ثم شرع في الكلام على نماء العين وهو ثلاثة أنواع ربح وغلة وفائدة وبدأ بالأول فقال ( وضم الربح ) وهو كما قال ابن عرفة زائد ثمن مبيع تجر على ثمنه الأول ذهبا أو فضة والقيود لبيان الواقع لا مفهوم لها إلا تجر فاحترز به عن مبيع القنية ( لأصله ) أي لحول أصله ولو أقل من نصاب ولا يستقبل به من حين ظهوره فمن عنده دينار أول المحرم فتاجر فيه فصار بربحه عشرين فحولها المحرم فإن تم النصاب بالربح بعد الحول زكي حينئذ ولما كانت غلة المكتري للتجارة [ ص: 462 ] ربحا حكما فتضم لأصله لا فائدة على المشهور أفاد حكمها مشبها له بما قبله بقوله ( كغلة ) شيء ( مكترى للتجارة ) فتضم للأصل فيكون حولها حول الأصل ولو كان أقل من نصاب فمن عنده خمسة دنانير أو نصاب زكاه في المحرم ثم اكترى به دارا مثلا للتجارة في رجب فأكراها في رمضان بأربعين دينارا فالحول المحرم واحترز بمكترى للتجارة عن غلة مشترى للتجارة أو مكترى للقنية فأكراه لأمر حدث فإنه يستقبل بها حولا بعد قبضها ثم بالغ على ضم الربح لأصله بقوله ( ولو ) كان الربح ( ربح دين ) كأن يتسلف عشرين دينارا واتجر فيها أو اشترى سلعة بعشرين في ذمته ( لا عوض له ) أي للدين ( عنده ) فباعها بخمسين بعد حول فإنه يزكي لثلاثين من يوم السلف أو الشراء وأولى إن كان عنده عوض ويزكي الخمسين ( و ) ضم الربح ( لمنفق ) اسم مفعول صفة لمال محذوف ( بعد ) تمام ( حوله ) أي حول المال المنفق ( مع أصله ) متعلق بتمام المقدر لا بحوله لجموده أي أصل الربح المقدر ( وقت ) تقرر ( الشراء ) ومتى كان الإنفاق وقت تقرر الشراء كان بعد الشراء ولو عبر ببعد لكان أوضح فبعد ووقت متعلقان بمنفق أي ضم الربح لمال أنفق بعد حوله أصله الذي اشتريت به السلعة وبعد شرائها مثاله أن يكون عنده عشرة دنانير حال عليها الحول فاشترى بخمسة منها سلعة ثم أنفق الخمسة الباقية ثم باع السلعة بخمسة عشر فإنه يزكي منها الخمسة المنفقة لحولان الحول عليها مع الخمسة التي هي أصل الربح المقدر فلو أنفق الخمسة قبل شراء السلعة فلا زكاة إلا إذا باعها بنصاب .
( قوله ثم شرع في الكلام على نماء العين ) أي ثم بعد فراغه من الكلام على زكاة العين شرع في الكلام على نمائها ( قوله ربح وغلة وفائدة ) أما الربح فقد عرفه الشارح هنا وأما الغلة فسيأتي أنها ما تجدد من سلع التجارة قبل بيع رقابها كغلة العبد ونجوم الكتابة وثمر النخل المشترى للتجارة وحكمها أنه تستقبل بها حولا من يوم قبضها وأما الفائدة فسيأتي أنها ما تجدد لا عن مال أو عن مال غير مزكى كعطية وميراث وثمن عرض القنية وحكمها الاستقبال بها من يوم حصولها .
( قوله وضم الربح لأصله ) معناه أن من عنده نصاب من العين فاتجر فيه فربح أو دون نصاب منها فاتجر فيه فربح وصار بربحه نصابا فإنه يزكي الأصل والربح لتمام حول من يوم ملك الأصل كالنتاج على المشهور لا من يوم الشراء ولا من يوم الربح وهذا قول ابن القاسم وقال ابن عبد الحكم أنه يستقبل بالربح حولا كالفائدة سواء كان يملك أصله أو لا بأن تسلفه فإن كان الأصل أقل من نصاب استأنف بالجميع حولا وإن كان نصابا زكاه ولا يزكي ربحه إلا إذا تم له حول ( قوله زائد إلخ ) لم يقل زيادة لأن الربح في اصطلاحهم العدد الزائد لا الزيادة واحترز بثمن من زيادة ذات المبيع كنموه في ذاته فإنه لا يسمى ربحا بل هو غلة فإذا اشترى صغيرا للتجارة بعشرين ثم باعه بثمانين بعد كبره زكى من الثمن قدر ما يباع به الآن كستين مثلا ولو بقي صغيرا وما بقي ينوب نماءه فلا يزكيه لأنه غلة لا ربح ( قوله ذهبا أو فضة ) أي حال كون ذلك الزائد ذهبا أو فضة واحترز به عما لو كان الزائد عرضا فإنه لا يسمى ربحا وهو كعروض التجارة من إدارة أو احتكار فالأول يقوم كل يوم دون الثاني ( قوله لا مفهوم لها ) فيه نظر لما علمت مما قلناه ( قوله فاحترز به عن مبيع القنية ) أي كما إذا اشترى سلعة للقنية بعشرة ثم باعها لعشرين فالعشرة الزائدة لا تسمى ربحا اصطلاحا ولا تزكى لحول العشرة الأصل وقوله على ثمنه الأول احترز به عن زيادة ثمن مبيع التجر إذا نما ذلك الثمن في نفسه أي بقطع النظر عن كونه زائدا على الثمن الأول أولا وصورة ذلك أن يشتري سلعة بعشرة فيبيعها بعشرين ولم ينظر لكون العشرين زائدة على العشرة أولا وإن كانت زائدة عليها في الواقع وهذا إنما يكون فيما اشترى للقنية ( قوله فإن تم النصاب بالربح بعد الحول ) أي كما لو ملك دينارا وأقام عنده أحد عشر شهرا ثم اشترى به سلعة باعها بعد شهرين بعشرين فإنه يزكى الآن وصار حولها فيما يأتي من يوم التمام [ ص: 462 ] قوله ربحا حكما ) فيه نظر بل هو ربح حقيقة عند ابن القاسم لأنه إنما اشترى منافع الدار بقصد الربح والتجارة فإذا أكراها فقد باع ما اشتراه فقد ظهر أنه ربح حقيقة لا حكما فقوله مشبها له الصواب أنه مثال ا هـ بن ( قوله لا فائدة على المشهور ) أي خلافا nindex.php?page=showalam&ids=12321لأشهب القائل أن غلة المكتري للتجارة فائدة يستقبل بها بعد قبضها ( قوله فمن عنده خمسة دنانير ) أي ملكها في المحرم ( قوله عن غلة مشترى للتجارة ) أي مثل غلة عبيد التجارة وأجرة الدار المشتراة للتجارة ( قوله فإنه يستقبل بها حولا ) أي لأنها غلة لا ربح ( قوله ولو ربح دين ) متعلق بالربح قبله وما بينهما كالاعتراض بناء على ما قاله الشارح من أن غلة المكتري للتجارة ليست ربحا حقيقة أي ضم الربح لأصله وإن كان ربح دين لا عوض له عنده ومعنى ضمه هنا أنه يزكى لحول من يوم السلف حيث تسلف الثمن واشترى به ومن يوم الشراء حيث اشترى بدين ( قوله كأن يتسلف عشرين دينارا ) أي في المحرم مثلا وقوله أو اشترى أي في المحرم مثلا وقوله فباعها بخمسين بعد حول أي من المحرم الذي وقع فيه الشراء في الذمة أو التسلف ( قوله وأولى إن كان عنده عوض ) أي ما يجعل في مقابلته وهذا داخل فيما قبل المبالغة وليس داخلا فيها لأن القائلين بضم الربح لأصله إنما اختلفوا فيما ليس له أصل يملكه ولذا بالغ عليه المصنف ردا على nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب القائل باستقباله بالربح حينئذ قاله طفى ا هـ بن ومعنى قول المصنف وضم الربح لأصله هذا إذا كان له أصل يملكه بل ولو لم يكن له أصل يملكه كربح دين لا عوض له عنده . واعلم أنه يشترط فيما يزكيه من ربح الدين الذي لا عوض له عنده وأن يكون نصابا كما في مثال الشارح وإلا لم يزكه ولو كان مع أصله نصابا ( قوله ولمنفق إلخ ) عطف على لأصله أي وضم الربح لأصله وضم لمال منفق كما أشار لذلك الشارح وحاصله أن من بيده أقل من نصاب قد حال عليه الحول ثم اشترى ببعضه سلعة وأنفق البعض بعد الشراء فإنه إذا باع السلعة بما يتم به النصاب إذا ضم لما أنفقه تجب عليه الزكاة وسواء باع بقرب الشراء أم لا لأن الفرض أن الحول قد تم قبل الشراء وأما إذا أنفق قبل مرور الحول فلا ضم لأن المال المنفق والمشترى به لم يجمعهما الحول كما أنه لو أنفق بعد الحول وقبل الشراء فلا ضم ولا يزكى ثمن ما باع به إلا إذا كان نصابا ( قوله لجموده ) فيه أن الظرف يكفيه رائحة الفعل ( قوله متعلقان بمنفق ) الأقرب أن مع ووقت حالان من منفق أي ضم الربح لمال منفق حالة كون إنفاقه بعد تمام حوله المصاحب لأصله وحالة كون إنفاقه وقت الشراء ( قوله قبل شراء السلعة ) أي والحال أنه بعد مرور الحول .