فصل في
حكمه صلى الله عليه وسلم في العزل .
ثبت في " الصحيحين " : عن (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003241أبي سعيد قال أصبنا سبيا ، فكنا نعزل فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " وإنكم لتفعلون ؟ " قالها ثلاثا . " ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة ) .
وفي السنن عنه (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003242أن رجلا قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لي جارية وأنا أعزل عنها ، وأنا أكره أن تحمل ، وأنا أريد ما يريد الرجال ، وإن اليهود تحدث أن العزل الموءودة الصغرى ، قال : " كذبت يهود لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه ) .
[ ص: 129 ] وفي " الصحيحين " : عن (
جابر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003243كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل ) .
وفي " صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " عنه (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003244كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا ) .
وفي " صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " أيضا : عنه قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003245سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن عندي جارية ، وأنا أعزل عنها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ذلك لا يمنع شيئا أراده الله " . قال : فجاء الرجل فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الجارية التي كنت ذكرتها لك حملت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا عبد الله ورسوله ) .
وفي " صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " أيضا : عن (
nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد nindex.php?page=hadith&LINKID=16003246أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أعزل عن امرأتي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لم تفعل ذلك ؟ " فقال الرجل : أشفق على ولدها ، أو قال على أولادها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو كان ضارا ضر فارس والروم ) .
وفي " مسند
أحمد " و " سنن
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه " من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003247نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها ) .
وقال
أبو داود : سمعت
أبا عبد الله ذكر حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15632جعفر بن ربيعة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
المحرر بن أبي هريرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه
[ ص: 130 ] قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003248لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها ) فقال ما أنكره .
فهذه الأحاديث صريحة في
جواز العزل ، وقد رويت الرخصة فيه عن عشرة من الصحابة
علي nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص وأبي أيوب nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت وجابر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس والحسن بن علي nindex.php?page=showalam&ids=211وخباب بن الأرت nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد الخدري nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود رضي الله عنهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وجاءت الإباحة للعزل صحيحة عن
جابر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود رضي الله عنهم وهذا هو الصحيح .
وحرمه جماعة منهم
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد ابن حزم وغيره .
وفرقت طائفة بين أن تأذن له الحرة ، فيباح أو لا تأذن فيحرم ، وإن كانت زوجته أمة أبيح بإذن سيدها ، ولم يبح بدون إذنه ، وهذا منصوص
أحمد ، ومن أصحابه من قال : لا يباح بحال . ومنهم من قال : يباح بكل حال . ومنهم من قال : يباح بإذن الزوجة حرة كانت أو أمة ولا يباح بدون إذنها حرة كانت أو أمة .
فمن أباحه مطلقا احتج بما ذكرنا من الأحاديث ، وبأن حق المرأة في ذوق العسيلة لا في الإنزال ، ومن حرمه مطلقا احتج بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في " صحيحه " من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها عن (
جدامة بنت وهب أخت عكاشة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003249حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم - في أناس فسألوه عن العزل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذلك الوأد الخفي " وهي ( وإذا الموءودة سئلت ) ) قالوا : وهذا ناسخ لأخبار الإباحة فإنه ناقل عن الأصل وأحاديث الإباحة على وفق البراءة الأصلية ، وأحكام الشرع ناقلة عن البراءة الأصلية . قالوا : وقول
جابر رضي الله عنه (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003250كنا نعزل والقرآن ينزل فلو كان شيئا ينهى عنه لنهى عنه القرآن ) .
[ ص: 131 ] فيقال : قد نهى عنه من أنزل عليه القرآن بقوله (
إنه الموءودة الصغرى ) والوأد كله حرام . قالوا : وقد فهم
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري النهي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري رضي الله عنه لما ذكر العزل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003252لا عليكم ألا تفعلوا ذاكم فإنما هو القدر ) .
قال
ابن عون : فحدثت به
الحسن فقال : والله لكأن هذا زجر . قالوا : ولأن فيه قطع النسل المطلوب من النكاح وسوء العشرة وقطع اللذة عند استدعاء الطبيعة لها .
قالوا : ولهذا كان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه لا يعزل ، وقال : ( لو علمت أن أحدا من ولدي يعزل لنكلته ) ، وكان
علي يكره العزل ذكره
شعبة عن
عاصم عن
زر عنه . وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال في العزل : هو الموءودة الصغرى . وصح عن
أبي أمامة أنه سئل عنه ، فقال : ( ما كنت أرى مسلما يفعله ) وقال
نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ( ضرب
عمر على العزل بعض بنيه ) .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال : ( كان
عمر وعثمان ينهيان عن العزل ) .
وليس في هذا ما يعارض أحاديث الإباحة مع صراحتها وصحتها ، أما حديث
جدامة بنت وهب ، فإنه وإن كان رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، فإن الأحاديث الكثيرة على خلافه ، وقد قال
أبو داود : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17173موسى بن إسماعيل ، حدثنا
أبان ، حدثنا
يحيى أن
محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان حدثه أن
رفاعة حدثه عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003253أن رجلا قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لي جارية وأنا أعزل عنها ، وأنا أكره أن تحمل ، وأنا أريد ما يريد الرجال ، وإن اليهود تحدث أن العزل الموءودة الصغرى . قال : " كذبت يهود لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه ) .
وحسبك بهذا الإسناد صحة فكلهم ثقات حفاظ وقد أعله بعضهم بأنه
[ ص: 132 ] مضطرب فإنه اختلف فيه على
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، فقيل عنه عن
محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ومن هذه الطريق أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي .
وقيل : فيه عن
أبي مطيع بن رفاعة ، وقيل : عن
أبي رفاعة وقيل عن
أبي سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وهذا لا يقدح في الحديث ، فإنه قد يكون عند
يحيى ، عن
محمد بن عبد الرحمن ، عن
جابر ، وعنده عن
nindex.php?page=showalam&ids=13030ابن ثوبان ، عن
أبي سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وعنده عن
nindex.php?page=showalam&ids=13030ابن ثوبان ، عن
رفاعة عن
أبي سعيد . ويبقى الاختلاف في اسم
أبي رفاعة ، هل هو
أبو رافع ، أو
ابن رفاعة أو
أبو مطيع ؟ وهذا لا يضر مع العلم بحال
رفاعة .
ولا ريب أن أحاديث
جابر صريحة صحيحة في جواز العزل وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : ونحن نروي عن عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رخصوا في ذلك ولم يروا به بأسا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وقد روينا الرخصة فيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=50وأبي أيوب الأنصاري nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وغيرهم ، وهو مذهب
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأهل الكوفة وجمهور أهل العلم .
وقد أجيب عن حديث
جدامة بأنه على طريق التنزيه وضعفته طائفة ، وقالوا : كيف يصح أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم كذب
اليهود في ذلك ثم يخبر به كخبرهم ؟! هذا من المحال البين ، وردت عليه طائفة أخرى ، وقالوا : حديث تكذيبهم فيه اضطراب وحديث
جدامة في " الصحيح " .
وجمعت طائفة أخرى بين الحديثين ، وقالت : إن
اليهود كانت تقول : إن العزل لا يكون معه حمل أصلا ، فكذبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003254لو أراد الله أن يخلقه لما استطعت أن تصرفه ) ، وقوله : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003255إنه الوأد الخفي ) فإنه وإن لم يمنع الحمل بالكلية كترك الوطء فهو مؤثر في تقليله .
[ ص: 133 ] وقالت طائفة أخرى : الحديثان صحيحان ، ولكن حديث التحريم ناسخ ، وهذه طريقة
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبي محمد ابن حزم وغيره . قالوا : لأنه ناقل عن الأصل ، والأحكام كانت قبل التحريم على الإباحة ، ودعوى هؤلاء تحتاج إلى تاريخ محقق يبين تأخر أحد الحديثين عن الآخر وأنى لهم به وقد اتفق
عمر وعلي رضي الله عنهما على أنها لا تكون موءودة حتى تمر عليها التارات السبع ، فروى
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى وغيره بإسناده عن
عبيد بن رفاعة عن أبيه قال : ( جلس إلى
عمر علي والزبير وسعد رضي الله عنهم في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتذاكروا العزل ، فقالوا : لا بأس به فقال : رجل إنهم يزعمون أنها الموءودة الصغرى ، فقال
علي رضي الله عنه :
لا تكون موءودة حتى تمر عليها التارات السبع حتى تكون من سلالة من طين ، ثم تكون نطفة ، ثم تكون علقة ، ثم تكون مضغة ، ثم تكون عظاما ، ثم تكون لحما ، ثم تكون خلقا آخر ، فقال
عمر رضي الله عنه : صدقت أطال الله بقاءك ) وبهذا احتج من احتج على جواز
الدعاء للرجل بطول البقاء .
وأما من جوزه بإذن الحرة فقال للمرأة حق في الولد كما للرجل حق فيه ، ولهذا كانت أحق بحضانته ، قالوا : ولم يعتبر إذن السرية فيه ؛ لأنها لا حق لها في القسم ولهذا لا تطالبه بالفيئة . ولو كان لها حق في الوطء لطولب المؤلي منها بالفيئة .
قالوا : وأما زوجته الرقيقة فله أن يعزل عنها بغير إذنها صيانة لولده عن الرق ولكن يعتبر إذن سيدها ؛ لأن له حقا في الولد ، فاعتبر إذنه في العزل كالحرة ، ولأن بدل البضع يحصل للسيد كما يحصل للحرة ، فكان إذنه في العزل كإذن الحرة .
قال
أحمد رحمه الله في رواية
أبي طالب في
الأمة إذا نكحها : يستأذن أهلها يعني في العزل ؛ لأنهم يريدون الولد والمرأة لها حق ، تريد الولد وملك يمينه لا يستأذنها .
[ ص: 134 ] وقال في رواية
صالح وابن منصور وحنبل وأبي الحارث والفضل ابن زياد والمروذي : يعزل عن الحرة بإذنها ، والأمة بغير إذنها ، يعني : أمته . وقال في رواية
ابن هانئ : إذا عزل عنها لزمه الولد ، قد يكون الولد مع العزل . وقد قال بعض من قال : ما لي ولد إلا من العزل . وقال في رواية
المروذي : في العزل عن أم الولد إن شاء ، فإن قالت : لا يحل لك ؟ ليس لها ذلك .