فضيلة الزهد وحقيقته
قال - تعالى - : (
ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى ) [ طه : 131 ] وقال - تعالى - : (
من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ) [ الشورى : 20 ] وفي حديث "
عمر " رضي الله عنه ، أنه لما نزل قوله - تعالى - : (
والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ) [ التوبة : 34 ] قال - صلى الله عليه وسلم - : "تبا للدنيا تبا للدينار والدرهم " فقلنا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004686يا رسول الله نهانا الله عن كنز الذهب والفضة فأي شيء ندخر " ؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - "ليتخذ أحدكم لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وزوجة صالحة تعينه على أمر آخرته " وعنه - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004687السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة ، والبخيل بعيد من الله بعيد من الناس قريب من النار " والبخل ثمرة الرغبة في الدنيا ، والسخاء ثمرة الزهد ، والثناء على الثمرة ثناء على المثمر لا محالة ، وعنه - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004688ازهد في الدنيا يحبك الله . وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس " .
ثم إن
أصناف ما فيه الزهد تكاد تخرج عن الحصر ، وقد ذكر الله - تعالى - في آية واحدة سبعة منها فقال - تعالى - : (
زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا ) [ آل عمران : 14 ] ثم رده في آية أخرى إلى خمسة فقال عز وجل : (
اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد ) [ الحديد : 20 ] ثم رده في موضع آخر إلى اثنين فقال - تعالى - : (
إنما الحياة الدنيا لعب ولهو ) [ محمد : 36 ] ثم رد الكل إلى واحد في موضع آخر فقال : (
ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ) [ النازعات : 40 و 41 ] فالهوى لفظ يجمع جميع حظوظ النفس في الدنيا فينبغي أن يكون الزهد فيه .
[ ص: 298 ] والحاصل أن
الزهد عبارة عن الرغبة عن حظوظ النفس كلها إلى ما هو خير منها علما بأن المتروك حقير بالإضافة إلى المأخوذ .
واعلم أنه قد يظن أن تارك المال زاهد وليس كذلك ، فإن ترك المال وإظهار الخشونة سهل على من أحب المدح بالزهد ، بل لا بد من الزهد في حظوظ النفس ، وينبغي أن يعول الزاهد في باطنه على ثلاث علامات :
الأولى : أن لا يفرح بموجود ولا يحزن على مفقود كما قال - تعالى - : (
لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ) [ الحديد : 23 ] .
الثانية : أن يستوي عنده ذامه ومادحه .
الثالثة : أن يكون أنسه بالله - تعالى - والغالب على قلبه حلاوة الطاعة .