وظائف القابض وهي أربع :
الأولى : أن يفهم أن الله عز وجل أوجب صرفه إليه ليكفي همه ويكون عونا له على الطاعة ، فإن استعان به على المعصية كان كافرا لأنعم الله عز وجل مستحقا للبعد والمقت من الله سبحانه .
الثانية :
أن يشكر المعطي ويدعو له ويثني عليه ، ويكون شكره دعاؤه بحيث لا يخرج عن كونه واسطة ولكنه طريق وصول نعمة الله سبحانه إليه ، وللطريق حق من حيث جعله الله طريقا وواسطة ، وذلك لا ينافي رؤية النعمة من الله سبحانه فقد قال صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004216من لم يشكر الناس لم يشكر الله " وقد أثنى الله عز وجل على عباده في مواضع على أعمالهم وهو خالقها نحو قوله
[ ص: 56 ] تعالى : (
نعم العبد إنه أواب ) [ ص : 30 ، 44 ] إلى غير ذلك ، وقال صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004217من أسدى إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تستطيعوا فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه " ومن تمام الشكر أن يستر عيوب العطاء إن كان فيه عيب ولا يحقره ولا يذمه ولا يعيره بالمنع إذا منع ، ويفخم عنده نفسه وعند الناس صنيعه ، فوظيفة المعطي الاستصغار ووظيفة القابض تقلد المنة والاستعظام ، وعلى كل عبد القيام بحقه ، وكل ذلك لا يناقض رؤية النعمة من الله عز وجل ، فإن من لا يرى الواسطة واسطة فقد جهل ، وإنما المنكر أن يرى الواسطة أصلا .
الثالثة : أن ينظر فيما يأخذه فإن لم يكن من حله تورع عنه ، فلا يأخذ ممن أكثر كسبه من الحرام إلا إذا ضاق الأمر عليه ، وكان ما يسلم له لا يعرف له مالكا معينا فله أن يأخذ بقدر الحاجة ، فإن فتوى الشرع في مثل هذا أن يتصدق به وذلك إذا عجز عن الحلال .
الرابعة : أن يتوقى مواقع الريبة والاشتباه في مقدار ما يأخذه
فلا يأخذ إلا المقدار المباح ، ولا يأخذ إلا إذا تحقق أنه موصوف بصفة الاستحقاق ، ثم إذا تحققت حاجته فلا يأخذن مالا كثيرا بل ما يتمم كفايته من وقت أخذه إلى سنة ، فهذا أقصى ما يرخص فيه من حيث إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ادخر لعياله قوت سنة . ومن العلماء من ذهب إلى أن للفقير أن يأخذ مقدار ما يشتري به ضيعة فيستغني به طول عمره أو يهيئ بضاعة ليتجر بها ويستغني لأن هذا هو الغنى ، وقد قال "
عمر " - رضي الله عنه - : إذا أعطيتم فأغنوا . حتى ذهب قوم إلى أن من افتقر فله أن يأخذ بقدر ما يعود به إلى مثل حاله ولو عشرة آلاف درهم .
ولما تبرع " أبو طلحة " - رضي الله عنه - ببستانه ، قال له صلى الله عليه وسلم : " اجعله في قرابتك فهو خير لك " فأعطاه " حسان " و " أبا قتادة " فحائط من نخل لرجلين كثير مغن .