ذكر دخول
أبي حمزة المدينة
وفي هذه السنة دخل
أبو حمزة المدينة ثالث عشر صفر ، ومضى
عبد الواحد منها إلى
الشام ، وكان
أبو حمزة قد أعذر إليهم وقال لهم : ما لنا بقتالكم حاجة ، دعونا نمض إلى عدونا . فأبى أهل
المدينة ، فلقيهم فقتل منهم خلقا كثيرا ، ودخل
المدينة فرقي المنبر وخطبهم وقال لهم : يا أهل
المدينة ! مررت زمان
الأحول ، يعني
nindex.php?page=showalam&ids=17243هشام بن عبد الملك ، وقد أصاب ثماركم عاهة فكتبتم إليه تسألونه أن يضع عنكم خراجكم ففعل ، فزاد الغني غنى والفقير فقرا ، فقلتم له : جزاك الله خيرا ، فلا جزاكم الله خيرا ولا جزاه خيرا ! واعلموا يا أهل
المدينة أنا لم نخرج من ديارنا أشرا ولا بطرا ولا عبثا ولا لدولة ملك نريد أن نخوض فيه ، ولا لثأر قديم نيل منا ، ولكنا لما رأينا مصابيح الحق قد عطلت ، وعنف القائل بالحق ، وقتل القائم بالقسط ، ضاقت علينا الأرض بما رحبت ، وسمعنا داعيا يدعو إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن ، فأجبنا داعي الله ،
ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض ، فأقبلنا من قبائل شتى ، ونحن قليلون مستضعفون في الأرض ، فآوانا وأيدنا بنصره فأصبحنا بنعمته إخوانا ، ثم لقينا رجالكم [
بقديد ] فدعوناهم إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن ، فدعونا إلى طاعة الشيطان وحكم
بني مروان ، فشتان لعمر الله ما بين الغي والرشد ، ثم أقبلوا يهرعون وقد ضرب الشيطان فيهم بجرانه وغلت بدمائهم مراجله وصدق عليهم ظنه ، وأقبل أنصار الله - عز وجل - عصائب وكتائب بكل مهند ذي رونق ، فدارت رحانا واستدارت رحاهم بضرب يرتاب به المبطلون ، وأنتم يا أهل
المدينة إن تنصروا
مروان وآل مروان يسحتكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا
ويشف صدور قوم مؤمنين . يا أهل
المدينة أولكم خير أول ، وآخركم شر آخر ! يا أهل
المدينة أخبروني عن ثمانية أسهم فرضها الله - عز وجل - في كتابه على القوي والضعيف ، فجاء تاسع ليس له فيها سهم فأخذها لنفسه مكابرا محاربا ربه .
[ ص: 385 ] يا أهل
المدينة بلغني أنكم تنتقصون أصحابي ! قلتم شباب أحداث وأعراب حفاة ! ويحكم ! وهل كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا شبابا أحداثا وأعرابا حفاة ؟ [ هم ] والله مكتهلون في شبابهم ، غضيضة عن الشر أعينهم ، ثقيلة عن الباطل أقدامهم . وأحسن السيرة مع أهل
المدينة واستمال حتى سمعوه يقول : من زنى فهو كافر ، ومن سرق فهو كافر ، ومن شك في كفرهما فهو كافر .
وأقام
أبو حمزة بالمدينة ثلاثة أشهر .