فصل
ثم أسلم
حمزة عمه وجماعة كثيرون ، وفشا الإسلام فلما رأت
قريش أمر
[ ص: 27 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلو والأمور تتزايد ،
أجمعوا على أن يتعاقدوا على بني هاشم وبني المطلب وبني عبد مناف ، أن لا يبايعوهم ، ولا يناكحوهم ، ولا يكلموهم ، ولا يجالسوهم ، حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف
الكعبة يقال : كتبها :
منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم ، ويقال :
النضر بن الحارث ، والصحيح : أنه
بغيض بن عامر بن هاشم ، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فشلت يده ، فانحاز
بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم إلا
أبا لهب ، فإنه ظاهر
قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبني هاشم وبني المطلب ، وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه في الشعب
شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة ، وعلقت الصحيفة في جوف
الكعبة ، وبقوا محبوسين ومحصورين مضيقا عليهم جدا مقطوعا عنهم الميرة والمادة نحو ثلاث سنين ، حتى بلغهم الجهد وسمع أصوات صبيانهم بالبكاء من وراء الشعب ، وهناك عمل
أبو طالب قصيدته اللامية المشهورة ، أولها :
جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا عقوبة شر عاجلا غير آجل
وكانت
قريش في ذلك بين راض وكاره ، فسعى في
نقض الصحيفة من كان كارها لها ، وكان القائم بذلك
هشام بن عمرو بن الحارث بن حبيب بن نصر بن مالك ، مشى في ذلك إلى
المطعم بن عدي وجماعة من
قريش فأجابوه إلى ذلك ، ثم أطلع الله رسوله على أمر صحيفتهم ، وأنه أرسل عليها الأرضة فأكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظلم إلا ذكر الله عز وجل ، فأخبر بذلك عمه ، فخرج إلى
قريش فأخبرهم أن ابن أخيه قد قال كذا وكذا ، فإن كان كاذبا خلينا بينكم وبينه ، وإن كان صادقا رجعتم عن قطيعتنا وظلمنا ، قالوا : قد أنصفت ، فأنزلوا الصحيفة ، فلما رأوا الأمر كما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ازدادوا كفرا إلى
[ ص: 28 ]
كفرهم ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : بعد عشرة أعوام من المبعث ، ومات
أبو طالب بعد ذلك بستة أشهر ، وماتت
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة بعده بثلاثة أيام ، وقيل : غير ذلك .