فصل
ومنها : أنه لا يجوز
إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها يوما واحدا ، فإنها شعائر الكفر والشرك ، وهي أعظم المنكرات ، فلا يجوز الإقرار عليها مع القدرة البتة ، وهذا حكم
المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانا وطواغيت تعبد من دون الله ،
والأحجار التي تقصد للتعظيم والتبرك والنذر والتقبيل لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالته ، وكثير منها بمنزلة اللات والعزى ، ومناة الثالثة الأخرى ، أو أعظم شركا عندها ، وبها ، والله المستعان .
ولم يكن أحد من أرباب هذه الطواغيت يعتقد أنها تخلق وترزق وتميت وتحيي ، وإنما كانوا يفعلون عندها وبها ما يفعله إخوانهم من المشركين اليوم عند طواغيتهم ، فاتبع هؤلاء سنن من كان قبلهم ، وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة ، وأخذوا مأخذهم شبرا بشبر وذراعا بذراع ، وغلب الشرك على أكثر النفوس لظهور الجهل وخفاء العلم ، فصار المعروف منكرا ، والمنكر معروفا ، والسنة بدعة والبدعة سنة ، ونشأ في ذلك الصغير ، وهرم عليه الكبير ، وطمست الأعلام واشتدت غربة الإسلام ، وقل العلماء وغلب السفهاء ، وتفاقم الأمر واشتد البأس ، وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ، ولكن لا تزال طائفة من العصابة المحمدية بالحق قائمين ، ولأهل الشرك والبدع مجاهدين ، إلى أن يرث الله سبحانه الأرض ومن عليها ، وهو خير الوارثين .