فصل
وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر على ستة وثلاثين سهما ، جمع كل سهم مائة سهم ، فكانت ثلاثة آلاف وستمائة سهم ، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين النصف من ذلك ، وهو ألف وثمانمائة سهم ، لرسول الله صلى الله عليه وسلم سهم كسهم أحد المسلمين ، وعزل النصف الآخر وهو ألف وثمانمائة سهم لنوائبه وما ينزل به من أمور المسلمين.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وهذا لأن
خيبر فتح شطرها عنوة وشطرها صلحا ، فقسم ما فتح عنوة بين أهل الخمس والغانمين ، وعزل ما فتح صلحا لنوائبه وما يحتاج إليه من أمور المسلمين .
[ ص: 292 ] قلت : وهذا بناء منه على أصل
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله ، أنه يجب قسم الأرض المفتتحة عنوة كما تقسم سائر المغانم ، فلما لم يجده قسم النصف من
خيبر ، قال : إنه فتح صلحا . ومن تأمل السير والمغازي حق التأمل تبين له أن
خيبر إنما فتحت عنوة ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم استولى على أرضها كلها بالسيف عنوة ، ولو فتح شيء منها صلحا لم يجلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ؛ فإنه لما عزم على إخراجهم منها قالوا : نحن أعلم بالأرض منكم ، دعونا نكون فيها ونعمرها لكم بشطر ما يخرج منها . وهذا صريح جدا في أنها إنما فتحت عنوة ، وقد حصل بين
اليهود والمسلمين بها من الحراب والمبارزة والقتل من الفريقين ما هو معلوم ، ولكن لما ألجئوا إلى حصنهم نزلوا على الصلح الذي بذلوه ، أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء ، والحلقة والسلاح ، ولهم رقابهم وذريتهم ، ويجلوا من الأرض ، فهذا كان الصلح ، ولم يقع بينهم صلح أن شيئا من أرض
خيبر لليهود ، ولا جرى ذلك البتة ، ولو كان كذلك لم يقل : نقركم ما شئنا ، فكيف يقرهم في أرضهم ما شاء ؟ ولما كان
عمر أجلاهم كلهم من الأرض ، ولم يصالحهم أيضا على أن الأرض للمسلمين ، وعليها خراج يؤخذ منهم ، هذا لم يقع ، فإنه لم يضرب على
خيبر خراجا البتة .
فالصواب الذي لا شك فيه أنها فتحت عنوة ، والإمام مخير في أرض العنوة بين قسمها ووقفها ، أو قسم بعضها ووقف البعض ، وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنواع الثلاثة ، فقسم
قريظة والنضير ولم يقسم
مكة ، وقسم شطر
خيبر وترك شطرها ، وقد تقدم تقرير كون
مكة فتحت عنوة بما لا مدفع له .
وإنما قسمت على ألف وثمانمائة سهم ؛ لأنها كانت طعمة من الله لأهل
الحديبية من شهد منهم ومن غاب ، وكانوا ألفا وأربعمائة ، وكان معهم مائتا فرس ، لكل فرس سهمان ، فقسمت على ألف وثمانمائة سهم ، ولم يغب عن
خيبر من أهل
الحديبية إلا
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، فقسم له رسول الله صلى الله عليه وسلم كسهم من حضرها .
[ ص: 293 ] وقسم للفارس ثلاثة أسهم ، وللراجل سهما ، وكانوا ألفا وأربعمائة ، وفيهم مائتا فارس ، هذا هو الصحيح الذي لا ريب فيه .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14826عبد الله العمري عن
نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002057أعطى الفارس سهمين والراجل سهما )
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : كأنه سمع
نافعا يقول : للفرس سهمين ، وللراجل سهما ، فقال : للفارس ، وليس يشك أحد من أهل العلم في تقدم
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر على أخيه في الحفظ ، وقد أنبأنا الثقة من أصحابنا عن
إسحاق الأزرق الواسطي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر ، عن
نافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002058ضرب للفرس بسهمين وللفارس بسهم ) .
ثم روى من حديث
أبي معاوية عن
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر ، عن
نافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002059أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للفارس ثلاثة أسهم : سهم له ، وسهمان لفرسه ) ، وهو في " الصحيحين " ، وكذلك رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري وأبو أسامة عن
عبيد الله .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : وروى
مجمع بن جارية أن النبي صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002060قسم سهام خيبر على ثمانية عشر سهما ، وكان الجيش ألفا وخمسمائة ، منهم ثلاثمائة فارس ، فأعطى الفارس سهمين والراجل سهما )
[ ص: 294 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله :
ومجمع بن يعقوب - يعني راوي هذا الحديث عن أبيه عن عمه
عبد الرحمن بن يزيد ، عن عمه
مجمع بن جارية - شيخ لا يعرف ، فأخذنا في ذلك بحديث
عبيد الله ، ولم نر له مثله خبرا يعارضه ، ولا يجوز رد خبر إلا بخبر مثله .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : والذي رواه
مجمع بن يعقوب بإسناده في عدد الجيش وعدد الفرسان قد خولف فيه ؛ ففي رواية
جابر وأهل المغازي : أنهم كانوا ألفا وأربعمائة ، وهم أهل
الحديبية ، وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16214وصالح بن كيسان nindex.php?page=showalam&ids=15547وبشير بن يسار وأهل المغازي : أن الخيل كانت مائتي فرس ، وكان للفرس سهمان ، ولصاحبه سهم ، ولكل راجل سهم .
وقال
أبو داود : حديث
أبي معاوية أصح ، والعمل عليه ، وأرى الوهم في حديث
مجمع أنه قال : ثلاثمائة فارس ، وإنما كانوا مائتي فارس .
وقد روى
أبو داود أيضا من حديث
أبي عمرة ، عن أبيه قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002061أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة نفر ، ومعنا فرس ، فأعطى كل إنسان منا سهما ، وأعطى الفرس سهمين ) ، وهذا الحديث في إسناده
عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود ، وهو المسعودي ، وفيه ضعف . وقد روي الحديث عنه على وجه آخر ، فقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002062أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة نفر معنا فرس ، فكان للفارس ثلاثة أسهم ) . ذكره
أبو داود أيضا .