الحق الثاني في
الإعانة بالنفس
وذلك في قضاء الحاجات والقيام بها قبل السؤال وتقديمها على الحاجات الخاصة ، وهذه أيضا لها درجات فأدناها القيام بالحاجة عند السؤال والقدرة ولكن مع البشاشة والاستبشار
[ ص: 131 ] وإظهار الفرح وقبول المنة ، قال بعضهم : " وإذا استقضيت أخاك حاجة فلم يقضها فذكره ثانية فلعله أن يكون قد نسي ، فإن لم يقضها فكبر عليه " واقرأ هذه الآية : (
والموتى يبعثهم الله ) [ الأنعام : 36 ] . وكان في السلف من يتفقد عيال أخيه وأولاده بعد موته أربعين سنة يقوم بحاجتهم يتردد كل يوم إليهم ويمونهم من ماله فكانوا لا يفقدون من أبيهم إلا عينه ، بل كانوا يرون منهم ما لم يروا من أبيه في حياته . وكان أحدهم يتردد إلى باب دار أخيه يقوم بحاجته من حيث لا يعرفه أخوه وبهذا تظهر الشفقة . والأخوة إذا لم تثمر الشفقة حتى يشفق على أخيه كما يشفق على نفسه فلا خير فيها . وقال "
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران " : " من لم تنتفع بصداقته لم تضرك عداوته " . وبالجملة فينبغي أن تكون حاجة أخيك مثل حاجتك أو أهم من حاجتك ، وأن تكون متفقدا لأوقات الحاجة غير غافل عن أحواله كما لا تغفل عن أحوال نفسك ، وتغنيه عن السؤال إلى الاستعانة ، ولا ترى لنفسك حقا بسبب قيامك بها بل تتقلد منة بقبول سعيك في حقه وقيامك بأمره . وقال "
عطاء " : " تفقدوا إخوانكم بعد ثلاث فإن كانوا مرضى فعودوهم أو مشاغيل فأعينوهم أو كانوا نسوا فذكروهم " . وقال "
nindex.php?page=showalam&ids=74سعيد بن العاص " : " لجليسي علي ثلاث : إذا دنا رحبت به ، وإذا حدث أقبلت عليه ، وإذا جلس أوسعت له " . وقد قال تعالى : (
رحماء بينهم ) [ الفتح : 29 ] إشارة إلى الشفقة والإكرام . ومن تمام الشفقة أن لا ينفرد بطعام لذيذ أو بحضور في مسرة دونه ، بل يتنغص لفراقه ويستوحش بانفراده عن أخيه .