فصل
وكان من هديه الشرب قاعدا ، هذا كان هديه المعتاد ، وصح عنه أنه
[ ص: 210 ] نهى عن
الشرب قائما ، وصح عنه أنه أمر الذي شرب قائما أن يستقيء ، وصح عنه أنه شرب قائما .
قالت طائفة : هذا ناسخ للنهي ، وقالت طائفة : بل مبين أن النهي ليس للتحريم ، بل للإرشاد وترك الأولى ، وقالت طائفة : لا تعارض بينهما أصلا ، فإنه إنما شرب قائما للحاجة ، فإنه جاء إلى زمزم ، وهم يستقون منها ، فاستقى فناولوه الدلو ، فشرب وهو قائم ، وهذا كان موضع حاجة .
وللشرب قائما آفات عديدة منها : أنه لا يحصل به الري التام ، ولا يستقر في المعدة حتى يقسمه الكبد على الأعضاء وينزل بسرعة وحدة إلى المعدة فيخشى منه أن يبرد حرارتها ، ويشوشها ، ويسرع النفوذ إلى أسفل البدن بغير تدريج ، وكل هذا يضر بالشارب ، وأما إذا فعله نادرا أو لحاجة لم يضره، ولا يعترض بالعوائد على هذا ، فإن العوائد طبائع ثوان ، ولها أحكام أخرى ، وهي بمنزلة الخارج عن القياس عند الفقهاء .