[ ص: 34 ] تمييز الفرائض والسنن :
ما تقدم يشتمل على فرائض وسنن وهيئات ; فالسنن من الأفعال :
رفع اليدين في تكبيرة الإحرام وعند الهوي إلى الركوع وعند الرفع منه والجلسة للتشهد الأول ،
والتورك والافتراش هيئات تابعة للجلسة ، وترك الالتفات هيئة للقيام وتحسين لصورته .
والسنن من الأذكار :
دعاء الاستفتاح والتعوذ وقول آمين وقراءة السورة وتكبيرات الانتقالات والذكر في الركوع والسجود والاعتدال والتشهد الأول والصلاة فيه على النبي - صلوات الله عليه -
والدعاء في التشهد الأخير والتسليمة الثانية ; هذه السنن وما عداها فهو واجب .
واعلم أن الصلاة كالإنسان ، فروحها وحياتها أعني
الخشوع وحضور القلب والإخلاص كروح الإنسان وحياته ، وأركانها تجري منها مجرى قلبه ورأسه وكبده إذ يفوت وجود الصلاة بفواتها كما ينعدم الإنسان بعدمها ، والسنن تجري منها مجرى اليدين والعينين والرجلين منه فهي لا تفوت الحياة بفواتها ولكن يصير المرء بفقدها مشوه الخلقة مذموما ، والهيئات تجري منها مجرى أسباب الحسن من الحاجبين واللحية والأهداب وحسن اللون ونحوها ، فمن اقتصر على أقل ما يجزئ من الصلاة كان كمن أهدى إلى ملك من الملوك عبدا مقطوع الأطراف ، فالصلاة قربة وتحفة تتقرب بها إلى حضرة ملك الملوك كوصيفة يهديها طالب القربة من السلاطين إليهم ، وهذه التحفة تعرض على الله عز وجل ثم ترد عليك يوم العرض الأكبر ، فإليك الخيرة في تحسين صورتها وتقبيحها ، فإن أحسنت فلنفسك وإن أسأت فعليها .