ولما أنهى الكلام على الميقات الزماني شرع في المكاني عاطفا له على قوله وقته فقال ( ومكانه ) أي الإحرام ( له ) أي للحج غير قران بالنسبة ( للمقيم ) بمكة متوطنا بها أم لا ، كانت الإقامة تقطع حكم السفر أم لا ، ( بمكة ) أي الأولى لغير ذي النفس لا المتعين فلو أحرم من الحل ، أو من الحرم خالف الأولى ولا دم عليه ومثل المقيم بها من منزله بالحرم كمنى ومزدلفة ( وندب ) له الإحرام ( بالمسجد ) أي في جوفه موضع صلاته ويلبي وهو جالس وليس عليه أن يقوم من مصلاه ولا أن يتقدم إلى جهة البيت وشبه في الاستحباب قوله ( كخروج ) المقيم بها الآفاقي ( ذي التفث ) بفتح الفاء أي معه سعة زمن يمكنه فيه الخروج لميقاته ، وإدراك الحج فيندب له الخروج ( لميقاته و ) لأن مكان الإحرام ( لها ) أي للعمرة لمن بمكة ( وللقران الحل ) ليجمع في إحرامه بين الحل والحرم في الصورتين كما هو الشرط في كل إحرام ، ولا يجوز الإحرام من الحرم ، وانعقد إن وقع ، ولا دم عليه ولا بد من خروجه للحل كما يأتي ( والجعرانة ) بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف المهملة ، وبكسر العين وتشديد الراء ( أولى ) من غيرها من سائر الحل بالإحرام بالعمرة منها لاعتمار النبي صلى الله عليه وسلم منها وقد قيل إنه اعتمر منها ثلثمائة نبي ( ثم ) يليها في الفضل ( التنعيم ) المسمى الآن بمساجد nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها بالنسبة للعمرة أيضا وأما القران فلا يطلب فيه مكان معين فإن أحرم لها في الحرم خرج للحل ليجمع في إحرامه بين الحل والحرم . [ ص: 23 ] ( وإن لم يخرج أعاد طوافه وسعيه ) إن فعلهما قبل خروجه ( بعده ) أي بعد خروجه للحل ورجوعه لفسادهما قبل الخروج ( وأهدى إن حلق ) بعد سعيه الفاسد لأنه حلق وهو محرم ، والتعبير بأهدى تجوز عن افتدى وأما منأحرم بالقران من الحرم فيلزمه الخروج للحل أيضا لكنه لا يطوف ويسعى بعده ; لأن طواف الإفاضة ، والسعي بعده يندرج فيهما طواف وسعي العمرة فإن لم يخرج حتى خرج لعرفة فطاف للإفاضة وسعى فاستظهر الإجزاء ، وإنما وجب عليه الخروج قبل عرفة ; لأن خروجه لعرفة لم يكن للعمرة ; لأنه خاص بالحج وإنما أجزأ ; لأن طوافها لما اندرج في طوافه المشتمل على الشرط وهو المقصود بالذات أغنى عن طوافها وكذا السعي ( وإلا ) يكن مقيما بمكة وما في حكمها مما سبق ( فلهما ) أي فالميقات المكاني للحج والعمرة ( ذو الحليفة ) تصغير حلفة ، للمدني ومن وراءه ( والجحفة ) لأهل مصر والمغرب والتكرور والشام والروم ( ويلملم ) لأهل اليمن والهند ( وقرن ) لأهل نجد اليمن ونجد الحجاز ( وذات عرق ) بكسر العين وسكون الراء المهملتين لأهل العراق وفارس وخراسان والمشرق ومن وراءهم .
( قوله : غير قران ) أي حالة كون ذلك الإحرام غير قران أي وأما لو كان من بمكة أراد الإحرام على وجه القران فلا بد من خروجه للحل ويحرم منه كما يأتي . ( قوله : أي الأولى لغير ذي النفس ) أي مكانه الأولى لا المتعين وقوله : لغير ذي النفس أي وأما ذو النفس فالأولى أن يخرج لميقاته ليحرم منه . ( قوله : لغير ذي النفس ) أي لغير المقيم بمكة الآفاقي ذي النفس . ( قوله : فلو أحرم ) أي المقيم بمكة من الحل وقوله : أو من الحرم أي غير مكة كمنى ومزدلفة . ( قوله : وندب له ) أي للمقيم بمكة وقوله : " الإحرام بالمسجد " أي الإحرام فيه وقوله : " موضع صلاته " أي التي يحرم بعدها فرضا أو نفلا . ( قوله : أن يقوم من مصلاه ) أي ثم يلبي بعد ذلك . ( قوله : الحل ) المراد به ما جاوز الحرم . ( قوله : ليجمع إلخ ) هذا ظاهر في العمرة وأما في القران فالجمع بالنسبة للعمرة التي تضمنها القران ; لأن خروجه لعرفة إنما هو للحج فقط لكن لو لم يخرج القارن للحل لكفاه خروجه لعرفة ; لأن خروجه للحل ابتداء واجب غير شرط كما سيأتي في الشارح . ( قوله : كما هو الشرط ) أي ولا يرد إحرام المفرد للحج من مكة ; لأنه يخرج لعرفة وهي في الحل فقد جمع في إحرامه للحج من مكة بين الحل والحرم . ( قوله : ثم يليها إلخ ) تبع المصنف في ذلك ما في النوادر لكن الذي عليه الأكثر كما قال بهرام وابن شاس nindex.php?page=showalam&ids=12671وابن الحاجب وابن عرفة وغيرهم أنهما متساويان لا أفضلية لواحد منهما على الآخر كما في ( قوله : المسمى الآن بمساجد nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ) قيل إنما سمي التنعيم بذلك - .
[ ص: 23 ] لأن النبي صلى الله عليه وسلم { أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج أخته nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة له لتحرم منه } . ( قوله : وإن لم يخرج ) أي للحل من أحرم بالعمرة من الحرم أعاد ( طوافه وسعيه ) بعد خروجه للحل ورجوعه منه وهذا بخلاف من أحرم بالقران من الحرم فإنه إذا لم يخرج للحل حتى خرج لعرفة وطاف وسعى فإنه يجزيه ولا دم عليه كما في ح وشب . ( قوله : لفسادهما قبل الخروج ) أي لأنهما فعلا بغير شرطهما . ( قوله : عن " افتدى " ) أي لأن الحلاق لا هدي فيه ; لأن الفدية فيما يترفه به ، أو يزيل أذى ، والحلاق يترفه به وقد يزيل أذى كما لو كان يترتب على بقاء الشعر حصول صداع وكان الحلاق يزيله . ( قوله : لكنه لا يطوف ويسعى بعده ) أي بعد خروجه والأولى حذف هذا ; لأن الموضوع في القارن المقيم بمكة وهذا لا يكون سعيه إلا بعد الإفاضة إذ لا قدوم عليه وطواف الإفاضة إنما يكون بعد الخروج لعرفة ، وإذا كان كذلك فلا معنى لهذا الاستدراك فالأولى حذفه إلى قوله فإن لم يخرج إلخ . ( قوله : وإنما أجزأ ) أي خروجه لعرفة مع أنه خاص بالحج . ( قوله : وهو المقصود ) أي والحال أن الحج هو المقصود بالذات . ( قوله : وكذا السعي ) أي وكذلك سعيها لما كان مندرجا في سعيه المشتمل على الشرط وهو المقصود بالذات أغنى عن سعيها . ( قوله : وما في حكمها ) أي وهو الذي منزله بالحرم كمنى ومزدلفة وغيرهما .