فصل
وأما
عدة الطلاق فهي التي أشكلت ، فإنه لا يمكن تعليلها بذلك لأنها إنما تجب بعد المسيس ، ولأن الطلاق قطع للنكاح ، ولهذا يتنصف فيه المسمى ويسقط فيه مهر المثل .
فيقال والله الموفق للصواب - عدة الطلاق وجبت ليتمكن الزوج فيها من الرجعة ، ففيها حق للزوج وحق لله وحق للولد وحق للناكح الثاني . فحق الزوج ليتمكن من الرجعة في العدة ، وحق الله لوجوب ملازمتها المنزل كما نص عليه سبحانه ، وهو منصوص
أحمد ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة . وحق الولد لئلا يضيع نسبه ، ولا يدرى لأي الواطئين . وحق المرأة لما لها من النفقة زمن العدة لكونها زوجة ترث وتورث ، ويدل على أن
العدة حق للزوج قوله تعالى : (
ياأيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن )
[ ص: 592 ] (
من عدة تعتدونها ) [ الأحزاب 49 ] فقوله : فما لكم عليهن من عدة دليل على أن العدة للرجل على المرأة ، وأيضا فإنه سبحانه قال : (
وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ) [ البقرة 228 ]
فجعل الزوج أحق بردها في العدة ، وهذا حق له . فإذا كانت العدة ثلاثة قروء ، أو ثلاثة أشهر طالت مدة التربص لينظر في أمره هل يمسكها ، أو يسرحها ، كما جعل سبحانه للمؤلي تربص أربعة أشهر لينظر في أمره هل يمسك ويفيء ، أو يطلق ، وكان تخيير المطلق كتخيير المؤلي ، لكن المؤلي جعل له أربعة أشهر كما جعل مدة التسيير أربعة أشهر لينظروا في أمرهم .