فصل (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003228وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها ) ، وهذا التحريم مأخوذ من تحريم الجمع بين الأختين لكن بطريق خفي ، وما حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرمه الله ، ولكن هو مستنبط من دلالة الكتاب .
وكان الصحابة رضي الله عنهم أحرص شيء على استنباط أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن ، ومن ألزم نفسه ذلك ، وقرع بابه ، ووجه قلبه إليه ، واعتنى به بفطرة سليمة ، وقلب ذكي ، رأى السنة كلها تفصيلا للقرآن ، وتبيينا
[ ص: 117 ] لدلالته ، وبيانا لمراد الله منه ، وهذا أعلى مراتب العلم ، فمن ظفر به فليحمد الله ، ومن فاته فلا يلومن إلا نفسه وهمته وعجزه .
واستفيد من تحريم
الجمع بين الأختين وبين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها ، أن كل امرأتين بينهما قرابة لو كان أحدهما ذكرا حرم على الآخر فإنه يحرم الجمع بينهما ، ولا يستثنى من هذا صورة واحدة فإن لم يكن بينهما قرابة لم يحرم الجمع بينهما ، وهل يكره ؟ على قولين : وهذا كالجمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها .
واستفيد من عموم تحريمه سبحانه المحرمات المذكورة : أن كل امرأة حرم نكاحها حرم وطؤها بملك اليمين إلا
إماء أهل الكتاب فإن نكاحهن حرام عند الأكثرين ، ووطؤهن بملك اليمين جائز ، وسوى أبو حنيفة بينهما ، فأباح نكاحهن كما يباح وطؤهن بالملك .
والجمهور : احتجوا عليه بأن الله سبحانه وتعالى إنما أباح نكاح الإماء بوصف الإيمان . فقال تعالى : (
ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم ) [ النساء : 25 ] . وقال تعالى : (
ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ) [ البقرة : 221 ] . خص ذلك بحرائر أهل الكتاب ، بقي الإماء على قضية التحريم ، وقد فهم
عمر رضي الله عنه وغيره من الصحابة إدخال الكتابيات في هذه الآية فقال : (
لا أعلم شركا أعظم من أن تقول : إن المسيح إلهها ) .
وأيضا فالأصل في الأبضاع الحرمة ، وإنما أبيح نكاح الإماء المؤمنات ، فمن عداهن على أصل التحريم ، وليس تحريمهن مستفادا من المفهوم .
واستفيد من سياق الآية ومدلولها أن كل امرأة حرمت حرمت ابنتها إلا العمة والخالة وحليلة الابن وحليلة الأب وأم الزوجة ، وأن كل الأقارب
[ ص: 118 ] حرام إلا الأربعة المذكورات في سورة الأحزاب ، وهن بنات الأعمام والعمات وبنات الأخوال والخالات .