[ ص: 145 ] فصل
في هديه في النكاح ومعاشرته صلى الله عليه وسلم أهله
صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000091حبب إلي من دنياكم : النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة ) هذا لفظ الحديث ، ومن رواه (
حبب إلي من دنياكم ثلاث ) فقد وهم ، ولم يقل صلى الله عليه وسلم ثلاث ، والصلاة ليست من أمور الدنيا التي تضاف إليها . وكان النساء والطيب أحب شيء إليه ، وكان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة ، وكان قد أعطي قوة ثلاثين في الجماع وغيره ، وأباح الله له من ذلك ما لم يبحه لأحد من أمته .
وكان يقسم بينهن في المبيت والإيواء والنفقة ، وأما المحبة فكان يقول : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000093اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما لا أملك ) فقيل : هو الحب والجماع ، ولا تجب التسوية في ذلك ؛ لأنه مما لا يملك .
وهل كان القسم واجبا عليه أو كان له معاشرتهن من غير قسم ؟ على قولين للفقهاء . فهو أكثر الأمة نساء ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000094تزوجوا فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء )
[ ص: 146 ] وطلق صلى الله عليه وسلم وراجع ، وآلى إيلاء مؤقتا بشهر ، ولم يظاهر أبدا ، وأخطأ من قال إنه ظاهر خطأ عظيما ، وإنما ذكرته هنا تنبيها على قبح خطئه ونسبته إلى ما برأه الله منه .
وكانت سيرته مع أزواجه حسن المعاشرة وحسن الخلق .
وكان يسرب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بنات الأنصار يلعبن معها . وكان إذا هويت شيئا لا محذور فيه تابعها عليه ، وكانت إذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه في موضع فمها وشرب ، وكان إذا تعرقت عرقا - وهو العظم الذي عليه لحم - أخذه فوضع فمه موضع فمها ، وكان يتكئ في حجرها ويقرأ القرآن ورأسه في حجرها وربما كانت حائضا ، وكان يأمرها وهي حائض فتتزر ثم يباشرها ، وكان يقبلها وهو صائم ، وكان من لطفه وحسن خلقه مع أهله أنه يمكنها من اللعب ويريها الحبشة وهم يلعبون في مسجده وهي متكئة على منكبيه تنظر ، وسابقها في السفر على الأقدام مرتين ، وتدافعا في خروجهما من المنزل مرة .
(
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000095وكان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ، ولم يقض للبواقي شيئا ) وإلى هذا ذهب الجمهور .
وكان يقول : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000096خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ) .
وربما مد يده إلى بعض نسائه في حضرة باقيهن .
[ ص: 147 ] وكان إذا صلى العصر دار على نسائه فدنا منهن واستقرأ أحوالهن ، فإذا جاء الليل انقلب إلى بيت صاحبة النوبة فخصها بالليل . وقالت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000097كان لا يفضل بعضنا على بعض في مكثه عندهن في القسم ، وقل يوم إلا كان يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ التي هو في نوبتها فيبيت عندها )
وكان يقسم لثمان منهن دون التاسعة ، ووقع في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من قول
عطاء أن التي لم يكن يقسم لها هي
nindex.php?page=showalam&ids=199صفية بنت حيي ، وهو غلط من
عطاء رحمه الله ، وإنما هي
nindex.php?page=showalam&ids=93سودة ، فإنها لما كبرت وهبت نوبتها
nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة .
وكان صلى الله عليه وسلم يقسم
nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة يومها ويوم
nindex.php?page=showalam&ids=93سودة ، وسبب هذا الوهم - والله أعلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000098أنه كان قد وجد على صفية في شيء ، فقالت nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة : هل لك أن ترضي رسول الله صلى الله عليه وسلم عني وأهب لك يومي ؟ قالت : نعم ، فقعدت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم في يوم صفية ، فقال : ( إليك عني يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فإنه ليس يومك ، فقالت : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، وأخبرته بالخبر فرضي عنها ) وإنما كانت وهبتها ذلك اليوم وتلك النوبة الخاصة ، ويتعين ذلك وإلا كان يكون
[ ص: 148 ] القسم لسبع منهن وهو خلاف الحديث الصحيح الذي لا ريب فيه أن القسم كان لثمان ، والله أعلم .
ولو اتفقت مثل هذه الواقعة لمن له أكثر من زوجتين فوهبت إحداهن يومها للأخرى
فهل للزوج أن يوالي بين ليلة الموهوبة وليلتها الأصلية وإن لم تكن ليلة الواهبة تليها ؟ أو يجب عليه أن يجعل ليلتها هي الليلة التي كانت تستحقها الواهبة بعينها ؟ على قولين في مذهب
أحمد وغيره .
وكان صلى الله عليه وسلم يأتي أهله آخر الليل وأوله ، فكان إذا جامع أول الليل ربما اغتسل ونام ، وربما توضأ ونام . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق السبيعي عن
الأسود ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=hadith&LINKID=16000099أنه كان ربما نام ولم يمس ماء ، وهو غلط عند أئمة الحديث ، وقد أشبعنا الكلام عليه في كتاب " تهذيب سنن
أبي داود " وإيضاح علله ومشكلاته .
وكان
يطوف على نسائه بغسل واحد ، وربما اغتسل عند كل واحدة
[ ص: 149 ] فعل هذا وهذا .
وكان
إذا سافر وقدم لم يطرق أهله ليلا ، وكان ينهى عن ذلك .