخر
بسرقسطة ، وكان هربهما قبل قتل أبيهما ، فلما قتل فعلا ما نذكره إن شاء الله تعالى .
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة أوفد
nindex.php?page=showalam&ids=17407يوسف بن عمر الحكم بن الصلت إلى
هشام يطلب إليه أن يستعمله على
خراسان ، ويذكر أنه خبير بها ، وأنه عمل بها الأعمال الكثيرة ، ويقع في
nindex.php?page=showalam&ids=17204نصر بن سيار ، فوجه
هشام إلى دار الضيافة فأحضر
مقاتل بن علي السعدي وقد قدم من
خراسان ومعه مائة وخمسون من
الترك ، فسأله عن
الحكم وما ولي
بخراسان ، فقال : ولي قرية يقال لها
الفارياب سبعون ألفا خراجها ، فأسره
الحارث بن سريج فعرك أذنه وأطلقه وقال : أنت أهون من أن أقتلك . فلم يعزل
هشام nindex.php?page=showalam&ids=17204نصر بن سيار عن
خراسان .
[ ص: 275 ] وفي هذه السنة غزا
nindex.php?page=showalam&ids=17204نصر بن سيار فرغانة غزوته الثانية ، فأوفد وفدا إلى
العراق عليهم
معن بن أحمر النميري ، ثم إلى
هشام ، فاجتاز
بيوسف بن عمر وقال له : يابن أحمر أيغلبكم الأقطع على سلطانكم يا معشر
قيس ! قال : قد كان ذاك ، فأمره أن يعيبه عند
هشام ، فقال : كيف أعيبه مع بلائه وآثاره الجميلة عندي وعند قومي ؟ فلم يزل به ، قال : فبم أعيبه ؟ أعيب تجربته أم طاعته أم يمن نقيبته أو سياسته ؟ قال : عبه بالكبر .
فلما دخل على
هشام ذكر جند
خراسان ونجدتهم وطاعتهم ، فقال : إلا أنهم ليس لهم قائد . قال : ويحك ! فما فعل الكناني ؟ يعني
نصرا . قال : له بأس ورأي إلا أنه لا يعرف الرجل ولا يسمع صوته حتى يدنى منه ، وما يكاد يفهم منه من الضعف لأجل كبره ، فقال
شبيل بن عبد الرحمن المازني : كذب والله ، إنه ليس بالشيخ يخشى خرفه ، ولا الشاب يخشى سفهه ، [ بل هو ] المجرب وقد ولي عامة ثغور
خراسان وحروبها قبل ولايته . فعلم
هشام أن قول
معن بوضع
يوسف ، فلم يلتفت إلى قوله .
فرجع
معن إلى
يوسف ، فسأله أن يحول ابنه عن
خراسان ، ففعل ، فأرسل فأحضر أهله ، وكان
نصر لما قدم
خراسان قد آثر معنا وأعلى منزلته ، وشفعه في حوائجه ، فلما فعل هذا أجفى القيسية فحضروا عنده واعتذروا إليه .
وحج بالناس هذه السنة
يزيد بن هشام بن عبد الملك . وكان العمال في الأمصار هم العمال في السنة التي قبلها .
[ الوفيات ]
وفيها
مات nindex.php?page=showalam&ids=17036محمد بن واسع الأزدي البصري ، وقيل : سنة سبع وعشرين .
[ ص: 276 ] وفيها توفي
nindex.php?page=showalam&ids=11937جعفر بن إياس ، وفيها مات
nindex.php?page=showalam&ids=15603ثابت البناني ، وقيل : سنة سبع وعشرين ، وله ست وثمانون سنة . وفيها توفي
nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد بن أبي سعيد المقبري ، واسم
أبي سعيد كيسان ، وقيل : مات سنة خمس وعشرين ، وقيل : ست وعشرين .
nindex.php?page=showalam&ids=16871ومالك بن دينار الزاهد .