[ ص: 18 ] ذكر
قتل nindex.php?page=showalam&ids=17068مروان بن محمد بن مروان بن الحكم
وفي هذه السنة قتل
مروان بن محمد ، وكان قتله
ببوصير ، من أعمال
مصر ، لثلاث بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائة .
وكان
مروان لما هزمه
nindex.php?page=showalam&ids=16451عبد الله بن علي بالزاب أتى مدينة
الموصل وعليها
هشام بن عمرو التغلبي ،
وبشر بن خزيمة الأسدي فقطعا الجسر ، فناداهم أهل
الشام : هذا أمير المؤمنين
مروان ! فقالوا : كذبتم ، أمير المؤمنين لا يفر ! وسبه أهل
الموصل ، وقالوا : يا
جعدي ! يا معطل الحمد لله الذي أزال سلطانكم وذهب بدولتكم ! الحمد لله الذي أتانا بأهل بيت نبينا ! فلما سمع ذلك سار إلى بلد فعبر
دجلة وأتى
حران ، وبها ابن أخيه
أبان بن يزيد بن محمد بن مروان عامله عليها ، فأقام بها نيفا وعشرين يوما .
وسار
nindex.php?page=showalam&ids=16451عبد الله بن علي حتى أتى
الموصل ، فدخلها وعزل عنها
هشاما ، واستعمل عليها
محمد بن صول ، ثم سار في أثر
مروان بن محمد ، فلما دنا منه
عبد الله حمل
مروان أهله وعياله ومضى منهزما ، وخلف بمدينة
حران ابن أخيه
nindex.php?page=showalam&ids=11792أبان بن يزيد ، وتحته
أم عثمان ابنة مروان .
وقدم
nindex.php?page=showalam&ids=16451عبد الله بن علي حران ، فلقيه
أبان مسودا مبايعا له ، فبايعه ودخل في طاعته ، فآمنه ومن كان
بحران والجزيرة .
ومضى
مروان إلى
حمص ، فلقيه أهلها بالسمع والطاعة ، فأقام بها يومين أو ثلاثة ثم سار منها . فلما رأوا قلة من معه طمعوا فيه ، وقالوا : مرعوب منهزم ، فاتبعوه بعدما رحل عنهم فلحقوه على أميال .
فلما رأى غبرة الخيل كمن لهم ، فلما جاوزوا الكمين صافهم
مروان فيمن معه وناشدهم ، فأبوا إلا قتاله ، فقاتلهم وأتاهم الكمين من خلفهم ، فانهزم أهل حمص وقتلوا حتى انتهوا إلى قريب
المدينة .
وأتى
مروان دمشق وعليها
الوليد بن معاوية بن مروان ، فخلفه بها وقال : قاتلهم حتى يجتمع أهل
الشام . ومضى
مروان حتى أتى
فلسطين فنزل
نهر أبي فطرس ، وقد غلب على
فلسطين الحكم بن ضبعان الجذامي ، فأرسل
مروان إلى
عبد الله بن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي فأجاره ، وكان بيت المال في يد
الحكم .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=14485السفاح قد كتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16451عبد الله بن علي يأمره باتباع
مروان ، فسار حتى أتى
الموصل ، فتلقاه من بها مسودين وفتحوا له
المدينة ، ثم سار إلى
حران ، فتلقاه
nindex.php?page=showalam&ids=11792أبان بن يزيد مسودا ، كما تقدم ، فآمنه وهدم
عبد الله الدار التي حبس فيها
إبراهيم .
ثم سار من
حران إلى
منبج ، وقد سودوا ، فأقام بها ، وبعث إليه أهل قنسرين ببيعتهم ، وقدم عليه
[ ص: 19 ] أخوه
nindex.php?page=showalam&ids=16369عبد الصمد بن علي أرسله
nindex.php?page=showalam&ids=14485السفاح مددا له في أربعة آلاف ، فسار بعد قدوم
عبد الصمد بيومين إلى
قنسرين ، وكانوا قد سودوا ، ( فأقام يومين ) ، ثم سار إلى
حمص وبايع أهلها وأقام بها أياما ، ثم سار إلى
بعلبك ، فأقام يومين ، ثم سار فنزل مزة
دمشق ، وهي قرية من قرى الغوطة .
وقدم عليه أخوه
صالح بن علي مددا ، فنزل
مرج عذراء في ثمانية آلاف ، ثم تقدم
عبد الله فنزل على الباب الشرقي ، ونزل
صالح على باب الجابية ، ونزل
أبو عون على باب كيسان ، ونزل
بسام بن إبراهيم على باب الصغير ، ونزل
حميد بن قحطبة على باب توما ،
وعبد الصمد ،
ويحيى بن صفوان والعباس بن يزيد على باب الفراديس ، وفي
دمشق الوليد بن معاوية ، فحصروه ودخلوها عنوة يوم الأربعاء لخمس مضين من رمضان سنة اثنتين وثلاثين ومائة .
وكان أول من صعد سور
المدينة من باب شرقي
عبد الله الطائي ، ومن ناحية باب الصغير
بسام بن إبراهيم ، فقاتلوا بها ثلاث ساعات ، وقتل
الوليد بن معاوية فيمن قتل .
وأقام
nindex.php?page=showalam&ids=16451عبد الله بن علي في
دمشق خمسة عشر يوما ، ثم سار يريد
فلسطين ، فلقيه
أهل الأردن وقد سودوا ، وأتى
نهر أبي فطرس وقد ذهب
مروان ، فأقام
عبد الله بفلسطين ، ونزل
بالمدينة يحيى بن جعفر الهاشمي ، فأتاه كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=14485السفاح يأمره بإرسال
صالح بن علي في طلب
مروان .
فسار
صالح من
نهر أبي فطرس في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، ومعه
ابن فتان ،
وعامر بن إسماعيل ، فقدم
صالح أبا عون ،
وعامر بن إسماعيل الحارثي ، فساروا حتى بلغوا
العريش .
فأحرق
مروان ما كان حوله من علف وطعام .
وسار
صالح فنزل النيل ، ثم سار حتى أتى الصعيد ، وبلغه أن خيلا
لمروان يحرقون الأعلاف فوجه إليهم فأخذوا ، وقدم بهم على
صالح وهو
بالفسطاط ، وسار فنزل موضعا يقال له
ذات السلاسل .
وقدم
أبو عون عامر بن إسماعيل الحارثي ،
وشعبة بن كثير المازني في خيل أهل
الموصل ، فلقوا خيلا
لمروان ، فهزموهم وأسروا منهم رجالا ، فقتلوا بعضا واستحيوا بعضا ، فسألوهم عن
مروان فأخبروهم بمكانه على أن يؤمنوهم .
وساروا فوجدوه نازلا في كنيسة في
بوصير ، فوافوه ليلا ، وكان أصحاب
أبي عون قليلين ، فقال لهم
عامر بن إسماعيل : إن أصبحنا ورأوا قلتنا أهلكونا ولم ينج منا أحد .
وكسر جفن سيفه وفعل أصحابه مثله ، وحملوا على أصحاب
مروان فانهزموا ، وحمل رجل على
مروان فطعنه وهو لا يعرفه ، وصاح صائح : صرع أمير المؤمنين ! فابتدروه فسبق إليه رجل من
[ ص: 20 ] أهل
الكوفة كان يبيع الرمان فاحتز رأسه ، فأخذه
عامر فبعث به إلى
أبي عون ، وبعثه
أبو عون إلى
صالح .
فلما وصل إليه أمر أن يقص لسانه ، فانقطع لسانه ، فأخذه هر ، فقال
صالح : ماذا ترينا الأيام من العجائب والعبر ! هذا لسان
مروان قد أخذه هر .
وقال شاعر :
قد فتح الله مصرا عنوة لكم وأهلك الفاجر الجعدي إذ ظلما فلاك مقوله هر يجرره
وكان ربك من ذي الكفر منتقما
وسيره
صالح إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14485أبي العباس السفاح .
وكان قتله لليلتين بقيتا من ذي الحجة ، ورجع
صالح إلى
الشام ، وخلف
أبا عون بمصر وسلم إليه السلاح والأموال والرقيق .
ولما وصل الرأس إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14485السفاح كان
بالكوفة ، فلما رآه سجد ثم رفع رأسه فقال : الحمد لله الذي أظهرني عليك وأظفرني بك ، ولم يبق ثأري قبلك ، وقبل رهطك أعداء الدين ! وتمثل :
لو يشربون دمي لم يرو شاربهم ولا دماؤهم للغيظ ترويني
ولما قتل
مروان هرب ابناه
عبد الله وعبيد الله إلى
أرض الحبشة ، فلقوا من
الحبشة بلاء ، قاتلهم
الحبشة فقتل
عبيد الله ونجا
عبد الله في عدة ممن معه ، فبقي إلى خلافة
المهدي ، فأخذه
نصر بنمحمد بن الأشعث ، عامل
فلسطين ، فبعث به إلى
المهدي .
ولما قتل
مروان قصد
عامر الكنيسة التي فيها حرم
مروان ، وكان قد وكل بهن خادما ، وأمره أن يقتلهن بعده ، فأخذه
عامر وأخذ نساء
مروان وبناته ، فسيرهن إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16213صالح بن علي بن عبد الله بن عباس .
فلما دخلن عليه تكلمت ابنة مروان الكبرى ، فقالت : يا عم أمير
[ ص: 21 ] المؤمنين ! حفظ الله لك من أمرك ما تحب حفظه ، نحن بناتك وبنات أخيك ، وابن عمك فليسعنا من عفوكم ما وسعكم من جورنا .
قال : والله لا أستبقي منكم واحدا ! ألم يقتل أبوك ابن أخي
إبراهيم الإمام ؟ ألم يقتل
nindex.php?page=showalam&ids=17243هشام بن عبد الملك nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي بن الحسين ، وصلبه في
الكوفة ؟ ألم يقتل
الوليد بن يزيد يحيى بن زيد ، وصلبه
بخراسان ؟ ألم يقتل
ابن زياد الدعي مسلم بن عقيل ؟ ألم يقتل
nindex.php?page=showalam&ids=17374يزيد بن معاوية الحسين بن علي وأهل بيته ؟ ألم يخرج إليه بحرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبايا فوقفهن موقف السبي ؟ ألم يحمل رأس
الحسين وقد قرع دماغه ؟ فما الذي يحملني على الإبقاء عليكن ؟ ! قالت : فليسعنا عفوكم ! فقال : أما هذا فنعم ، وإن أحببت زوجتك ابني الفضل ! فقالت : وأي عز خير من هذا ! بل تلحقنا
بحران . فحملهن إليها ، فلما دخلنها ورأين منازل
مروان رفعن أصواتهن بالبكاء .
قيل : كان يوما
بكير بن ماهان مع أصحابه قبل أن يقتل
مروان يتحدث ، إذ مر به
عامر بن إسماعيل وهو لا يعرفه ، فأتى
دجلة واستقى من مائها ثم رجع ، فدعاه
بكير ، فقال : ما اسمك يا فتى ؟ قال :
عامر بن إسماعيل بن الحارث . قال : فكن [ من ]
بني مسلية . قال : فأنا منهم . قال : أنت والله تقتل
مروان ! فكان هذا القول هو الذي قوى طمع
عامر في قتل
مروان .
ولما قتل
مروان كان عمره اثنتين وستين سنة ، وقيل : تسعا وستين سنة ، وكانت ولايته من حين بويع إلى أن قتل خمس سنين وعشرة أشهر وستة عشر يوما ، وكان يكنى
أبا عبد الملك .
وكانت أمه أم ولد كردية ، كانت
nindex.php?page=showalam&ids=12361لإبراهيم بن الأشتر ، أخذها
محمد بن مروان يوم قتل
إبراهيم ، فولدت
مروان ، فلهذا قال
عبد الله بن عياش المنتوف للسفاح : الحمد لله الذي أبدلنا بحمار
الجزيرة وابن أمة النخع ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن عبد المطلب .
وكان
مروان يلقب بالحمار ،
والجعدي لأنه تعلم من
nindex.php?page=showalam&ids=14005الجعد بن درهم مذهبه في
[ ص: 22 ] القول بخلق القرآن والقدر وغير ذلك .
وقيل : إن
الجعد كان زنديقا ، وعظه
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران فقال : لشاه قباذ أحب إلي مما تدين به . فقال له : قتلك الله ، وهو قاتلك ، وشهد عليه
ميمون ، وطلبه
هشام فظفر به ، وسيره إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14998خالد القسري فقتله ، فكان الناس يذمون
مروان بنسبته إليه .
وكان
مروان أبيض أشهل شديد الشهلة ، ضخم الهامة ، كث اللحية أبيضها ، ربعة ، وكان شجاعا حازما ، إلا أن مدته انقضت فلم ينفعه حزمه ولا شجاعته .
(
عياش بالياء تحتها نقطتان ، والشين المعجمة ) .