فصل في
هديه صلى الله عليه وسلم في الهدايا والضحايا والعقيقة ، وهي مختصة بالأزواج الثمانية المذكورة في سورة ( الأنعام ) ، ولم يعرف عنه صلى الله عليه وسلم ، ولا عن الصحابة هدي ، ولا أضحية ، ولا عقيقة من غيرها ، وهذا مأخوذ من القرآن من مجموع أربع آيات .
إحداها : قوله تعالى : (
أحلت لكم بهيمة الأنعام ) [ المائدة : 1 ] .
والثانية : قوله تعالى : (
ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) [ الحج : 28 ] .
والثالثة : قوله تعالى :
[ ص: 286 ] (
ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ثمانية أزواج ) [ الأنعام 142 ، 143 ] ثم ذكرها .
الرابعة : قوله تعالى : (
هديا بالغ الكعبة ) [ المائدة 95 ] .
فدل على أن الذي يبلغ
الكعبة من الهدي هو هذه الأزواج الثمانية ، وهذا استنباط
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
والذبائح التي هي قربة إلى الله وعبادة هي ثلاثة : الهدي ، والأضحية ، والعقيقة .
فأهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنم ، وأهدى الإبل ، وأهدى عن نسائه البقر ، وأهدى في مقامه ، وفي عمرته ، وفي حجته ، وكانت سنته
تقليد الغنم دون إشعارها .
وكان إذا بعث بهديه وهو مقيم لم يحرم عليه شيء كان منه حلالا .
وكان إذا أهدى الإبل قلدها وأشعرها ، فيشق صفحة سنامها الأيمن يسيرا حتى يسيل الدم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : والإشعار في الصفحة اليمنى ، كذلك أشعر النبي صلى الله عليه وسلم .
وكان إذا بعث بهديه (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16001352أمر رسوله إذا أشرف على عطب شيء منه أن ينحره ، ثم يصبغ نعله في دمه ، ثم يجعله على صفحته ، ولا يأكل منه هو ، ولا أحد من أهل رفقته ، ثم يقسم لحمه ) ، ومنعه من هذا الأكل سدا للذريعة ؛ فإنه لعله ربما
[ ص: 287 ] قصر في حفظه ليشارف العطب ، فينحره ويأكل منه ، فإذا علم أنه لا يأكل منه شيئا ، اجتهد في حفظه .
وشرك بين أصحابه في الهدي كما تقدم : البدنة عن سبعة ، والبقرة كذلك .
(
nindex.php?page=hadith&LINKID=16001353وأباح لسائق الهدي ركوبه بالمعروف إذا احتاج إليه حتى يجد ظهرا غيره ) ، وقال
علي رضي الله عنه : ( يشرب من لبنها ما فضل عن ولدها ) .
وكان هديه صلى الله عليه وسلم
نحر الإبل قياما ، مقيدة معقولة اليسرى ، على ثلاث وكان
يسمي الله عند نحره ، ويكبر ، وكان
يذبح نسكه بيده ، وربما وكل في بعضه كما أمر
عليا رضي الله عنه أن يذبح ما بقي من المائة .
(
nindex.php?page=hadith&LINKID=16001354وكان إذا ذبح الغنم وضع قدمه على صفاحها ثم سمى ، وكبر وذبح ) ، وقد تقدم أنه نحر
بمنى ، وقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16001355إن فجاج مكة كلها منحر ) ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : مناحر البدن
بمكة ، ولكنها نزهت عن الدماء ،
ومنى من
مكة ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ينحر
بمكة .
وأباح صلى الله عليه وسلم لأمته أن
يأكلوا من هداياهم وضحاياهم ويتزودوا منها ونهاهم
[ ص: 288 ] مرة أن يدخروا منها بعد ثلاث لدافة دفت عليهم ذلك العام من الناس ، فأحب أن يوسعوا عليهم ، وذكر
أبو داود من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15622جبير بن نفير عن
nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16001356ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : ( يا nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان أصلح لنا لحم هذه الشاة ) قال : فما زلت أطعمه منها حتى قدم
المدينة .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم هذه القصة ، ولفظه فيها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16001357أصلح هذا اللحم ، قال : فأصلحته ، فلم يزل يأكل منه حتى بلغ المدينة ) .
وكان ربما قسم لحوم الهدي ، وربما قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16001358من شاء اقتطع ) فعل هذا ،
[ ص: 289 ] وفعل هذا ، واستدل بهذا على جواز
النهبة في النثار في العرس ونحوه ، وفرق بينهما بما لا يتبين .