فصل
وكان صلى الله عليه وسلم إذا جلس في التشهد الأخير جلس متوركا ، وكان يفضي بوركه إلى الأرض ويخرج قدمه من ناحية واحدة .
فهذا أحد الوجوه الثلاثة التي رويت عنه صلى الله عليه وسلم في التورك . ذكره
أبو داود في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=187أبي حميد الساعدي من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16457عبد الله بن لهيعة ، وقد ذكر
أبو حاتم في " صحيحه " هذه الصفة من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=187أبي حميد الساعدي من غير طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، وقد تقدم حديثه .
الوجه الثاني : ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " صحيحه " من حديث
أبي حميد أيضا قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000287وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب اليمنى ، وقعد على مقعدته ) فهذا هو الموافق الأول في الجلوس على الورك ، وفيه زيادة وصف في هيئة القدمين لم تتعرض الرواية الأولى لها .
الوجه الثالث : ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في " صحيحه " من حديث
عبد الله بن الزبير : أنه صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000288كان يجعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه ، ويفرش قدمه اليمنى ) وهذه
[ ص: 246 ] هي الصفة التي اختارها
nindex.php?page=showalam&ids=14209أبو القاسم الخرقي في " مختصره " ، وهذا مخالف للصفتين الأوليين في إخراج اليسرى من جانبه الأيمن ، وفي نصب اليمنى ، ولعله كان يفعل هذا تارة وهذا تارة ، وهذا أظهر .
ويحتمل أن يكون من اختلاف الرواة ، ولم يذكر عنه عليه السلام هذا التورك إلا في التشهد الذي يليه السلام .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ومن وافقه : هذا مخصوص بالصلاة التي فيها تشهدان ، وهذا التورك فيها جعل فرقا بين الجلوس في التشهد الأول الذي يسن تخفيفه ، فيكون الجالس فيه متهيئا للقيام ، وبين الجلوس في التشهد الثاني الذي يكون الجالس فيه مطمئنا .
وأيضا فتكون هيئة الجلوسين فارقة بين التشهدين مذكرة للمصلي حاله فيهما . وأيضا فإن
أبا حميد إنما ذكر هذه الصفة عنه صلى الله عليه وسلم في الجلسة التي في التشهد الثاني ، فإنه ذكر صفة جلوسه في التشهد الأول ، وأنه (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000289كان يجلس مفترشا ثم قال : وإذا جلس في الركعة الآخرة ) وفي لفظ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000290فإذا جلس في الركعة الرابعة ) .
وأما قوله في بعض ألفاظه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000291حتى إذا كانت الجلسة التي فيها التسليم أخرج رجله اليسرى ، وجلس على شقه متوركا ، فهذا قد يحتج به من يرى
التورك يشرع في كل تشهد يليه السلام ، فيتورك في الثانية ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله ، وليس بصريح في الدلالة ، بل سياق الحديث يدل على أن ذلك إنما كان في التشهد الذي
[ ص: 247 ] يليه السلام من الرباعية والثلاثية ، فإنه ذكر صفة جلوسه في التشهد الأول وقيامه منه ثم قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000292حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم جلس متوركا ) فهذا السياق ظاهر في اختصاص هذا الجلوس بالتشهد الثاني .