فصل . 50 الحكم الثالث أن
الإحداد تستوي فيه جميع الزوجات المسلمة والكافرة والحرة والأمة الصغيرة والكبيرة ، وهذا قول الجمهور
أحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ومالك . إلا ( أن
أشهب وابن نافع قالا لا إحداد على الذمية ) رواه
أشهب ، عن
مالك ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، ولا إحداد عنده على الصغيرة .
واحتج أرباب هذا القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الإحداد من أحكام من يؤمن بالله واليوم الآخر فلا تدخل فيه الكافرة ، ولأنها غير مكلفة بأحكام الفروع .
قالوا : وعدوله عن اللفظ العام المطلق إلى الخاص المقيد بالإيمان يقتضي أن هذا من أحكام الإيمان ولوازمه وواجباته فكأنه قال من التزم الإيمان ، فهذا من شرائعه وواجباته .
والتحقيق أن نفي حل الفعل عن المؤمنين لا يقتضي نفي حكمه عن الكفار ، ولا إثبات لهم أيضا ، وإنما يقتضي أن من التزم الإيمان وشرائعه فهذا لا يحل له ، ويجب على كل حال أن يلزم الإيمان وشرائعه ، ولكن لا يلزمه الشارع شرائع الإيمان إلا بعد دخوله فيه ، وهذا كما لو قيل : لا يحل لمؤمن أن يترك الصلاة والحج والزكاة ، فهذا لا يدل على أن ذلك حل للكافر ، وهذا كما قال في لباس الحرير (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003640لا ينبغي هذا للمتقين ) فلا يدل أنه ينبغي لغيرهم .
وكذا قوله (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003641لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانا )
وسر المسألة أن شرائع الحلال والحرام والإيجاب إنما شرعت لمن التزم أصل الإيمان ، ومن لم يلتزمه وخلي بينه وبين دينه فإنه يخلى بينه وبين
[ ص: 621 ] شرائع الدين الذي التزمه كما خلي بينه وبين أصله ما لم يحاكم إلينا ، وهذه القاعدة متفق عليها بين العلماء ، ولكن عذر الذين أوجبوا
الإحداد على الذمية أنه يتعلق به حق الزوج المسلم ، وكان منه إلزامها به كأصل العدة ، ولهذا لا يلزمونها به في عدتها من الذمي ، ولا يتعرض لها فيها ، فصار هذا كعقودهم مع المسلمين ، فإنهم يلزمون فيها بأحكام الإسلام وإن لم يتعرض لعقودهم مع بعضهم بعضا ، ومن ينازعهم في ذلك يقولون الإحداد حق لله تعالى ، ولهذا لو اتفقت هي والأولياء والمتوفى على سقوطه بأن أوصاها بتركه لم يسقط ولزمها الإتيان به فهو جار مجرى العبادات ، وليست الذمية من أهلها ، فهذا سر المسألة .