فصل
في
هديه صلى الله عليه وسلم في خطبه
(
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000645كان إذا خطب احمرت عيناه ، وعلا صوته ، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش ، يقول : " صبحكم ومساكم " ) ويقول (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000646بعثت أنا والساعة كهاتين ، ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى ) .
ويقول (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000647أما بعد ، فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة ) .
ثم يقول :
[ ص: 412 ] (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000648أنا أولى بكل مؤمن من نفسه ، من ترك مالا فلأهله ، ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي ) رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
وفي لفظ : كانت
خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة ، يحمد الله ويثني عليه ثم يقول على أثر ذلك وقد علا صوته فذكره .
وفي لفظ : يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله ، ثم يقول : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000649من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وخير الحديث كتاب الله ) .
وفي لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=15397للنسائي : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000650وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) .
وكان يقول في خطبته بعد التحميد والثناء والتشهد : " أما بعد " .
وكان يقصر الخطبة ويطيل الصلاة ، ويكثر الذكر ويقصد الكلمات الجوامع ، وكان يقول : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000651إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه ) .
وكان يعلم أصحابه في خطبته قواعد الإسلام وشرائعه ، ويأمرهم وينهاهم في خطبته إذا عرض له أمر أو نهي ، كما أمر الداخل وهو يخطب أن يصلي ركعتين .
[ ص: 413 ] ونهى
المتخطي رقاب الناس عن ذلك ، وأمره بالجلوس .
وكان يقطع خطبته للحاجة تعرض ، أو السؤال من أحد من أصحابه ، فيجيبه ، ثم يعود إلى خطبته ، فيتمها .
وكان ربما نزل عن المنبر للحاجة ، ثم يعود فيتمها كما (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000652نزل لأخذ الحسن والحسين رضي الله عنهما ، فأخذهما ثم رقي بهما المنبر ، فأتم خطبته ) .
وكان يدعو الرجل في خطبته : تعال يا فلان ، اجلس يا فلان ، صل يا فلان .
وكان يأمرهم بمقتضى الحال في خطبته ، فإذا رأى منهم ذا فاقة وحاجة أمرهم بالصدقة وحضهم عليها .
[ ص: 414 ] وكان يشير بأصبعه السبابة في خطبته عند ذكر الله تعالى ودعائه .
(
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000653وكان يستسقي بهم إذا قحط المطر في خطبته ) .
وكان يمهل يوم الجمعة حتى يجتمع الناس ، فإذا اجتمعوا خرج إليهم وحده من غير شاويش يصيح بين يديه ، ولا لبس طيلسان ولا طرحة ولا سواد ، فإذا دخل المسجد سلم عليهم ، فإذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه وسلم عليهم ، ولم يدع مستقبل القبلة ، ثم يجلس ويأخذ
بلال في الأذان ، فإذا فرغ منه قام النبي صلى الله عليه وسلم فخطب من غير فصل بين الأذان والخطبة ، لا بإيراد خبر ولا غيره .
ولم يكن يأخذ بيده سيفا ولا غيره ، وإنما (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000654كان يعتمد على قوس أو عصا قبل أن يتخذ المنبر ، ) وكان في الحرب يعتمد على قوس ، وفي الجمعة يعتمد على
[ ص: 415 ] عصا . ولم يحفظ عنه أنه اعتمد على سيف ، وما يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف دائما ، وأن ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف ، فمن فرط جهله ، فإنه لا يحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف ولا قوس ولا غيره ، ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفا البتة وإنما كان يعتمد على عصا أو قوس .
وكان منبره ثلاث درجات ، وكان قبل اتخاذه يخطب إلى جذع يستند إليه ، فلما تحول إلى المنبر ،
حن الجذع حنينا سمعه أهل المسجد ، فنزل إليه صلى الله عليه وسلم وضمه ، قال
أنس : حن لما فقد ما كان يسمع من الوحي ، وفقده التصاق النبي صلى الله عليه وسلم .
ولم يوضع المنبر في وسط المسجد ، وإنما وضع في جانبه الغربي قريبا من الحائط ، وكان بينه وبين الحائط قدر ممر الشاة .
وكان إذا جلس عليه النبي صلى الله عليه وسلم في غير الجمعة ، أو خطب قائما في الجمعة ،
[ ص: 416 ] استدار أصحابه إليه بوجوههم ، وكان وجهه صلى الله عليه وسلم قبلهم في وقت الخطبة .
وكان يقوم فيخطب ، ثم يجلس جلسة خفيفة ، ثم يقوم فيخطب الثانية ، فإذا فرغ منها أخذ
بلال في الإقامة . وكان يأمر الناس بالدنو منه ، ويأمرهم بالإنصات ويخبرهم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000655أن الرجل إذا قال لصاحبه : أنصت فقد لغا . ويقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000656من لغا فلا جمعة له ) .
وكان يقول : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000657من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب ، فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا ، والذي يقول له : أنصت ليست له جمعة ) . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد .
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000658وقال nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة ( تبارك ) وهو قائم ، فذكرنا بأيام الله ، nindex.php?page=showalam&ids=4وأبو الدرداء أو أبو ذر يغمزني ، فقال : متى أنزلت هذه السورة ؟ فإني لم أسمعها إلا الآن ، فأشار إليه أن اسكت ، فلما انصرفوا قال : سألتك متى أنزلت هذه السورة فلم تخبرني ، فقال : إنه ليس لك من صلاتك اليوم إلا ما لغوت ، فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك ، وأخبره بالذي قال له أبي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدق أبي " . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16000وسعيد بن منصور ،
[ ص: 417 ] وأصله في " مسند
أحمد " .
وقال صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000659يحضر الجمعة ثلاثة نفر : رجل حضرها يلغو وهو حظه منها ، ورجل حضرها يدعو فهو رجل دعا الله عز وجل إن شاء أعطاه ، وإن شاء منعه ، ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحدا فهي كفارة له إلى يوم الجمعة التي تليها ، وزيادة ثلاثة أيام ، وذلك أن الله عز وجل يقول : ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) ) ذكره
أحمد وأبو داود .
وكان إذا فرغ
بلال من الأذان ، أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة ولم يقم أحد يركع ركعتين البتة ، ولم يكن الأذان إلا واحدا ، وهذا يدل على أن
الجمعة كالعيد لا سنة لها قبلها ، وهذا أصح قولي العلماء ، وعليه تدل السنة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج من بيته ، فإذا رقي المنبر أخذ
بلال في أذان الجمعة ، فإذا أكمله أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة من غير فصل ، وهذا كان رأي عين فمتى كانوا يصلون السنة ؟! ومن ظن أنهم كانوا إذا فرغ
بلال رضي الله عنه من الأذان قاموا كلهم فركعوا ركعتين فهو أجهل الناس بالسنة ، وهذا الذي ذكرناه من أنه لا سنة قبلها هو مذهب
مالك وأحمد في المشهور عنه ، وأحد الوجهين لأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
والذين قالوا : إن لها سنة منهم من احتج أنها ظهر مقصورة ، فيثبت لها أحكام الظهر ، وهذه حجة ضعيفة جدا ، فإن الجمعة صلاة مستقلة بنفسها تخالف الظهر في الجهر والعدد ، والخطبة ، والشروط المعتبرة لها ، وتوافقها في الوقت ، وليس إلحاق مسألة النزاع بموارد الاتفاق أولى من إلحاقها بموارد الافتراق ، بل إلحاقها بموارد الافتراق أولى ؛ لأنها أكثر مما اتفقا فيه .
ومنهم من أثبت السنة لها هنا بالقياس على الظهر ، وهو أيضا قياس فاسد ، فإن السنة ما كان ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل ، أو سنة خلفائه الراشدين ، وليس في مسألتنا شيء من ذلك ، ولا يجوز إثبات السنن في مثل هذا بالقياس ؛
[ ص: 418 ] لأن هذا مما انعقد سبب فعله في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا لم يفعله ولم يشرعه ، كان تركه هو السنة ، ونظير هذا أن يشرع لصلاة العيد سنة قبلها أو بعدها بالقياس ، فلذلك كان الصحيح أنه لا يسن الغسل للمبيت بمزدلفة ، ولا لرمي الجمار ، ولا للطواف ولا للكسوف ولا للاستسقاء ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يغتسلوا لذلك مع فعلهم لهذه العبادات .
ومنهم من احتج بما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " صحيحه " فقال : باب الصلاة قبل الجمعة وبعدها : حدثنا
عبد الله بن يوسف ، أنبأنا
مالك عن
نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000660كان يصلي قبل الظهر ركعتين ، وبعدها ركعتين ، وبعد المغرب ركعتين في بيته ، وقبل العشاء ركعتين ، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف ، فيصلي ركعتين ) وهذا لا حجة فيه ولم يرد به
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إثبات السنة قبل الجمعة ، وإنما مراده أنه هل ورد في الصلاة قبلها أو بعدها شيء ؟ ثم ذكر هذا الحديث ، أي أنه لم يرو عنه فعل السنة إلا بعدها ، ولم يرد قبلها شيء .
وهذا نظير ما فعل في كتاب العيدين ، فإنه قال : باب الصلاة قبل العيد وبعدها ، وقال
أبو المعلى : سمعت
سعيدا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه كره
الصلاة قبل العيد . ثم ذكر حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000661خرج يوم الفطر فصلى ركعتين ، لم يصل قبلهما ولا بعدهما ومعه بلال ) الحديث .
[ ص: 419 ] فترجم للعيد مثل ما ترجم للجمعة ، وذكر للعيد حديثا دالا على أنه لا تشرع الصلاة قبلها ولا بعدها فدل على أن مراده من الجمعة كذلك .
وقد ظن بعضهم أن الجمعة لما كانت بدلا عن الظهر - وقد ذكر في الحديث السنة قبل الظهر وبعدها - دل على أن الجمعة كذلك ، وإنما قال (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000662وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف ) بيانا لموضع
صلاة السنة بعد الجمعة ، وأنه بعد الانصراف ، وهذا الظن غلط منه ، لأن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قد ذكر في باب التطوع بعد المكتوبة حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000663صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدتين قبل الظهر ، وسجدتين بعد الظهر ، وسجدتين بعد المغرب ، وسجدتين بعد العشاء ، وسجدتين بعد الجمعة )
فهذا صريح في أن الجمعة عند الصحابة صلاة مستقلة بنفسها غير الظهر ، وإلا لم يحتج إلى ذكرها لدخولها تحت اسم الظهر ، فلما لم يذكر لها سنة إلا بعدها علم أنه لا سنة لها قبلها .
ومنهم من احتج بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه في " سننه " عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ،
وجابر ، قال جاء
سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000664أصليت ركعتين قبل أن تجيء ؟ " قال لا . قال : " فصل ركعتين وتجوز فيهما ) وإسناده ثقات .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13028أبو البركات ابن تيمية : وقوله : ( قبل أن تجيء ) يدل عن أن هاتين الركعتين سنة الجمعة وليستا تحية المسجد . قال : شيخنا حفيده
أبو العباس : وهذا غلط ، والحديث المعروف في " الصحيحين " عن
جابر ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000665دخل رجل يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال : ( أصليت قال : لا . قال : فصل [ ص: 420 ] ركعتين ) . وقال (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000666إذا جاء أحدكم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما ) . فهذا هو المحفوظ في هذا الحديث ، وأفراد
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه في الغالب غير صحيحة ، هذا معنى كلامه .
وقال شيخنا
أبو الحجاج الحافظ المزي : هذا تصحيف من الرواة إنما هو (
أصليت قبل أن تجلس ) فغلط فيه الناسخ .
وقال : وكتاب
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه إنما تداولته شيوخ لم يعتنوا به بخلاف صحيحي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، فإن الحفاظ تداولوهما ، واعتنوا بضبطهما وتصحيحهما ، قال : ولذلك وقع فيه أغلاط وتصحيف .
قلت : ويدل على صحة هذا أن الذين اعتنوا بضبط سنن الصلاة قبلها وبعدها ، وصنفوا في ذلك من أهل الأحكام والسنن وغيرها ، لم يذكر واحد منهم هذا الحديث في سنة الجمعة قبلها ، وإنما ذكروه في استحباب فعل
تحية المسجد والإمام على المنبر ، واحتجوا به على من منع من فعلها في هذه الحال فلو كانت هي سنة الجمعة لكان ذكرها هناك ، والترجمة عليها وحفظها وشهرتها أولى من تحية المسجد .
ويدل عليه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بهاتين الركعتين إلا الداخل لأجل أنها تحية المسجد .
ولو كانت سنة الجمعة ، لأمر بها القاعدين أيضا ولم يخص بها الداخل وحده .
ومنهم من احتج بما رواه
أبو داود في " سننه " قال : حدثنا
مسدد ، قال حدثنا
إسماعيل ، حدثنا
أيوب ، عن
نافع ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000668كان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة ، ويصلي بعدها ركعتين في بيته ، وحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك .
وهذا لا حجة فيه على أن للجمعة سنة قبلها وإنما أراد
[ ص: 421 ] بقوله : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك : أنه كان يصلي الركعتين بعد الجمعة في بيته لا يصليهما في المسجد ، وهذا هو الأفضل فيهما ، كما ثبت في " الصحيحين " عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000669كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته )
وفي " السنن "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000670عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه إذا كان بمكة فصلى الجمعة تقدم فصلى ركعتين ، ثم تقدم فصلى أربعا ، وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين ولم يصل بالمسجد ، فقيل له فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعل ذلك .
وأما إطالة
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر الصلاة قبل الجمعة فإنه تطوع مطلق ، وهذا هو الأولى لمن جاء إلى الجمعة أن يشتغل بالصلاة حتى يخرج الإمام كما تقدم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ،
ونبيشة الهذلي عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000671من اغتسل يوم الجمعة ثم أتى المسجد ، فصلى ما قدر له ، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته ، ثم يصلي معه ، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى ، وفضل ثلاثة أيام )
وفي حديث
نبيشة الهذلي : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000672إن المسلم إذا اغتسل يوم الجمعة ثم أقبل إلى المسجد لا يؤذي أحدا ، فإن لم يجد الإمام خرج ، صلى ما بدا له وإن وجد الإمام خرج جلس فاستمع وأنصت حتى يقضي الإمام جمعته وكلامه ، إن لم يغفر له في جمعته تلك ذنوبه كلها أن تكون كفارة للجمعة التي تليها ) هكذا كان هدي الصحابة رضي الله عنهم .
قال
ابن المنذر : روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أنه كان يصلي قبل الجمعة ثنتي عشرة ركعة .
[ ص: 422 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أنه كان يصلي ثمان ركعات .
وهذا دليل على أن ذلك كان منهم من باب التطوع المطلق ، ولذلك اختلف في العدد المروي عنهم في ذلك ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في " الجامع " : وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه ( كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا ) . وإليه ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري .
وقال
إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري : رأيت
أبا عبد الله إذا كان يوم الجمعة يصلي إلى أن يعلم أن الشمس قد قاربت أن تزول ، فإذا قاربت أمسك عن الصلاة حتى يؤذن المؤذن ، فإذا أخذ في الأذان قام فصلى ركعتين أو أربعا ، يفصل بينهما بالسلام ، فإذا صلى الفريضة انتظر في المسجد ، ثم يخرج منه فيأتي بعض المساجد التي بحضرة الجامع فيصلي فيه ركعتين ، ثم يجلس وربما صلى أربعا ، ثم يجلس ثم يقوم فيصلي ركعتين أخريين فتلك ست ركعات على حديث
علي وربما صلى بعد الست ستا أخر أو أقل أو أكثر .
وقد أخذ من هذا بعض أصحابه رواية : أن
للجمعة قبلها سنة ركعتين أو أربعا وليس هذا بصريح ، بل ولا ظاهر ، فإن
أحمد كان يمسك عن الصلاة في وقت النهي ، فإذا زال وقت النهي ، قام فأتم تطوعه إلى خروج الإمام فربما أدرك أربعا ، وربما لم يدرك إلا ركعتين .
ومنهم من احتج على ثبوت السنة قبلها بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه في " سننه " حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14327محمد بن يحيى ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17370يزيد بن عبد ربه ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية عن
مبشر بن عبيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15689حجاج بن أرطأة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16574عطية العوفي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000673كان النبي صلى الله عليه وسلم يركع قبل الجمعة أربعا ، لا يفصل بينها في شيء منها )
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن [ ص: 423 ] ماجه : باب الصلاة قبل الجمعة فذكره .
وهذا الحديث فيه عدة بلايا ، إحداها :
nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية بن الوليد : إمام المدلسين ، وقد عنعنه ، ولم يصرح بالسماع .
الثانية :
مبشر بن عبيد المنكر الحديث . وقال
عبد الله بن أحمد : سمعت أبي يقول : شيخ كان يقال له :
مبشر بن عبيد كان بحمص أظنه كوفيا ، روى عنه
nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية ،
وأبو المغيرة ، أحاديثه أحاديث موضوعة كذب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني :
مبشر بن عبيد متروك الحديث ، أحاديثه لا يتابع عليها .
الثالثة :
nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطأة الضعيف المدلس .
الرابعة :
nindex.php?page=showalam&ids=16574عطية العوفي ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : كان
هشيم يتكلم فيه ، وضعفه
أحمد وغيره .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي :
nindex.php?page=showalam&ids=16574عطية العوفي لا يحتج به ،
ومبشر بن عبيد الحمصي منسوب إلى وضع الحديث ،
nindex.php?page=showalam&ids=15689والحجاج بن أرطأة لا يحتج به .
قال بعضهم : ولعل الحديث انقلب على بعض هؤلاء الثلاثة الضعفاء لعدم ضبطهم وإتقانهم ، فقال : قبل الجمعة أربعا ، وإنما هو بعد الجمعة فيكون موافقا لما ثبت في " الصحيح " ونظير هذا : قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في رواية عبد
الله بن عمر العمري : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000674للفارس سهمان ، وللراجل سهم ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : كأنه سمع
نافعا يقول : للفرس سهمان ، وللراجل سهم ، فقال للفارس سهمان ، وللراجل سهم . حتى يكون موافقا لحديث أخيه
عبيد الله ، قال : وليس يشك أحد من أهل العلم في تقديم
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر على أخيه
عبد الله في الحفظ .
قلت : ونظير هذا ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13027شيخ الإسلام ابن تيمية في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000675لا تزال جهنم يلقى فيها ، وهي تقول : هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه فيزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط . وأما الجنة : فينشئ [ ص: 424 ] الله لها خلقا ) فانقلب على بعض الرواة ، فقال : أما النار فينشئ الله لها خلقا .
قلت : ونظير هذا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000231إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم ) وهو في " الصحيحين " ، فانقلب على بعض الرواة ، فقال (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000676 nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال )
ونظيره أيضا عندي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000677إذا صلى أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه ) وأظنه وهم - والله أعلم - فيما قاله رسوله الصادق المصدوق " وليضع ركبتيه قبل يديه " . كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=101وائل بن حجر : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000678كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه )
وقال
الخطابي وغيره : وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=101وائل بن حجر ، أصح من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . وقد سبقت المسألة مستوفاة في هذا الكتاب والحمد لله .
وكان صلى الله عليه وسلم إذا صلى الجمعة دخل إلى منزله فصلى ركعتين سنتها ،
[ ص: 425 ] وأمر من صلاها أن يصلي بعدها أربعا .
قال شيخنا
أبو العباس ابن تيمية : إن صلى في المسجد صلى أربعا ، وإن صلى في بيته صلى ركعتين . قلت وعلى هذا تدل الأحاديث ، وقد ذكر
أبو داود ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان إذا صلى في المسجد صلى أربعا ، وإذا صلى في بيته صلى ركعتين .
وفي " الصحيحين " : عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000669كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته )
وفي " صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000679إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربع ركعات ) . والله أعلم .