فصل
وللناس في هذه
العمرة التي أتت بها nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة من التنعيم أربعة مسالك . أحدها : أنها كانت زيادة تطييبا لقلبها وجبرا لها ، وإلا فطوافها وسعيها وقع عن حجها وعمرتها ، وكانت متمتعة ثم أدخلت الحج على العمرة ، فصارت قارنة ، وهذا أصح الأقوال ، والأحاديث لا تدل على غيره ، وهذا مسلك
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد وغيرهما .
المسلك الثاني : أنها لما حاضت أمرها أن ترفض عمرتها ، وتنتقل عنها إلى حج مفرد ، فلما حلت من الحج أمرها أن تعتمر ؛ قضاء لعمرتها التي أحرمت بها أولا ، وهذا مسلك
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ومن تبعه ، وعلى هذا القول فهذه العمرة كانت في حقها واجبة ، ولا بد منها ، وعلى القول الأول كانت جائزة ، وكل متمتعة حاضت ولم يمكنها الطواف قبل التعريف ، فهي على هذين القولين ، إما أن تدخل الحج على العمرة ، وتصير قارنة ، وإما أن تنتقل عن العمرة إلى الحج ، وتصير مفردة ، وتقضي العمرة .
المسلك الثالث : أنها لما قرنت ، لم يكن بد من أن تأتي بعمرة مفردة ، لأن عمرة القارن لا تجزئ عن عمرة الإسلام ، وهذا أحد الروايتين عن
أحمد .
المسلك الرابع : أنها كانت مفردة ، وإنما امتنعت من طواف القدوم لأجل الحيض ، واستمرت على الإفراد حتى طهرت ، وقضت الحج ، وهذه العمرة هي عمرة الإسلام ، وهذا مسلك
القاضي إسماعيل بن إسحاق وغيره من المالكية ، ولا
[ ص: 163 ] يخفى ما في هذا المسلك من الضعف ، بل هو أضعف المسالك في الحديث .
وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة هذا يؤخذ منه أصول عظيمة من أصول المناسك .
أحدها : اكتفاء القارن بطواف واحد وسعي واحد .
الثاني :
سقوط طواف القدوم عن الحائض ، كما أن حديث
صفية زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أصل في سقوط طواف الوداع عنها .
الثالث : أن
إدخال الحج على العمرة للحائض جائز ، كما يجوز للطاهر ، وأولى ؛ لأنها معذورة محتاجة إلى ذلك .
الرابع : أن
الحائض تفعل أفعال الحج كلها ، إلا أنها لا تطوف بالبيت .
الخامس : أن
التنعيم من الحل .
السادس :
جواز عمرتين في سنة واحدة ، بل في شهر واحد .
السابع : أن المشروع في حق المتمتع إذا لم يأمن الفوات أن يدخل الحج على العمرة ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أصل فيه .
الثامن : أنه أصل في العمرة المكية ، وليس مع من يستحبها غيره ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعتمر هو ولا أحد ممن حج معه من
مكة خارجا منها إلا
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وحدها ، فجعل أصحاب العمرة المكية قصة
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أصلا لقولهم ، ولا دلالة لهم فيها ، فإن عمرتها إما أن تكون قضاء للعمرة المرفوضة عند من يقول : إنها رفضتها ، فهي واجبة قضاء لها ، أو تكون زيادة محضة ، وتطييبا لقلبها عند من يقول : إنها كانت قارنة ، وإن طوافها وسعيها أجزأها عن حجها وعمرتها . والله أعلم .