[ ص: 277 ] 124
ثم دخلت سنة أربع وعشرين ومائة
ذكر
ابتداء أمر nindex.php?page=showalam&ids=12149أبي مسلم الخراساني قد اختلف الناس في
أبي مسلم ، فقيل : كان حرا ، واسمه
إبراهيم بن عثمان بن بشار بن سدوس بن جودزده من ولد
بزرجمهر ، ويكنى
أبا إسحاق ، ولد
بأصبهان ، ونشأ
بالكوفة ، وكان أبوه أوصى إلى
عيسى بن موسى السراج فحمله إلى
الكوفة وهو ابن سبع سنين ، فلما اتصل
nindex.php?page=showalam&ids=12351بإبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الإمام قال له : غير اسمك فإنه لا يتم لنا الأمر إلا بتغيير اسمك على ما وجدته في الكتب ، فسمى نفسه
عبد الرحمن بن مسلم ، ويكنى
أبا مسلم ، فمضى لشأنه وله ذؤابة وهو على حمار بإكاف وله تسع عشرة سنة ، وزوجه
إبراهيم الإمام ابنة
عمران بن إسماعيل الطائي المعروف بأبي النجم ، وهي
بخراسان مع أبيها ، فبنى بها
أبو مسلم بخراسان ، وزوج
أبو مسلم ابنته
فاطمة من
محرز بن إبراهيم ، وابنته الأخرى
أسماء من
فهم بن محرز ، فأعقبت
أسماء ولم تعقب
فاطمة ،
وفاطمة هي التي تذكرها
الخرمية .
ثم إن
nindex.php?page=showalam&ids=16046سليمان بن كثير ومالك بن الهيثم ولاهز بن قريظ وقحطبة بن شبيب توجهوا من
خراسان يريدون
مكة سنة أربع وعشرين ومائة ، فلما دخلوا
الكوفة أتوا
عاصم بن يونس العجلي وهو في الحبس ، قد اتهم بالدعاء إلى ولد
العباس ومعه
عيسى وإدريس ابنا معقل العجليان ، وهذا
إدريس هو جد
أبي دلف العجلي ، وكان حبسهما
nindex.php?page=showalam&ids=17407يوسف بن عمر مع من حبس من عمال
nindex.php?page=showalam&ids=14998خالد القسري ومعهما
أبو مسلم يخدمهما قد اتصل بهما ، فرأوا فيه العلامات فقالوا : لمن هذا الفتى ؟ فقالا : غلام معنا من السراجين يخدمنا ، وكان
أبو مسلم يسمع
عيسى وإدريس يتكلمان في هذا الرأي ، فإذا سمعهما بكى ، فلما رأوا ذلك منه دعوه إلى رأيهم فأجاب .
[ ص: 278 ] وقيل : إنه من أهل ضياع
بني معقل العجلية
بأصبهان أو غيرها من الجبل ، وكان اسمه
إبراهيم ، ويلقب
حيكان ، وإنما سماه
عبد الرحمن وكناه
أبا مسلم إبراهيم الإمام ، وكان مع
أبي موسى السراج صاحبه يخرز الأعنة ويعمل السروج ، وله معرفة بصناعة الأدم والسروج ، فكان يحملها إلى
أصبهان والجبال
والجزيرة والموصل ونصيبين وآمد وغيرها يتجر فيها .
وكان
عاصم بن يونس العجلي وإدريس وعيسى ابنا معقل محبوسين ، فكان
أبو مسلم يخدمهم في الحبس بتلك العلامة ، فقدم
nindex.php?page=showalam&ids=16046سليمان بن كثير ولاهز وقحطبة الكوفة فدخلوا على
عاصم ، فرأوا
أبا مسلم عنده ، فأعجبهم ، فأخذوه ، وكتب
أبو موسى السراج معه كتابا إلى
إبراهيم الإمام ، فلقوه
بمكة ، فأخذ
أبا مسلم فكان يخدمه .
ثم إن هؤلاء النقباء قدموا على
إبراهيم الإمام مرة أخرى يطلبون رجلا يتوجه معهم إلى
خراسان . فكان هذا نسب
أبي مسلم على قول من يزعم أنه حر . فلما تمكن وقوي أمره ادعى أنه من ولد
سليط بن عبد الله بن عباس .
وكان من حديث
سليط بن عبد الله بن عباس أنه كانت له جارية مولدة صفراء تخدمه ، فواقعها مرة ولم يطلب ولدها ثم تركها دهرا ، فاغتنمت ذلك فاستنكحت عبدا من عبيد
المدينة فوقع عليها ، فحبلت وولدت غلاما ، فحدها
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس واستعبد ولدها وسماه
سليطا ، فنشأ جلدا ظريفا يخدم
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وكان له من
nindex.php?page=showalam&ids=15490الوليد بن عبد الملك منزلة ، فادعى أنه ولد
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس ووضعه على أمر
الوليد لما كان في نفسه من
nindex.php?page=showalam&ids=16629علي بن عبد الله بن عباس وأمره بمخاصمة
علي ، فخاصمه واحتال في شهود على إقرار
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس بأنه ابنه ، فشهدوا بذلك عند قاضي
دمشق ، فتحامل القاضي اتباعا لرأي
الوليد فأثبت نسبه .
ثم إن
سليطا خاصم
علي بن عبد الله في الميراث حتى لقي منه
علي أذى شديدا ، وكان مع
علي رجل من ولد
nindex.php?page=showalam&ids=96أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منقطعا إليه يقال له
عمر الدن ، فقال
لعلي يوما : لأقتلن هذا الكلب وأريحك منه ، فنهاه
علي عن ذلك وتهدده بالقطيعة ورفق على
سليط حتى كف عنه .
ثم إن
سليطا دخل مع
علي بستانا له بظاهر
دمشق ، فنام
علي فجرى بين
عمر الدن [ ص: 279 ] وسليط كلام ، فقتله
عمر ودفنه في البستان ، وأعانه عليه مولى
لعلي وهربا ، وكان
لسليط صاحب قد عرف دخوله البستان ففقده فأتى
أم سليط فأخبرها ، وفقد
علي أيضا
عمر الدن ومولاه ، فسأل عنهما وعن
سليط فلم يخبره أحد ، وغدت
أم سليط إلى باب
الوليد فاستغاثت على
علي ، فأتى
الوليد من ذلك ما أحب ، فأحضر
عليا وسأله عن
سليط ، فحلف أنه لم يعرف خبره وأنه لم يأمر فيه بأمر ، فأمره بإحضار
عمر الدن ، فحلف بالله أنه لم يعرف موضعه ، فأمر
الوليد بإرسال الماء في أرض البستان ، فلما انتهى إلى موضع الحفرة التي فيها
سليط انخسفت وأخرج منها
سليط ، فأمر
الوليد بعلي فضرب وأقيم في الشمس ، وألبس جبة صوف ليخبره خبر
سليط ويدله على
عمر الدن ، فلم يكن عنده علم ، ثم شفع فيه
عباس بن زياد فأخرج إلى
الحميمة ، وقيل إلى
الحجر ، فأقام به حتى هلك
الوليد وولي
سليمان ، فرده إلى
دمشق .
وكان هذا مما عده
المنصور على
أبي مسلم حين قتله ، وقال له : زعمت أنك ابن
سليط ولم ترض حتى نسبت إلى
عبد الله غير ولده ، لقد ارتقيت مرتقى صعبا .
وكان سبب موجدة
الوليد على
علي بن عبد الله أن أباه
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان طلق امرأته
أم ابنها ابنة عبد الله بن جعفر ، فتزوجها
علي ، فتغير له
عبد الملك وأطلق لسانه فيه وقال : إنما صلاته رياء ، وسمع
الوليد ذلك من أبيه فبقي في نفسه .
وقيل : إن
أبا مسلم كان عبدا ، وكان سبب انتقاله إلى
بني العباس أن
بكير بن ماهان كان كاتبا لبعض عمال
السند فقدم
الكوفة ، فاجتمع هو وشيعة
بني العباس ، فغمز بهم ، فأخذوا ، فحبس
بكير وخلي عن الباقين ، وكان في الحبس
يونس أبو عاصم وعيسى بن معقل العجلي ومعه
أبو مسلم يخدمه ، فدعاهم
بكير إلى رأيه ، فأجابوه ، فقال
لعيسى بن معقل : ما هذا الغلام منك ؟ قال : مملوك . قال : أتبيعه ؟ قال : هو لك . قال : أحب أن تأخذ ثمنه . قال : هو لك بما شئت ، فأعطاه أربعمائة درهم ، ثم خرجوا من السجن ، فبعث به
بكير إلى
إبراهيم الإمام ، فدفعه
إبراهيم إلى
أبي موسى السراج ، فسمع منه وحفظ ثم سار مترددا إلى
خراسان .
وقيل : إنه كان لبعض
أهل هراة أو
بوشنج ، فقدم مولاه على
إبراهيم الإمام وأبو مسلم معه ، فأعجبه عقله فابتاعه منه وأعتقه ومكث عنده عدة سنين ، وكان يتردد بكتب إلى
خراسان على حمار له ، ثم وجهه أميرا على شيعتهم
بخراسان وكتب إلى من بها
[ ص: 280 ] منهم بالسمع والطاعة ، وكتب إلى
أبي سلمة الخلال داعيتهم ووزيرهم
بالكوفة يعلمه أنه قد أرسل
أبا مسلم ويأمره بإنفاذه إلى
خراسان . فسار إليها فنزل على
nindex.php?page=showalam&ids=16046سليمان بن كثير ، وكان من أمره ما نذكره سنة سبع وعشرين ومائة إن شاء الله تعالى .
وقد كان
أبو مسلم رأى رؤيا قبل ذلك استدل بها على ملك
خراسان فظهر أمرها ، فلما ورد
نيسابور نزل
بوناباذ ، وكانت عامرة ، فتحدث صاحب الخان الذي نزله
أبو مسلم بذلك وقال : إن هذا يزعم أنه يلي
خراسان .
فخرج
أبو مسلم لبعض حاجته ، فعمد بعض المجان فقطع ذنب حماره ، فلما عاد قال لصاحب الخان : من فعل هذا بحماري ؟ قال : لا أدري ! قال : ما اسم هذه المحلة ؟ قال :
بوناباذ . قال : إن لم أصيرها
كنداباذ فلست
بأبي مسلم . فلما ولي
خراسان أخربها .