فصل
وفي
أمره صلى الله عليه وسلم المختلعة أن تعتد بحيضة واحدة دليل على حكمين : أحدهما : أنه لا يجب عليها ثلاث حيض بل تكفيها حيضة واحدة ، وهذا كما أنه صريح السنة فهو مذهب أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=10718والربيع بنت معوذ وعمها وهو من كبار الصحابة لا يعرف لهم مخالف منهم ، كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع مولى ابن عمر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003330أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=10718الربيع بنت معوذ بن عفراء وهي تخبر nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنها اختلعت من زوجها على عهد nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان ، فجاء عمها إلى nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان فقال له : إن ابنة معوذ اختلعت من زوجها اليوم أفتنتقل ؟ فقال عثمان : ( لتنتقل ولا ميراث بينهما ولا عدة عليها ، إلا أنها لا تنكح حتى تحيض حيضة خشية أن يكون بها حبل ) فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر :
فعثمان خيرنا وأعلمنا ، وذهب إلى هذا المذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه nindex.php?page=showalam&ids=12251والإمام أحمد في رواية عنه ، اختارها شيخ الإسلام
ابن تيمية .
قال من نصر هذا القول : هو مقتضى قواعد الشريعة فإن
العدة إنما جعلت ثلاث حيض ليطول زمن الرجعة ، فيتروى الزوج ويتمكن من الرجعة في مدة العدة ، فإذا لم تكن عليها رجعة ، فالمقصود مجرد براءة رحمها من الحمل وذلك يكفي فيه حيضة ، كالاستبراء . قالوا : ولا ينتقض هذا علينا بالمطلقة ثلاثا ، فإن باب الطلاق جعل حكم العدة فيه واحدا بائنة ورجعية .
قالوا : وهذا دليل على أن
الخلع فسخ وليس بطلاق ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر والربيع وعمها ولا يصح عن صحابي أنه طلاق
[ ص: 180 ] البتة فروى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد عن
سفيان عن
عمرو عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاووس عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهم أنه قال : ( الخلع تفريق وليس بطلاق ) .
وذكر
عبد الرزاق عن
سفيان عن
عمرو عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاووس أن
إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص سأله عن
رجل طلق امرأته تطليقتين ، ثم اختلعت منه أينكحها ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ( نعم ذكر الله الطلاق في أول الآية وآخرها والخلع بين ذلك ) .
فإن قيل كيف تقولون : إنه لا مخالف لمن ذكرتم من الصحابة ، وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
جمهان : أن
أم بكرة الأسلمية كانت تحت
عبد الله بن أسيد واختلعت منه ، فندما فارتفعا إلى
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان فأجاز ذلك ، وقال : ( هي واحدة إلا أن تكون سمت شيئا فهو على ما سمت ) .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16643علي بن هاشم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى عن
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي عن
علقمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : ( لا تكون تطليقة بائنة إلا في فدية أو إيلاء ) .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب فهؤلاء ثلاثة من أجلاء الصحابة رضي الله عنهم .
قيل : لا يصح هذا عن واحد منهم ، أما أثر
عثمان رضي الله عنه ، فطعن فيه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وغيرهما ، قال شيخنا : وكيف يصح عن
عثمان وهو لا يرى فيه عدة ، وإنما يرى الاستبراء فيه بحيضة ؟ فلو كان عنده طلاقا لأوجب فيه العدة وجمهان الراوي لهذه القصة عن
عثمان لا نعرفه بأكثر من أنه مولى الأسلميين .
وأما أثر
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد ابن حزم رويناه من طريق لا
[ ص: 181 ] يصح عن
علي رضي الله عنه . وأمثلها : أثر
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود على سوء حفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ثم غايته إن كان محفوظا أن يدل على أن الطلقة في الخلع تقع بائنة لا أن الخلع يكون طلاقا بائنا وبين الأمرين فرق ظاهر .
والذي يدل على أنه ليس بطلاق أن الله سبحانه وتعالى رتب على الطلاق بعد الدخول الذي لم يستوف عدده ثلاثة أحكام كلها منتفية عن الخلع .
أحدها : أن الزوج أحق بالرجعة فيه .
الثاني : أنه محسوب من الثلاث فلا تحل بعد استيفاء العدد إلا بعد زوج وإصابة .
الثالث أن العدة فيه ثلاثة قروء .
وقد ثبت بالنص والإجماع أنه
لا رجعة في الخلع ، وثبت بالسنة وأقوال الصحابة أن العدة فيه حيضة واحدة ، وثبت بالنص جوازه بعد طلقتين ، ووقوع ثالثة بعده ، وهذا ظاهر جدا في كونه ليس بطلاق ، فإنه سبحانه قال : (
الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) [ البقرة : 229 ] وهذا وإن لم يختص بالمطلقة تطليقتين ، فإنه يتناولها وغيرهما ، ولا يجوز أن يعود الضمير إلى من لم يذكر ، ويخلى منه المذكور ، بل إما أن يختص بالسابق أو يتناوله وغيره .
ثم قال : (
فإن طلقها فلا تحل له من بعد ) وهذا يتناول من طلقت بعد فدية وطلقتين قطعا لأنها هي المذكورة ، فلا بد من دخولها تحت اللفظ ، وهكذا فهم ترجمان القرآن الذي دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلمه الله تأويل القرآن وهي دعوة مستجابة بلا شك .
وإذا كانت أحكام الفدية غير أحكام الطلاق دل على أنها من غير جنسه فهذا مقتضى النص والقياس وأقوال الصحابة ، ثم من نظر إلى حقائق العقود ومقاصدها دون ألفاظها يعد الخلع فسخا بأي لفظ كان حتى بلفظ الطلاق ، وهذا أحد الوجهين لأصحاب
أحمد وهو اختيار شيخنا . قال : وهذا ظاهر كلام
أحمد وكلام
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وأصحابه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة مولى ابن عباس يقول ما أجازه المال فليس بطلاق .
قال
[ ص: 182 ] عبد الله بن أحمد رأيت أبي كان يذهب إلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقال
عمرو عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاووس عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ( الخلع تفريق وليس بطلاق ) وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
ابن طاووس كان أبي لا يرى الفداء طلاقا ويخيره .
ومن اعتبر الألفاظ ووقف معها واعتبرها في أحكام العقود جعله بلفظ الطلاق طلاقا ، وقواعد الفقه وأصوله تشهد أن المرعي في العقود حقائقها ومعانيها لا صورها وألفاظها وبالله التوفيق .
ومما يدل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر
nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس أن يطلق امرأته في الخلع تطليقة ، ومع هذا أمرها أن تعتد بحيضة وهذا صريح في أنه فسخ ، ولو وقع بلفظ الطلاق .
وأيضا فإنه سبحانه علق عليه أحكام الفدية بكونه فدية ، ومعلوم أن الفدية لا تختص بلفظ ، ولم يعين الله سبحانه لها لفظا معينا ، وطلاق الفداء طلاق مقيد ولا يدخل تحت أحكام الطلاق المطلق ، كما لا يدخل تحتها في ثبوت الرجعة والاعتداد بثلاثة قروء بالسنة الثابتة وبالله التوفيق .