ولما كان الواجب على كل من علم أن بسلعته شيئا يكرهه المبتاع أن يبينه مفصلا أشار لذلك بقوله ( وإذا علمه ) أي علم البائع حاكما ، أو وارثا ، أو غيرهما العيب ( بين ) وجوبا ( أنه به ) أي بالمبيع ( ووصفه ) زيادة على البيان إن كان شأنه الخفاء كالإباق ، والسرقة وصفا شافيا ; لأنه قد يغتفر شيء دون شيء ( أو أراه له ) إن كان ظاهرا كالعور والكي ( ولم يجمله ) يعني ولم يجز له أن يجمله وكثيرا ما يقع للمصنف التعبير بلم التي تفيد المضي والمراد الحال ، أو الاستقبال فيحمل على ما ذكرنا ، ولو قال ولا يجمله لكان أحسن ، فإن أجمله مع غيره من غير جنسه كقوله : هو زان سارق ، وهو سارق فقط لم يكف وله الرد ; لأنه ربما علم سلامته من الأول فظن أن ذكر الثاني معه كذكر الأول ، وإن أجمله في جنسه مع تفاوت أفراده كقوله : سارق فهل ينفعه ذلك في يسير السرقة ، وهو الأوجه ، أو لا ينفعه ( و ) منع من الرد بالعيب ( زواله ) [ ص: 120 ] أي العيب قبل الرد سواء زال قبل القيام به ، أو بعده وقبل الحكم عند ابن القاسم كأن يكون للرقيق ولد ، أو والد فيموت فلا رد ( إلا ) أن يكون ما زال ( محتمل العود ) كبول بفرش في وقت ينكر وسلس بول وسعال مفرط واستحاضة وجنون وبرص وجذام حيث قال أهل الطب يمكن عوده فإن زوال ما ذكر لا يمنع الرد ، ولو وقع الشراء حال زواله ( وفي زواله ) أي العيب إن كان عيب تزويج ( بموت الزوجة ) المدخول بها ، أو الزوج الذي دخل إذ الأقوال الثلاثة في الزوج أيضا ( وطلاقها ) بائنا ومثله الفسخ بغيره والواو بمعنى أو ( وهو المتأول ) على المدونة ( والأحسن أو ) يزول ( بالموت فقط ) من أحدهما دون الطلاق ( وهو الأظهر ) ; لأن الموت قاطع للعلقة دون الطلاق لكن في موتها مطلقا علية ، أو وخشا ، وأما في موته فلا يزول عيبها به إلا إذا كانت وخشا على هذا القول ( أو لا ) يزول بموت ولا طلاق ; لأن من اعتاد التزوج منهما لا صبر له على تركه غالبا ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قال البساطي ولا ينبغي أن يعدل عنه ( أقوال ) محلها في التزوج بإذن السيد من غير أن يتسلط على سيده بطلبه ، وأما لو حصل بغير إذن سيده ، أو يتسلط على السيد فعيب مطلقا في موت ، أو طلاق . .
( قوله العيب ) أي الذي في المبيع سواء كان رقيقا ، أو غيره ( قوله بين وجوبا أنه ) أي العيب به أي كأن يقول له هذا العبد يأبق ، أو يسرق ، أو هذه الدابة تعثر فلو قال أبيعك بالبراءة من عيب كذا كالإباق ، أو السرقة ، والحال أنه يعلم أن هذا العيب به ولم يقل له هو به لم يفده ( قوله وصفا شافيا ) أي كاشفا عن حقيقته بأن يقول : إنه يأبق لموضع كذا ، أو شأنه سرقة ما قدره كذا ، ولا يجمل في البيان بحيث يقول إنه يأبق ، أو أنه سارق ; لأنه قد يغتفر الإباق لموضع دون موضع ، وقد يغتفر سرقة شيء دون شيء انتهى فالمراد بالإجمال أن يذكر أمرا كليا يدل على العيب الجزئي القائم بالعبد ، وعلى غيره كسارق فإنه شامل لسرقة دينار وأكثر وأقل وشامل لسرقة كل شهر ، أو كل يوم ، أو كل أسبوع ، أو كل سنة ولا شك أن القائم به واحد من تلك الأشياء ( قوله ، أو أراه له ) الضمير المنصوب راجع للعيب والمجرور للمشتري وكان الأولى أن يقول : أو أراه إياه ; لأن أرى البصرية تتعدى بنفسها لمفعولين بهمزة النقل وقال اللقاني اللام هنا مقحمة للتقوية ( قوله : ولم يجمله ) أي في البيان ( قوله : فيحمل على ما ذكرنا ) أي فيحمل كلام المصنف في المواضع التي عبر فيها بلم المفيدة للمضي على الحال ، أو الاستقبال كما في قوله هنا ولم يجمله ( قوله ، فإن أجمله مع غيره ) أي ، فإن ذكر ما فيه مجملا وذكره مع غيره كقوله سارق زان فلا يخفى أن الإجمال من حيث سارق ( قوله ، وإن أجمله في جنسه ) أي ، وإن أجمل في بيان العيب الذي فيه بأن ذكر جنسه كقوله سارق ( قوله مع تفاوت أفراده ) أي مع تفاوت أفراده فيه بأن كان بعض أفراد الجنس يأخذ منه أكثر من البعض الآخر مثلا سرقة دينار يأخذ من مطلق سرقة أكثر مما يأخذ منه سرقة درهم ( قوله فهل ينفعه ذلك في يسير السرقة ) أي في البراءة من يسير السرقة دون المتفاحش منها ، أو لا ينفعه ذلك مطلقا ; لأن بيانه مجملا كلا بيان ، والأول للبساطي والثاني لبعض معاصريه وفي بن أن كلام المدونة والنوادر كالصريح فيما قال البساطي كما في نقل المواق و ح واعلم أن محل الخلاف إذا أتى بلفظ محتمل للقليل والكثير من ذلك العيب ، والحال أنه عالم أن فيه قليل ذلك العيب ، وأما لو أتى بلفظ محتمل للعيوب كلها كثيرها وقليلها ، وهو يعلم أن بعضها فيه كأبيعك عظما في قفة ، أو أبيعك هذا الحيوان جزارى فانظر هل يجري فيه خلاف البساطي وغيره ، أو يتفقان على أن البراءة لا تنفع في هذا وفي شب الظاهر أن البراءة لا تنفع في هذا [ ص: 120 ] لأن ما علمه لم يبين أنه به ا هـ . عدوي ، وهو ظاهر المدونة كما في بن ( قوله أي العيب ) يعني القديم ، وهو الكائن حين البيع ، أو قبله وقوله قبل الرد متعلق بزواله ( قوله ، أو بعده وقبل الحكم ) أي بأن زال في زمن الخصام ( قوله عند ابن القاسم ) أي خلافا nindex.php?page=showalam&ids=12321لأشهب القائل : إن زواله بعد القيام وقبل الحكم بالرد لا يمنع من رده ( قوله كأن يكون للرقيق ولد ، أو والد فيموت ) وكأن يكون به حمى ، أو بياض على سواد عينه فيزولان ، أو نزل ماء من عينه فيبرأ ( قوله وفي زواله إلخ ) يعني أنه وقع خلاف فيما إذا لم يطلع المشتري على تزويج الرقيق المشترى إلا بعد زوال العصمة بموت ، أو طلاق كما لو اشترى عبدا فظهر له أنه كان تزوج امرأة وماتت ، أو أنه طلقها ، أو اشترى أمة وظهر له أنها كانت قد تزوجت برجل وأنه مات ، أو طلقها فقيل لا رد له لزوال عيب التزويج بزوال العصمة بالموت والطلاق وقيل لا رد له إن زالت العصمة بالموت لا بالطلاق وذلك ; لأن عيب التزويج إنما يزول العصمة بالموت ; لأنه قاطع للعلة لا بالطلاق ، وقيل له الرد بزوالها بكل من الموت والطلاق ; لأن عيب التزويج باق ولم يزل بزوال العصمة لا بالموت ولا بالطلاق ( قوله إذ الأقوال الثلاثة إلخ ) فلو قال المصنف وفي زواله بموت الزوج ، أو طلاقه لكان أحسن لشمول الزوج للرجل والمرأة ( قوله وطلاقها إلخ ) ظاهر كلامالمواق أن الخلاف إنما هو في طلاق الزوجة المدخول بها ، وكذا موتها ، وأما طلاق غير المدخول بها وكذا موتها فإنه يمنع من الرد اتفاقا ; ولذا قيد الشارح بالمدخول بها ( قوله بائنا ) أي لا رجعيا ; لأنها زوجة ( قوله ، وهو المتأول ) أي تأويل فضل على المدونة واستحسنه التونسي وذلك ; لأن العصمة إذا ارتفعت بموت ، أو طلاق لم يبق إلا اعتبار الوطء ، وهو لو وهبها لعبده فوطئها ثم انتزعها منه وأراد بيعها لا يجب عليه بيان ذلك قاله المواق والثاني قول ابن حبيب nindex.php?page=showalam&ids=12321وأشهب واستظهره nindex.php?page=showalam&ids=13170ابن رشد والثالث رواية ابن القاسم عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ا هـ . بن ( قوله ، أو يزول ) أي عيب التزويج ( قوله دون الطلاق ) أي وحينئذ فزوال العصمة بالطلاق لا يمنع من الرد بالعيب بخلاف زوالها بالموت فإنه يمنع من الرد ( قوله لكن في موتها مطلقا ) أي لكن في موت الزوجة يزول عيب التزويج من الرجل مطلقا سواء كان من علي الرقيق ، أو من وخشه وفي موت الزوج يزول عيب التزويج من الأمة إذا كانت وخشا لا إن كانت من علي الرقيق فقول الشارح علية ، أو وخشا الأولى عليا ، أو وخشا ( قوله ، أو لا يزول ) أي عيب التزويج بموت ولا طلاق أي وحينئذ فللمشتري الرد بذلك العيب ، ولو زالت العصمة بموت ، أو طلاق ( قوله فعيب مطلقا ) الأولى فالعيب باق مطلقا وحينئذ فله الرد باتفاق ، ولو زالت العصمة بموت ، أو طلاق والمراد بتسلط العبد على سيده بطلبه تشفعه بجماعة وسياقهم على سيده أن يزوجه . .