وكان إذا حال ليلة الثلاثين دون منظره غيم أو سحاب أكمل عدة شعبان ثلاثين يوما ثم صامه . ولم يكن يصوم يوم الإغمام ولا أمر به ، بل أمر بأن تكمل عدة شعبان ثلاثين إذا غم ، وكان يفعل كذلك ، فهذا فعله وهذا أمره ، ولا يناقض هذا قوله : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000862فإن غم عليكم فاقدروا له ) فإن القدر هو الحساب المقدر ، والمراد به الإكمال كما قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000863فأكملوا العدة ) ، والمراد بالإكمال
إكمال عدة الشهر الذي غم ، كما قال في الحديث الصحيح الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000864فأكملوا عدة شعبان ) .
وقال (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000865لا تصوموا حتى تروه ، ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ) . والذي أمر بإكمال عدته هو الشهر الذي يغم ، وهو
[ ص: 38 ] عند صيامه وعند الفطر منه ، وأصرح من هذا قوله : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000866الشهر تسعة وعشرون ، فلا تصوموا حتى تروه ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ) .
وهذا راجع إلى أول الشهر بلفظه وإلى آخره بمعناه ، فلا يجوز إلغاء ما دل عليه لفظه ، واعتبار ما دل عليه من جهة المعنى . وقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000867الشهر ثلاثون ، والشهر تسعة وعشرون ، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ) .
وقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000868لا تصوموا قبل رمضان ، صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن حالت دونه غمامة فأكملوا ثلاثين ) .
وقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000869لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ، ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ) .
وقالت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000870كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من هلال شعبان ما لا يتحفظ من غيره ، ثم يصوم لرؤيته ، فإن غم عليه عد شعبان ثلاثين يوما ، ثم صام ) . صححه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان .
[ ص: 39 ] وقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000871صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فاقدروا ثلاثين ) .
وقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000872لا تصوموا حتى تروه ، ولا تفطروا حتى تروه ، فإن أغمي عليكم فاقدروا له ) .
وقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000873لا تقدموا رمضان . وفي لفظ : لا تقدموا بين يدي رمضان بيوم أو يومين ، إلا رجلا كان يصوم صياما فليصمه ) .
والدليل على أن يوم الإغمام داخل في هذا النهي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يرفعه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000868لا تصوموا قبل رمضان ، صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن حالت دونه غمامة فأكملوا ثلاثين ) . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في "صحيحه" .
فهذا صريح في أن صوم يوم الإغمام من غير رؤية ولا إكمال ثلاثين صوم قبل رمضان .
وقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000874لا تقدموا الشهر إلا أن تروا الهلال أو تكملوا العدة ، ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ) .
[ ص: 40 ] وقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000875صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدة ثلاثين ، ولا تستقبلوا الشهر استقبالا ) . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : حديث حسن صحيح .
وفي
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : من حديث
يونس ، عن
سماك ، عن
عكرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يرفعه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000876صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ثم صوموا ، ولا تصوموا قبله يوما ، فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدة عدة شعبان ) .
وقال
سماك : عن
عكرمة : عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000877تمارى الناس في رؤية هلال رمضان فقال بعضهم : اليوم . وقال بعضهم : غدا . فجاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر أنه رآه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ؟ قال : نعم . فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا فنادى في الناس : صوموا " . ثم قال : " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ثم صوموا ، ولا تصوموا قبله يوما ) .
وكل هذه الأحاديث صحيحة ، فبعضها في " الصحيحين " ، وبعضها في " صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان "
والحاكم وغيرهما ، وإن كان قد أعل بعضها بما لا يقدح في صحة الاستدلال بمجموعها ، وتفسير بعضها ببعض ، واعتبار بعضها ببعض ، وكلها يصدق بعضها بعضا ، والمراد منها متفق عليه .
فإن قيل : فإذا كان هذا هديه صلى الله عليه وسلم فكيف خالفه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة ،
ومعاوية ،
nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص ،
والحكم بن أيوب الغفاري ،
nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة وأسماء ابنتا
أبي بكر ،
[ ص: 41 ] وخالفه
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله ،
ومجاهد ،
وطاووس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12081وأبو عثمان النهدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17098ومطرف بن الشخير ،
nindex.php?page=showalam&ids=17188وميمون بن مهران ،
nindex.php?page=showalam&ids=15558وبكر بن عبد الله المزني ، وكيف خالفه إمام أهل الحديث والسنة
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، ونحن نوجدكم أقوال هؤلاء مسندة ؟ فأما
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان ، عن أبيه ، عن
مكحول ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب كان يصوم إذا كانت السماء في تلك الليلة مغيمة ، ويقول : ليس هذا بالتقدم ولكنه التحري .
وأما الرواية عن
علي رضي الله عنه فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16993محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، عن أمه
فاطمة بنت حسين ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال : لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان .
وأما الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ففي كتاب
عبد الرزاق : أخبرنا
معمر ، عن
أيوب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : ( كان إذا كان سحاب أصبح صائما ، وإن لم يكن سحاب أصبح مفطرا ) وفي " الصحيحين " عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000878إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، وإن غم عليكم فاقدروا له ) .
زاد
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رحمه الله بإسناد صحيح عن
نافع قال : كان
عبد الله إذا مضى من شعبان تسعة وعشرون يوما يبعث من ينظر ، فإن رأى فذاك ، وإن لم ير ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطرا ، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائما .
[ ص: 42 ] وأما الرواية عن
أنس رضي الله عنه فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا
يحيى بن أبي إسحاق قال : رأيت الهلال إما الظهر وإما قريبا منه ، فأفطر ناس من الناس ، فأتينا
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك فأخبرناه برؤية الهلال وبإفطار من أفطر ، فقال : هذا اليوم يكمل لي أحد وثلاثون يوما ، وذلك لأن
الحكم بن أيوب أرسل إلي قبل صيام الناس إني صائم غدا ، فكرهت الخلاف عليه فصمت وأنا متم يومي هذا إلى الليل .
وأما الرواية عن
معاوية فقال
أحمد : حدثنا
المغيرة ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15995سعيد بن عبد العزيز قال : حدثني
مكحول ،
nindex.php?page=showalam&ids=17421ويونس بن ميسرة بن حلبس ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان كان يقول : لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان .
وأما الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص . فقال
أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن الحباب ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، عن
عبد الله بن هبيرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص ، أنه كان يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان .
وأما الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فقال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا
معاوية بن صالح ، عن
أبي مريم مولى أبي هريرة ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : لأن أتعجل في صوم رمضان بيوم أحب إلي من أن أتأخر ، لأني إذا تعجلت لم يفتني ، وإذا تأخرت فاتني .
وأما الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور : حدثنا
أبو عوانة ، عن
يزيد بن خمير ، عن الرسول الذي أتى
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في اليوم الذي يشك فيه من رمضان قال : قالت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان .
[ ص: 43 ] وأما الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما فقال
سعيد أيضا : حدثنا
يعقوب بن عبد الرحمن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن
فاطمة بنت المنذر قالت : ما غم هلال رمضان إلا كانت
أسماء متقدمة بيوم وتأمر بتقدمه .
وقال
أحمد : حدثنا
روح بن عباد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن
فاطمة ، عن
أسماء أنها كانت تصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان .
وكل ما ذكرناه عن
أحمد ، فمن مسائل
الفضل بن زياد عنه .
وقال في رواية
الأثرم : إذا كان في السماء سحابة أو علة أصبح صائما ، وإن لم يكن في السماء علة أصبح مفطرا ، وكذلك نقل عنه ابناه
صالح ،
وعبد الله ،
والمروزي ،
والفضل بن زياد ، وغيرهم .
فالجواب من وجوه
أحدها : أن يقال : ليس فيما ذكرتم عن الصحابة أثر صالح صريح في وجوب صومه حتى يكون فعلهم مخالفا لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما غاية المنقول عنهم صومه احتياطا ، وقد صرح
أنس بأنه إنما صامه كراهة للخلاف على الأمراء ، ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في رواية : الناس تبع للإمام في صومه وإفطاره ، والنصوص التي حكيناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعله وقوله إنما تدل على أنه لا يجب صوم يوم الإغمام ، ولا تدل على تحريمه ، فمن أفطره أخذ بالجواز ، ومن صامه أخذ بالاحتياط .
الثاني : أن الصحابة كان بعضهم يصومه كما حكيتم ، وكان بعضهم لا يصومه ، وأصح وأصرح من روي عنه صومه
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وإلى قوله ذهب
طاووس اليماني ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، وروي مثل ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وأسماء ابنتي
أبي بكر ، ولا أعلم أحدا ذهب مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر غيرهم .
قال : وممن روي عنه كراهة
صوم يوم الشك nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن [ ص: 44 ] مسعود ،
وحذيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك رضي الله عنهم .
قلت : المنقول عن
علي وعمر وعمار وحذيفة nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود المنع من صيام آخر يوم من شعبان تطوعا ، وهو الذي قال فيه
عمار : من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى
أبا القاسم صلى الله عليه وسلم .
فأما
صوم يوم الغيم احتياطا على أنه إن كان من رمضان فهو فرضه وإلا فهو تطوع . فالمنقول عن الصحابة يقتضي جوازه ، وهو الذي كان يفعله
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة . هذا مع رواية
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=hadith&LINKID=16000879أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غم هلال شعبان عد ثلاثين يوما ثم صام . وقد رد حديثها هذا بأنه لو كان صحيحا لما خالفته ، وجعل صيامها علة في الحديث ، وليس الأمر كذلك ، فإنها لم توجب صيامه ، وإنما صامته احتياطا ، وفهمت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأمره أن الصيام لا يجب حتى تكمل العدة ، ولم تفهم هي ولا
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه لا يجوز .
وهذا أعدل الأقوال في المسألة ، وبه تجتمع الأحاديث والآثار ، ويدل عليه ما رواه
معمر ، عن
أيوب ، عن
نافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000880أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهلال رمضان : ( إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين يوما ) . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16374ابن أبي رواد عن
نافع عنه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000881فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ) .
وقال
مالك وعبيد الله عن
نافع عنه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000882فاقدروا له ) فدل على أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر لم يفهم من الحديث وجوب إكمال الثلاثين ، بل جوازه ، فإنه إذا صام يوم الثلاثين فقد أخذ بأحد الجائزين احتياطا ، ويدل على ذلك أنه رضي الله عنه لو فهم من قوله صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000883اقدروا له تسعا وعشرين ثم صوموا ) كما يقوله الموجبون
[ ص: 45 ] لصومه ، لكان يأمر بذلك أهله وغيرهم ، ولم يكن يقتصر على صومه في خاصة نفسه ولا يأمر به ، ولبين أن ذلك هو الواجب على الناس .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه لا يصومه ، ويحتج بقوله صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000884لا تصوموا حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ) .
وذكر
مالك في " موطئه " هذا بعد أن ذكر حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، كأنه جعله مفسرا لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وقوله : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000882فاقدروا له ) .
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000885وكان nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يقول : عجبت ممن يتقدم الشهر بيوم أو يومين ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقدموا رمضان بيوم ولا يومين ) كأنه ينكر على
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
وكذلك كان هذان الصاحبان الإمامان أحدهما يميل إلى التشديد والآخر إلى الترخيص ، وذلك في غير مسألة .
nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر كان يأخذ من التشديدات بأشياء لا يوافقه عليها الصحابة ، فكان يغسل داخل عينيه في الوضوء حتى عمي من ذلك ، وكان إذا مسح رأسه أفرد أذنيه بماء جديد ، وكان يمنع من دخول الحمام ، وكان إذا دخله اغتسل منه ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : كان يدخل الحمام ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يتيمم بضربتين ، ضربة للوجه ، وضربة لليدين إلى المرفقين ، ولا يقتصر على ضربة واحدة ، ولا على الكفين ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يخالفه ويقول : التيمم ضربة للوجه والكفين ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يتوضأ من قبلة امرأته ويفتي بذلك ، وكان إذا قبل أولاده تمضمض ثم صلى ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يقول : ما أبالي قبلتها أو شممت ريحانا .
وكان يأمر من
ذكر أن عليه صلاة وهو في أخرى أن يتمها ثم يصلي الصلاة التي ذكرها ثم يعيد الصلاة التي كان فيها ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى الموصلي في ذلك حديثا مرفوعا في " مسنده " ، والصواب أنه موقوف على
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مرفوعا ولا يصح ، قال : وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا ولا يصح . والمقصود أن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر كان يسلك طريق التشديد والاحتياط .
[ ص: 46 ] وقد روى
معمر ، عن
أيوب ، عن
نافع عنه ، أنه كان إذا أدرك مع الإمام ركعة أضاف إليها أخرى ، فإذا فرغ من صلاته سجد سجدتي السهو . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : ولا أعلم أحدا فعله غيره .
قلت : وكأن هذا السجود لما حصل له من الجلوس عقيب الركعة ، وإنما محله عقيب الشفع .
ويدل على أن الصحابة لم يصوموا هذا اليوم على سبيل الوجوب أنهم قالوا : لأن نصوم يوما من شعبان أحب إلينا من أن نفطر يوما من رمضان ، ولو كان هذا اليوم من رمضان حتما عندهم لقالوا : هذا اليوم من رمضان فلا يجوز لنا فطره . والله أعلم .
ويدل على أنهم إنما صاموه استحبابا وتحريا ما روي عنهم من فطره بيانا للجواز ، فهذا
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قد قال
حنبل في " مسائله " : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
عبد العزيز بن حكيم الحضرمي ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يقول : لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه .
قال
حنبل : وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16535عبيدة بن حميد قال : أخبرنا
عبد العزيز بن حكيم قال : سألوا
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر . قالوا : نسبق قبل رمضان حتى لا يفوتنا منه شيء ؟ فقال : أف أف ، صوموا مع الجماعة ، فقد صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه قال : لا يتقدمن الشهر منكم أحد ، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000886صوموا لرؤية الهلال ، وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ) .
وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إذا رأيتم الهلال فصوموا لرؤيته ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه : فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما .
[ ص: 47 ] فهذه الآثار إن قدر أنها معارضة لتلك الآثار التي رويت عنهم في الصوم فهذه أولى لموافقتها النصوص المرفوعة لفظا ومعنى ، وإن قدر أنها لا تعارض بينها فهاهنا طريقتان من الجمع ، إحداهما : حملها على غير صورة الإغمام أو على الإغمام في آخر الشهر ، كما فعله الموجبون للصوم .
والثانية : حمل آثار الصوم عنهم على التحري والاحتياط استحبابا لا وجوبا ، وهذه الآثار صريحة في نفي الوجوب ، وهذه الطريقة أقرب إلى موافقة النصوص وقواعد الشرع ، وفيها السلامة من التفريق بين يومين متساويين في الشك ، فيجعل أحدهما يوم شك ، والثاني يوم يقين ، مع حصول الشك فيه قطعا ، وتكليف العبد اعتقاد كونه من رمضان قطعا ، مع شكه هل هو منه أم لا ؟ تكليف بما لا يطاق ، وتفريق بين المتماثلين ، والله أعلم .