فصل
وكان صلى الله عليه وسلم
يضطجع بعد سنة الفجر على شقه الأيمن ، هذا الذي ثبت عنه في "الصحيحين" من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه ، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000432إذا صلى أحدكم الركعتين قبل صلاة الصبح ، فليضطجع على جنبه الأيمن " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : حديث حسن صحيح غريب .
وسمعت
ابن تيمية يقول : هذا باطل ، وليس بصحيح ، وإنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها ، والأمر تفرد به
nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد بن زياد وغلط فيه ، وأما
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم ومن تابعه ، فإنهم يوجبون هذه الضجعة ، ويبطل
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم صلاة من لم يضطجعها
[ ص: 309 ] بهذا الحديث ، وهذا مما تفرد به عن الأمة ، ورأيت مجلدا لبعض أصحابه قد نصر فيه هذا المذهب .
وقد ذكر
عبد الرزاق في "المصنف" عن
معمر ، عن
أيوب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ، أن
أبا موسى nindex.php?page=showalam&ids=46ورافع بن خديج ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك رضي الله عنهم ، ( كانوا يضطجعون بعد ركعتي الفجر ، ويأمرون بذلك ) وذكر عن
معمر ، عن
أيوب ، عن
نافع ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كان لا يفعله ، ويقول : كفانا بالتسليم .
وذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : أخبرني من أصدق أن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها كانت تقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000433إن النبي صلى الله عليه وسلم ( لم يكن يضطجع لسنة ، ولكنه كان يدأب ليله فيستريح ) قال : وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يحصبهم إذا رآهم يضطجعون على أيمانهم .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن
أبي الصديق الناجي ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رأى قوما اضطجعوا بعد ركعتي الفجر ، فأرسل إليهم فنهاهم ، فقالوا : نريد بذلك السنة ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : ارجع إليهم وأخبرهم أنها بدعة . وقال
أبو مجلز : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عنها فقال : يلعب بكم الشيطان . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه : ما بال الرجل إذا صلى الركعتين يفعل كما يفعل الحمار إذا تمعك .
وقد غلا في هذه الضجعة طائفتان ، وتوسط فيها طائفة ثالثة ، فأوجبها جماعة من أهل الظاهر ، وأبطلوا الصلاة بتركها
nindex.php?page=showalam&ids=13064كابن حزم ومن وافقه ، وكرهها جماعة من الفقهاء ، وسموها بدعة ، وتوسط فيها
مالك وغيره فلم يروا بها بأسا لمن فعلها راحة ، وكرهوها لمن فعلها استنانا ، واستحبها طائفة على الإطلاق ، سواء استراح بها أم لا ، واحتجوا بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
والذين كرهوها ، منهم من احتج بآثار الصحابة
nindex.php?page=showalam&ids=12كابن عمر وغيره ، حيث كان يحصب من فعلها ، ومنهم من أنكر فعل النبي صلى الله عليه وسلم لها ، وقال : الصحيح أن اضطجاعه كان بعد الوتر وقبل ركعتي الفجر ، كما هو مصرح به في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
قال : وأما حديث
[ ص: 310 ] nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فاختلف على
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب فيه ، فقال
مالك عنه : فإذا فرغ يعني من قيام الليل ، اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيصلي ركعتين خفيفتين ، وهذا صريح أن الضجعة قبل سنة الفجر ، وقال غيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب : فإذا سكت المؤذن من أذان الفجر ، وتبين له الفجر ، وجاءه المؤذن ، قام فركع ركعتين خفيفتين ، ثم اضطجع على شقه الأيمن .
قالوا : وإذا اختلف أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، فالقول ما قاله
مالك ، لأنه أثبتهم فيه وأحفظهم . وقال الآخرون : بل الصواب في هذا مع من خالف
مالكا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14231أبو بكر الخطيب : روى
مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
عروة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000434كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة ، يوتر منها بواحدة ، فإذا فرغ منها اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن ، فيصلي ركعتين خفيفتين )
وخالف
مالكا ،
عقيل ،
ويونس ،
وشعيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=12493وابن أبي ذئب ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، وغيرهم ، فرووا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، أن النبي صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000435كان يركع الركعتين للفجر ، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن ، فيخرج معه ) فذكر
مالك أن اضطجاعه كان قبل ركعتي الفجر . وفي حديث الجماعة ، أنه اضطجع بعدهما ، فحكم العلماء أن
مالكا أخطأ وأصاب غيره ، انتهى كلامه .
وقال
أبو طالب : قلت
لأحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11869أبو الصلت ، عن
أبي كدينة ، عن
[ ص: 311 ] nindex.php?page=showalam&ids=16068سهيل بن أبي صالح عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000436عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اضطجع بعد ركعتي الفجر ، قال :
شعبة لا يرفعه . قلت : فإن لم يضطجع ، عليه شيء ؟ قال : لا ،
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ترويه
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ينكره . قال
الخلال : وأنبأنا
المروزي أن
أبا عبد الله قال : حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ليس بذاك . قلت : إن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش يحدث به عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . قال :
عبد الواحد وحده يحدث به . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12363إبراهيم بن الحارث : إن
أبا عبد الله سئل عن
الاضطجاع بعد ركعتي الفجر قال : ما أفعله ، وإن فعله رجل ، فحسن . انتهى .
فلو كان حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد بن زياد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن
أبي صالح صحيحا عنده ، لكان أقل درجاته عنده الاستحباب ، وقد يقال : إن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها روت هذا ، وروت هذا ، فكان يفعل هذا تارة ، وهذا تارة ، فليس في ذلك خلاف ، فإنه من المباح ، والله أعلم .
وفي اضطجاعه على شقه الأيمن سر ، وهو أن القلب معلق في الجانب الأيسر ، فإذا نام الرجل على الجنب الأيسر ، استثقل نوما ، لأنه يكون في دعة واستراحة ، فيثقل نومه ، فإذا نام على شقه الأيمن ، فإنه يقلق ولا يستغرق في النوم ، لقلق القلب ، وطلبه مستقره ، وميله إليه ، ولهذا استحب الأطباء النوم على الجانب الأيسر لكمال الراحة وطيب المنام ، وصاحب الشرع يستحب
النوم على الجانب الأيمن ، لئلا يثقل نومه فينام عن قيام الليل ، فالنوم على الجانب الأيمن أنفع للقلب ، وعلى الجانب الأيسر أنفع للبدن ، والله أعلم .