فإن قيل :
كلب الصيد مستثنى من النوع الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدليل ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، من حديث
جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003708نهى عن ثمن الكلب ، إلا كلب الصيد ) .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : أخبرني
إبراهيم بن الحسن المصيصي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن
أبي الزبير ، عن
جابر - رضي الله عنه - أن
[ ص: 682 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003709نهى عن ثمن الكلب والسنور ، إلا كلب الصيد ) .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15974ابن أبي مريم ، أخبرنا
يحيى بن أيوب ، حدثنا
المثنى بن الصباح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003710ثمن الكلب سحت إلا كلب صيد ) .
وقال
ابن وهب : عمن أخبره ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (
ثلاث هن سحت : حلوان الكاهن ، ومهر الزانية ، وثمن الكلب العقور ) .
وقال
ابن وهب : حدثني
الشمر بن عبد الله بن ضميرة ، عن أبيه ، عن جده ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -(
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب العقور ) .
ويدل على صحة هذا الاستثناء أيضا ، أن
جابرا أحد من روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن ثمن الكلب ، وقد رخص
جابر نفسه في
ثمن كلب الصيد ، وقول الصحابي صالح لتخصيص عموم الحديث عند من جعله حجة ، فكيف إذا كان معه النص باستثنائه والقياس ؟ وأيضا لأنه يباح الانتفاع به ، ويصح نقل اليد فيه بالميراث ، والوصية ، والهبة ، وتجوز إعارته وإجارته في أحد قولي العلماء ،
[ ص: 683 ] وهما وجهان للشافعية ، فجاز بيعه كالبغل والحمار .
فالجواب : أنه لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - استثناء كلب الصيد بوجه : أما حديث
جابر - رضي الله عنه - فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وقد سئل عنه : هذا من
الحسن بن أبي جعفر ، وهو ضعيف ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : الصواب أنه موقوف على
جابر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : لا يصح إسناد هذا الحديث .
وقال في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا لا يصح ،
أبو المهزم ضعيف ، يريد راويه عنه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن ثمن الكلب جماعة ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=46ورافع بن خديج ،
وأبو جحيفة ، اللفظ مختلف ، والمعنى واحد . والحديث الذي روي في استثناء كلب الصيد لا يصح وكأن من رواه أراد حديث النهي عن اقتنائه فشبه عليه ، والله أعلم .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن
أبي الزبير ، فهو الذي ضعفه الإمام
أحمد - رحمه الله -
بالحسن بن أبي جعفر ، وكأنه لم يقع له طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد ، وهو الذي قال فيه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : الصواب أنه موقوف ، وقد أعله
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم ، بأن
أبا الزبير لم يصرح فيه بالسماع من
جابر ، وهو مدلس ، وليس من رواية
الليث عنه . وأعله
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بأن أحد رواته وهم من استثناء كلب الصيد مما نهي عن اقتنائه من الكلاب فنقله إلى البيع .
قلت : ومما يدل على بطلان حديث
جابر هذا ، وأنه خلط عليه أنه صح عنه أنه قال : (
أربع من السحت : ضراب الفحل ، وثمن الكلب ، ومهر البغي ، وكسب الحجام ) . وهذا علة أيضا للموقوف عليه من استثناء كلب الصيد ، فهو علة للموقوف والمرفوع .
وأما حديث
المثنى بن الصباح ، عن
عطاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - فباطل ؛ لأن فيه
يحيى بن أيوب ، وقد شهد
مالك عليه بالكذب ، وجرحه الإمام
[ ص: 684 ] أحمد . وفيه
المثنى بن الصباح ، وضعفه عندهم مشهور ، ويدل على بطلان الحديث ، ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13056الحسن بن أحمد بن حبيب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13608محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا
أسباط ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة - رضي الله عنه - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003714أربع من السحت : ضراب الفحل ، وثمن الكلب ، ومهر البغي ، وكسب الحجام ) .
وأما الأثر عن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - فلا يدرى من أخبر
ابن وهب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، ولا من أخبر
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق - رضي الله عنه - ، ومثل هذا لا يحتج به .
وأما الأثر عن
علي - رضي الله عنه - ففيه
ابن ضميرة في غاية الضعف ، ومثل هذه الآثار الساقطة المعلولة لا تقدم على الآثار التي رواها الأئمة الثقات الأثبات ، حتى قال بعض الحفاظ : إن نقلها نقل تواتر ، وقد ظهر أنه لم يصح عن صحابي خلافها البتة ، بل هذا
جابر ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، يقولون : ثمن الكلب خبيث .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل ، عن
عبد الكريم ، عن
قيس بن حبتر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - يرفعه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003715ثمن الكلب ، ومهر البغي وثمن الخمر حرام ) .
وهذا أقل ما فيه أن يكون قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وأما قياس الكلب على البغل والحمار ، فمن أفسد القياس ، بل قياسه على الخنزير أصح من قياسه عليهما ؛ لأن الشبه الذي بينه وبين الخنزير أقرب من الشبه الذي بينه وبين البغل والحمار ، ولو تعارض القياسان لكان القياس المؤيد بالنص
[ ص: 685 ] الموافق له أصح وأولى من القياس المخالف له .
فإن قيل : كان النهي عن ثمنها حين كان الأمر بقتلها ، فلما حرم قتلها وأبيح اتخاذ بعضها ، نسخ النهي ، فنسخ تحريم البيع .
قيل : هذه دعوى باطلة ليس مع مدعيها لصحتها دليل ، ولا شبهة ، وليس في الأثر ما يدل على صحة هذه الدعوى البتة بوجه من الوجوه ، ويدل على بطلانها : أن أحاديث تحريم بيعها وأكل ثمنها مطلقة عامة كلها ، وأحاديث الأمر بقتلها والنهي عن اقتنائها نوعان : نوع كذلك وهو المتقدم ، ونوع مقيد مخصص وهو المتأخر ، فلو كان النهي عن بيعها مقيدا مخصوصا ، لجاءت به الآثار كذلك فلما جاءت عامة مطلقة ، علم أن عمومها وإطلاقها مراد ، فلا يجوز إبطاله . والله أعلم .