فأرشدهم بهذه الآية إلى بطلان التسلسل الباطل ببديهة العقل ، وأن سلسلة المخلوقات في ابتدائها تنتهي إلى أول ليس قبله شيء ، كما تنتهي في آخرها إلى آخر ليس بعده شيء ، كما أن ظهوره هو العلو الذي ليس فوقه شيء ، وبطونه هو الإحاطة التي لا يكون دونه فيها شيء ، ولو كان قبله شيء يكون مؤثرا فيه لكان ذلك هو الرب الخلاق ، ولا بد أن ينتهي الأمر إلى خالق غير مخلوق وغني عن غيره ، وكل شيء فقير إليه قائم بنفسه ، وكل شيء قائم به موجود بذاته ، وكل شيء موجود به . قديم لا أول له ، وكل ما سواه فوجوده بعد عدمه باق بذاته ، وبقاء كل شيء به فهو الأول الذي ليس قبله شيء ، والآخر الذي ليس بعده شيء ، الظاهر الذي ليس فوقه شيء ، الباطن الذي ليس دونه شيء .