فأما المسألة الأولى ، فإن الخلاف في
وقوع الطلاق المحرم لم يزل ثابتا بين السلف والخلف ، وقد وهم من ادعى الإجماع على وقوعه ، وقال بمبلغ علمه ، وخفي عليه من الخلاف ما اطلع عليه غيره ، وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد :
[ ص: 202 ] من ادعى الإجماع فهو كاذب ، وما يدريه لعل الناس اختلفوا .
كيف والخلاف بين الناس في هذه المسألة معلوم الثبوت عن المتقدمين والمتأخرين ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=16988محمد بن عبد السلام الخشني : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16503عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع مولى ابن عمر ، ( عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنه - أنه قال في رجل طلق امرأته وهي حائض: قال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : لا يعتد بذلك ) ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم في " المحلى " بإسناده إليه .
وقال
عبد الرزاق في " مصنفه " : عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، ( عن
ابن طاووس ، عن أبيه أنه قال : كان لا يرى طلاقا ما خالف وجه الطلاق ووجه العدة ، وكان يقول : وجه الطلاق أن يطلقها طاهرا من غير جماع ، وإذا استبان حملها ) .
وقال
الخشني : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17258همام بن يحيى ، عن
قتادة ، ( عن
nindex.php?page=showalam&ids=15826خلاس بن عمرو أنه قال في الرجل يطلق امرأته وهي حائض قال: لا يعتد بها ) ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم : والعجب من جرأة من ادعى الإجماع على خلاف هذا ، وهو لا يجد فيما يوافق قوله في إمضاء الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه كلمة عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - غير رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قد عارضها ما هو أحسن منا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وروايتين ساقطتين عن
عثمان nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت - رضي الله عنهما.
إحداهما : رويناها من طريق
ابن وهب عن
ابن سمعان ، عن رجل أخبره أن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان - رضي الله عنه - كان يقضي في المرأة التي يطلقها زوجها وهي حائض أنها لا تعتد بحيضتها تلك ، وتعتد بعدها بثلاثة قروء .
[ ص: 203 ] قلت :
وابن سمعان هو عبد الله بن زياد بن سمعان الكذاب ، وقد رواه عن مجهول لا يعرف . قال
أبو محمد : والأخرى من طريق
عبد الرزاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، عن
قيس بن سعد مولى أبي علقمة ، عن رجل سماه ، ( عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت أنه قال فيمن طلق امرأته وهي حائض : يلزمه الطلاق ، وتعتد بثلاث حيض سوى تلك الحيضة ) .
قال
أبو محمد : بل نحن أسعد بدعوى الإجماع هاهنا لو استجزنا ما يستجيزون ، ونعوذ بالله من ذلك ، وذلك أنه لا خلاف بين أحد من أهل العلم قاطبة ، ومن جملتهم جميع المخالفين لنا في ذلك أن
الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه بدعة نهى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخالفة لأمره ، فإذا كان لا شك في هذا عندهم ، فكيف يستجيزون الحكم بتجويز البدعة التي يقرون أنها بدعة وضلالة ، أليس بحكم المشاهدة مجيز البدعة مخالفا لإجماع القائلين بأنها بدعة ؟ قال
أبو محمد : وحتى لو لم يبلغنا الخلاف ، لكان القاطع على جميع أهل الإسلام بما لا يقين عنده ولا بلغه عن جميعهم- كاذبا على جميعهم .