فصل .
وأما
المياه الجارية ، فما كان نابعا من غير ملك كالأنهار الكبار وغير ذلك ، لم يملك بحال ، ولو دخل إلى أرض رجل ، لم يملكه بذلك وهو كالطير يدخل إلى أرضه ، فلا يملك بذلك ، ولكل واحد أخذه وصيده ، فإن جعل له في أرضه مصنعا أو بركة يجتمع فيها ، ثم يخرج منها ، فهو كنقع البئر سواء ، وفيه من النزاع ما فيه وإن كان لا يخرج منها ، فهو أحق به للشرب والسقي ، وما فضل عنه فحكمه حكم ما تقدم .
وقال الشيخ في " المغني " : وإن كان ماء يسير في البركة لا يخرج منها ، فالأولى أنه يملكه بذلك على ما سنذكره في مياه الأمطار .
ثم قال : فأما
المصانع المتخذة لمياه الأمطار تجتمع فيها ونحوها من البرك وغيرها ، فالأولى أن يملك ماؤها ، ويصح بيعه إذا كان معلوما ؛ لأنه مباح حصله في شيء معد له ، فلا يجوز أخذ شيء منه إلا بإذن مالكه .
وفي هذا نظر ، مذهبا ودليلا ، أما المذهب ، فإن
أحمد قال : إنما نهى عن
بيع فضل ماء البئر والعيون في قراره ، ومعلوم أن ماء البئر لا يفارقها ، فهو كالبركة التي اتخذت مقرا كالبئر سواء ، ولا فرق بينهما ، وقد تقدم من نصوص
أحمد ما يدل على المنع من بيع هذا ، وأما الدليل فما تقدم من النصوص التي سقناها ، وقوله في الحديث الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في وعيد الثلاثة : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003747والرجل على فضل ماء يمنعه ابن السبيل ) ولم يفرق بين أن يكون ذلك الفضل في أرضه المختصة به ، أو في الأرض المباحة ، وقوله : (
الناس شركاء في ثلاث ) ولم يشترط في هذه الشركة كون مقره مشتركا ، وقوله وقد سئل : ما الشيء الذي لا يحل منعه ؟ فقال : الماء ، ولم يشترط كون مقره مباحا ، فهذا مقتضى الدليل في هذه المسألة أثرا ونظرا .