الحكم الأول : قوله - صلى الله عليه وسلم - : (
الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة ) ، وهذا الحكم متفق عليه بين الأمة حتى عند من قال : إن الزيادة على النص نسخ ، والقرآن لا
[ ص: 495 ] ينسخ بالسنة ، فإنه اضطر إلى قبول هذا الحكم وإن كان زائدا على ما في القرآن ، سواء سماه نسخا أو لم يسمه ، كما اضطر إلى تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها مع أنه زيادة على نص القرآن ، وذكرها هذا مع حديث
أبي القعيس في تحريم لبن الفحل على أن
المرضعة والزوج صاحب اللبن قد صارا أبوين للطفل ، وصار الطفل ولدا لهما ، فانتشرت الحرمة من هذه الجهات الثلاث ، فأولاد الطفل وإن نزلوا أولاد ولدهما ، وأولاد كل واحد من المرضعة والزوج من الآخر ومن غيره إخوته وأخواته من الجهات الثلاث ، فأولاد أحدهما من الآخر إخوته وأخواته لأبيه وأمه ، وأولاد الزوج من غيرها إخوته وأخواته من أبيه ، وأولاد المرضعة من غيره إخوته وأخواته لأمه ، وصار آباؤها أجداده وجداته ، وصار إخوة المرأة وأخواتها أخواله وخالاته ، وإخوة صاحب اللبن وأخواته أعمامه وعماته ، فحرمة الرضاع تنتشر من هذه الجهات الثلاث فقط .
ولا يتعدى التحريم إلى غير المرتضع ممن هو في درجته من إخوته وأخواته ، فيباح لأخيه نكاح من أرضعت أخاه وبناتها وأمهاتها ، ويباح لأخته نكاح صاحب اللبن وأباه وبنيه ، وكذلك لا ينتشر إلى من فوقه من آبائه وأمهاته ، ومن في درجته من أعمامه وعماته وأخواله وخالاته ، فلأبي المرتضع من النسب وأجداده أن ينكحوا أم الطفل من الرضاع وأمهاتها وأخواتها وبناتها ، وأن ينكحوا أمهات صاحب اللبن وأخواته وبناته ، إذ نظير هذا من النسب حلال ، فللأخ من الأب أن يتزوج أخت أخيه من الأم ، وللأخ من الأم أن ينكح أخت أخيه من الأب ، وكذلك ينكح الرجل أم ابنه من النسب وأختها ، وأما أمها وبنتها ، فإنما حرمتا بالمصاهرة .