وأما الدبر : فلم يبح قط على لسان نبي من الأنبياء ، ومن نسب إلى بعض السلف إباحة
وطء الزوجة في دبرها ، فقد غلط عليه ، وفي " سنن
أبي داود " عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002807ملعون من أتى المرأة في دبرها ) .
[ ص: 236 ] وفي لفظ
لأحمد nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002808لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها ) .
وفي لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=13948للترمذي وأحمد : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002809من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا ، فصدقه ، فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم ) .
وفي لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=13933للبيهقي : (
من أتى شيئا من الرجال والنساء في الأدبار فقد كفر ) .
وفي " مصنف
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع " : حدثني
زمعة بن صالح ، عن
ابن طاووس ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن
عبد الله بن يزيد ، قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله لا يستحيي من الحق ، (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002811لا تأتوا النساء في أعجازهن ) ، وقال مرة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002812في أدبارهن " .
وفي
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : عن
علي بن طلق ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002813لا تأتوا النساء في أعجازهن ، فإن الله لا يستحيي من الحق ) .
وفي " الكامل "
nindex.php?page=showalam&ids=13357لابن عدي : من حديثه عن
المحاملي ، عن
سعيد بن يحيى [ ص: 237 ] الأموي ، قال : حدثنا
محمد بن حمزة ، عن
زيد بن رفيع ، عن
أبي عبيدة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود يرفعه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002811لا تأتوا النساء في أعجازهن ) .
وروينا في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=14043الحسن بن علي الجوهري ، عن
أبي ذر مرفوعا : (
من أتى الرجال أو النساء في أدبارهن ، فقد كفر ) .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16068سهيل بن أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر ، عن
جابر يرفعه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002815استحيوا من الله ، فإن الله لا يستحيي من الحق ، لا تأتوا النساء في حشوشهن ) . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من هذه الطريق ، ولفظه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002816إن الله لا يستحيي من الحق ، لا يحل مأتاك النساء في حشوشهن ) .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13889البغوي : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17233هدبة ، حدثنا
همام ، قال : سئل
قتادة عن الذي يأتي امرأته في دبرها ؟ فقال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002817تلك اللوطية الصغرى ) .
وقال
أحمد في " مسنده " : حدثنا
عبد الرحمن ، قال : حدثنا
همام ، أخبرنا عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، فذكره .
[ ص: 238 ] وفي " المسند " أيضا : عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أنزلت هذه الآية : (
نساؤكم حرث لكم ) في أناس من الأنصار ، أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألوه ، فقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002818ائتها على كل حال إذا كان في الفرج ) .
وفي " المسند " أيضا : عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : جاء
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، هلكت ، فقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002819وما الذي أهلكك ؟ " ، قال : حولت رحلي البارحة ، قال : فلم يرد عليه شيئا ، فأوحى الله إلى رسوله : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) أقبل وأدبر ، واتق الحيضة والدبر ) .
وفي
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002820لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر ) .
وروينا من حديث
أبي علي الحسن بن الحسين بن دوما ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب يرفعه : (
كفر بالله العظيم عشرة من هذه الأمة : القاتل ، والساحر ، والديوث ، وناكح المرأة في دبرها ، ومانع الزكاة ، ومن وجد سعة فمات ولم يحج ، وشارب الخمر ، والساعي في الفتن ، وبائع السلاح من أهل الحرب ، ومن نكح ذات محرم منه ) .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16457عبد الله بن لهيعة ، عن
مشرح بن هاعان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002822ملعون من يأتي النساء في محاشهن ).
[ ص: 239 ] يعني : أدبارهن " .
وفي " مسند
nindex.php?page=showalam&ids=14060الحارث بن أبي أسامة " من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، قالا : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل وفاته ، وهي آخر خطبة خطبها
بالمدينة حتى لحق بالله عز وجل ، وعظنا فيها وقال : " (
من نكح امرأة في دبرها أو رجلا أو صبيا ، حشر يوم القيامة ، وريحه أنتن من الجيفة يتأذى به الناس حتى يدخل النار ، وأحبط الله أجره ، ولا يقبل منه صرفا ولا عدلا ، ويدخل في تابوت من نار ، ويشد عليه مسامير من نار ) . قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : هذا لمن لم يتب .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم الأصبهاني ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2546خزيمة بن ثابت يرفعه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002824إن الله لا يستحيي من الحق ، لا تأتوا النساء في أعجازهن ) .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أخبرني عمي
محمد بن علي بن شافع ، قال : أخبرني
عبد الله بن علي بن السائب ، عن
عمرو بن أحيحة بن الجلاح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=2546خزيمة بن ثابت ، أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم عن إتيان النساء في أدبارهن ، فقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002825حلال " ، فلما ولى دعاه فقال : " كيف قلت في أي الخربتين ، أو في أي الخرزتين ، أو في أي الخصفتين أمن دبرها في قبلها ؟ فنعم أم من دبرها في دبرها ، فلا ، إن الله لا يستحيي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدبارهن ) .
قال الربيع : فقيل
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي : فما تقول ؟ فقال : عمي ثقة ،
وعبد الله بن علي ثقة ، وقد أثنى على الأنصاري خيرا ، يعني
عمرو بن الجلاح ،
وخزيمة [ ص: 240 ] ممن لا يشك في ثقته ، فلست أرخص فيه ، بل أنهى عنه .
قلت : ومن هاهنا نشأ الغلط على من نقل عنه الإباحة من السلف والأئمة ، فإنهم أباحوا أن يكون الدبر طريقا إلى الوطء في الفرج ، فيطأ من الدبر لا في الدبر ، فاشتبه على السامع " من " ب " في " ، ولم يظن بينهما فرقا ، فهذا الذي أباحه السلف والأئمة ، فغلط عليهم الغالط أقبح الغلط وأفحشه .
وقد قال تعالى : (
فأتوهن من حيث أمركم الله ) ، قال
مجاهد : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن قوله تعالى : (
فأتوهن من حيث أمركم الله ) ، فقال : تأتيها من حيث أمرت أن تعتزلها يعني في الحيض . وقال
علي بن أبي طلحة عنه ، يقول : في الفرج ، ولا تعده إلى غيره .
وقد دلت الآية على تحريم الوطء في دبرها من وجهين : أحدهما : أنه أباح إتيانها في الحرث ، وهو موضع الولد لا في الحش الذي هو موضع الأذى ، وموضع الحرث هو المراد من قوله : (
من حيث أمركم الله ) الآية ، قال : (
فأتوا حرثكم أنى شئتم ) ، وإتيانها في قبلها من دبرها مستفاد من الآية أيضا ، لأنه قال أنى شئتم ، أي : من أين شئتم من أمام أو من خلف . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : (
فأتوا حرثكم ) يعني : الفرج .
وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض ، فما الظن بالحش الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جدا من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان .
وأيضا : فللمرأة حق على الزوج في الوطء ، ووطؤها في دبرها يفوت حقها ، ولا يقضي وطرها ، ولا يحصل مقصودها .
وأيضا : فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل ، ولم يخلق له ، وإنما الذي هيئ له الفرج ، فالعادلون عنه إلى الدبر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعا .
[ ص: 241 ] وأيضا : فإن ذلك مضر بالرجل ، ولهذا ينهى عنه عقلاء الأطباء من الفلاسفة وغيرهم ؛ لأن للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه ،
والوطء في الدبر لا يعين على اجتذاب جميع الماء ، ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي .
وأيضا : يضر من وجه آخر ، وهو إحواجه إلى حركات متعبة جدا لمخالفته للطبيعة .
وأيضا فإنه محل القذر والنجو ، فيستقبله الرجل بوجهه ويلابسه .
وأيضا : فإنه يضر بالمرأة جدا ، لأنه وارد غريب بعيد عن الطباع ، منافر لها غاية المنافرة .
وأيضا : فإنه يحدث الهم والغم ، والنفرة عن الفاعل والمفعول .
وأيضا : فإنه يسود الوجه ، ويظلم الصدر ، ويطمس نور القلب ، ويكسو الوجه وحشة تصير عليه كالسيماء يعرفها من له أدنى فراسة .
وأيضا : فإنه يوجب النفرة والتباغض الشديد ، والتقاطع بين الفاعل والمفعول ، ولا بد .
وأيضا : فإنه يفسد حال الفاعل والمفعول فسادا لا يكاد يرجى بعده صلاح ، إلا أن يشاء الله بالتوبة النصوح .
وأيضا : فإنه يذهب بالمحاسن منهما ، ويكسوهما ضدها ، كما يذهب بالمودة بينهما ، ويبدلهما بها تباغضا وتلاعنا .
وأيضا : فإنه من أكبر أسباب زوال النعم ، وحلول النقم ، فإنه يوجب اللعنة والمقت من الله وإعراضه عن فاعله وعدم نظره إليه ، فأي خير
[ ص: 242 ] يرجوه بعد هذا ، وأي شر يأمنه ، وكيف حياة عبد قد حلت عليه لعنة الله ومقته ، وأعرض عنه بوجهه ، ولم ينظر إليه .
وأيضا : فإنه يذهب بالحياء جملة ، والحياء هو حياة القلوب ، فإذا فقدها القلب ، استحسن القبيح واستقبح الحسن ، وحينئذ فقد استحكم فساده .
وأيضا : فإنه يحيل الطباع عما ركبها الله ، ويخرج الإنسان عن طبعه إلى طبع لم يركب الله عليه شيئا من الحيوان ، بل هو طبع منكوس ، وإذا نكس الطبع انتكس القلب والعمل والهدى ، فيستطيب حينئذ الخبيث من الأعمال والهيئات ، ويفسد حاله وعمله وكلامه بغير اختياره .
وأيضا : فإنه يورث من الوقاحة والجرأة ما لا يورثه سواه .
وأيضا : فإنه يورث من المهانة والسفال والحقارة ما لا يورثه غيره .
وأيضا : فإنه يكسو العبد من حلة المقت والبغضاء ، وازدراء الناس له ، واحتقارهم إياه ، واستصغارهم له ما هو مشاهد بالحس ، فصلاة الله وسلامه على من سعادة الدنيا والآخرة في هديه واتباع ما جاء به ، وهلاك الدنيا والآخرة في مخالفة هديه وما جاء به .