فصل في
هديه صلى الله عليه وسلم في عيادة المرضى
كان صلى الله عليه وسلم يعود من مرض من أصحابه ، وعاد غلاما كان يخدمه من أهل الكتاب ، وعاد عمه وهو مشرك وعرض عليهما الإسلام فأسلم اليهودي ولم يسلم عمه .
وكان يدنو من المريض ، ويجلس عند رأسه ويسأله عن حاله فيقول ( كيف تجدك ؟ )
وذكر أنه كان يسأل المريض عما يشتهيه ، فيقول : ( هل تشتهي شيئا ؟ ) فإن اشتهى شيئا وعلم أنه لا يضره أمر له به .
[ ص: 476 ] وكان يمسح بيده اليمنى على المريض ويقول (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000774اللهم رب الناس أذهب البأس ، واشفه أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما )
وكان يقول : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000775امسح البأس رب الناس ، بيدك الشفاء ، لا كاشف له إلا أنت ) .
وكان يدعو للمريض ثلاثا كما قاله
لسعد : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000776اللهم اشف سعدا ، اللهم اشف سعدا ، اللهم اشف سعدا )
وكان
إذا دخل على المريض يقول له : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=16000777لا بأس طهور إن شاء الله )
وربما كان يقول : ( كفارة وطهور ) . وكان يرقي من به قرحة ، أو جرح أو شكوى ، فيضع سبابته بالأرض ، ثم يرفعها ويقول : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000778بسم الله ، تربة أرضنا ، بريقة بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا ) هذا في " الصحيحين " ، وهو يبطل اللفظة التي جاءت في حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ، وأنهم لا يرقون ولا يسترقون . فقوله في الحديث " لا يرقون " غلط من الراوي ، سمعت شيخ الإسلام
ابن تيمية يقول ذلك . قال : وإنما الحديث "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000779هم الذين لا يسترقون " . قلت : وذلك لأن هؤلاء دخلوا الجنة بغير حساب ،
[ ص: 477 ] لكمال توحيدهم ، ولهذا نفى عنهم الاسترقاء ، وهو سؤال الناس أن يرقوهم . ولهذا قال (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000780وعلى ربهم يتوكلون ) ، فلكمال توكلهم على ربهم وسكونهم إليه ، وثقتهم به ، ورضاهم عنه ، وإنزال حوائجهم به لا يسألون الناس شيئا لا رقية ولا غيرها ، ولا يحصل لهم طيرة تصدهم عما يقصدونه ، فإن الطيرة تنقص التوحيد وتضعفه .
قال : والراقي متصدق محسن ، والمسترقي سائل والنبي صلى الله عليه وسلم رقى ، ولم يسترق ، وقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000781من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه )
فإن قيل : فما تصنعون بالحديث الذي في " الصحيحين " عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000782كان إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ ( قل هو الله أحد ) و ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس ) ويمسح بهما ما استطاع من جسده ويبدأ بهما على رأسه ووجهه ما أقبل من جسده ، يفعل ذلك ثلاث مرات قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : فلما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان يأمرني أن أفعل ذلك به )
فالجواب : أن هذا الحديث قد روي بثلاثة ألفاظ . أحدها : هذا .
والثاني : أنه كان ينفث على نفسه .
والثالث : قالت كنت أنفث عليه بهن ، وأمسح بيد نفسه لبركتها ، وفي لفظ رابع : كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث ، وهذه الألفاظ يفسر بعضها بعضا . وكان صلى الله عليه وسلم ينفث على نفسه ، وضعفه ووجعه يمنعه من إمرار يده على جسده كله . فكان يأمر
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن تمر يده على جسده بعد نفثه هو ، وليس ذلك من الاسترقاء في شيء
[ ص: 478 ] وهي لم تقل كان يأمرني أن أرقيه ، وإنما ذكرت المسح بيده بعد النفث على جسده ، ثم قالت : كان يأمرني أن أفعل ذلك به ، أي : أن أمسح جسده بيده كما كان هو يفعل .
ولم يكن من هديه عليه الصلاة والسلام أن يخص يوما من الأيام بعيادة المريض ، ولا وقتا من الأوقات بل شرع لأمته عيادة المرضى ليلا ونهارا وفي سائر الأوقات . وفي " المسند " عنه (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000783إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خرفة الجنة حتى يجلس فإذا جلس غمرته الرحمة فإن كان غدوة ، صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي وإن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح ) وفي لفظ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000784ما من مسلم يعود مسلما إلا بعث الله له سبعين ألف ملك يصلون عليه أي ساعة من النهار كانت حتى يمسي ، وأي ساعة من الليل كانت حتى يصبح )
وكان يعود من الرمد وغيره ، وكان أحيانا
يضع يده على جبهة المريض ، ثم يمسح صدره وبطنه ويقول ( اللهم اشفه ) وكان يمسح وجهه أيضا .
(
وكان إذا يئس من المريض قال : إنا لله وإنا إليه راجعون )