ولما قدم أنه يدخل البذر والثمر الغير المؤبر في العقد على أصلهما شرع في الكلام على بيعهما منفردين فقال ( وصح بيع ثمر ) بمثلثة من بلح ورمان وتين وعنب وغير ذلك ( ونحوه ) كقمح وشعير وفول وخس وكرات وجزر وفجل ( بدا ) أي ظهر ( صلاحه ) بيبس حب وبانتفاع بكخس وعصفر ( إن لم يستتر ) بأكمامه فإن استتر بها كقلب جوز ولوز في قشره وكقمح في سنبله وبزر كتان في جوزه لم يصح جزافا لأنه غير مرئي ويصح كيلا كما سبق في قوله وحنطة في سنبل وتبن إن بكيل وأما شراء ما ذكر مع قشره فيجوز جزافا ولو كان باقيا في شجره لم يقطع إذا بدا صلاحه ما لم يستتر في ورقه فيما له ورق وإلا منع بيعه جزافا أيضا ( و ) صح بيع ما ذكر ( قبله ) أي قبل بدو صلاحه في ثلاث مسائل وهي بيعه ( مع أصله ) كبلح صغير مع نخله وزرع مع أرضه ( أو ) بيع أصله من نخل أو أرض ثم بعد ذلك بقرب أو بعد ( ألحق ) الزرع أو الثمر ( به ) أي بأصله المبيع قبله ( أو ) بيع ما ذكر منفردا قبل بدو صلاحه ( على ) شرط ( قطعه ) في الحال أو قريبا منه بحيث لا يزيد ولا ينتقل عن طوره إلى طور آخر فيجوز بشروط ثلاثة ( إن نفع ) أي شرط ( قطعه ) في الحال أو قريبا منه بحيث لا يزيد ولا ينتقل عن طوره إلى طور آخر فيجوز بشروط ثلاثة ( إن نفع ) أي بلغ حد الانتفاع به كالحصرم وإلا فهو إضاعة مال كالكمثرى قبل ظهور الحلاوة فيها فإنها غير منتفع بها إذ هي مرة في هذه الحالة ( واضطر له ) المراد بالاضطرار الحاجة أي احتاج له المتبايعان أو أحدهما ( ولم يتمالأ ) أي لم يقع من أهله وأكثرهم التمالؤ ( عليه ) [ ص: 177 ] أي على قطعه فاتفاق البائع والمشتري على ذلك من غير وقوعه من أكثر أهل البلد لا يضر في الجواز فإن تمالأ عليه الأكثر بالفعل منع والمراد بالتمالؤ اتفاقهم ولو باعتبار العادة إذ لا يشترط التوافق حقيقة ( لا ) بيعه منفردا قبل بدو صلاحه ( على ) شرط ( التبقية أو ) على ( الإطلاق ) من غير بيان جذ ولا تبقية فلا يصح وضمان الثمرة من البائع ما دامت في رءوس الشجر
( قوله وصح بيع ثمر ) أي جزافا وحاصل ما ذكره المصنف أن الثمار أي الفواكه والحبوب والبقول لا يصح بيعها إلا إذا بدا صلاحها أو بيعت مع أصلها أو ألحقت بأصلها المبيع أولا أو بيعت على الجذ بقرب إن نفع واحتيج له ولم يكثر ذلك بين الناس ، وإن تخلف شرط من هذه الثلاثة منع بيعه على الجذ كما يمنع بيعه على التبقية أو الإطلاق .
( قوله بدا صلاحه ) بلا همز لأنه من البدو بمعنى الظهور لا من البدء وإنما عبر المصنف بالصحة ليعلم بالصراحة عدم الصحة في المفهوم أو المخرج ولو عبر بالجواز لم يستفد منه ذلك صراحة وإن كان الأصل فيما يمتنع الفساد ( قوله بيبس حب ) أي وزهو بلح وحصول الحلاوة في غيره من الثمار ( قوله إن لم يستتر ) أي كالبلح والتين والخوخ والعنب والفجل والكرات والجزر والبصل وحاصل ما ذكره الشارح أنه إن استتر بغلافه ولم يكن له ورق كالقمح في سنبله لا يجوز بيعه وحده جزافا ويجوز كيلا وأما بيعه بقشره أي تبنه فيجوز جزافا وأولى كيلا والفرض أنه بدا صلاحه وأما لو استتر بورقه كالفول فلا يجوز بيعه جزافا لا منفردا ولا مع تبنه ويجوز كيلا والحاصل أن ما ليس مستترا في أكمامه ولا في ورقه يجوز بيعه جزافا وأولى على الوزن وما استتر في أكمامه إن بيع وحده يمنع بيعه جزافا ويجوز كيلا وإن بيع مع تبنه جاز جزافا وكيلا وما استتر بورقه يمنع بيعه جزافا بيع وحده أو مع تبنه وجاز كيلا .
( قوله ويصح كيلا ) أي كأشتري منك هذا الزرع بتمامه كل إردب بكذا ( قوله وقبله ) عطف على بدا صلاحه كما أشار لذلك الشارح ( قوله بقرب أو بعد ) أي والحال أن الأصل لم يخرج من يد المشتري ( قوله أو ألحق الزرع أو الثمر إلخ ) أي وأما عكس ذلك وهو بيع الثمر أو الزرع أولا ثم ألحق أصله به فممنوع لفساد البيع الأول ولا يتبع الثاني لتأخره عنه ( قوله فيجوز ) أي بيعه بثلاثة شروط أنت خبير بأن المصنف قد جعل قوله إن نفع شرطا في الصحة وظاهر الشارح أنه شرط في الجواز فنقول إنما ذكر الشارح ذلك للإشارة إلى أنه شرط فيهما لأنه لا يلزم من كونه شرطا في الصحة أن يكون شرطا في الجواز قاله شيخنا ( قوله إن نفع ) ذكر المصنف هذا الشرط مع أنه معلوم من شرط البيع لئلا يتوهم أنه مما يرخص فيه كعدم بدو الصلاح ( قوله واضطر له ) أي للبيع قبل بدو صلاحه ( قوله الحاجة ) أي لا بلوغ الحد الذي ينتفي معه الاختيار [ ص: 177 ] قوله أي على قطعه ) أي وبيعه قبل الطيب ( قوله فاتفاق البائع والمشتري على ذلك ) أي على قطعه وبيعه قبل الطيب ( قوله فإن تمالأ عليه الأكثر ) أي فإن تمالأ أكثر أهل البلد على قطعه قبل صلاحه منع البيع وإن لم يقطعوا إلا بعده ( قوله لا على التبقية أو الإطلاق ) أي فلا يصح مطلقا كان الضمان من البائع أو من المشتري اشتراه بالنقد أو بالنسيئة هذا ظاهره وهو المعتمد كما في حاشية شيخنا العدوي نقلا عن ح وقيد اللخمي nindex.php?page=showalam&ids=14554والسيوري nindex.php?page=showalam&ids=15140والمازري المنع هنا بكون الضمان من المشتري أو من البائع والحال أنه قد باع بالنقد للتردد بين السلفية والثمنية فإن كان الضمان من البائع والبيع بالنسيئة جاز انظر المواق واختار بن هذا التقييد ووافقه على ذلك في المج وقد ذكر المواق هنا فروعا عن nindex.php?page=showalam&ids=13170ابن رشد من سماع عيسى ونصه إذا اشترى الثمرة على الجذ قبل بدو الصلاح ثم اشترى الأصل جاز له إبقاؤها بخلاف ما إذا اشتراها على التبقية ثم اشترى الأصل فلا بد من فسخ البيع فيها لأن شراءها كان فاسدا فلا يصلحه شراء الأصل فإن صار إليه الأصل بميراث من بائع الثمرة لم ينفسخ شراؤها إذ لا يمكن أن يردها على نفسه فإن ورثه من غير بائع الثمرة وجب الفسخ فيها ولو اشترى الثمرة قبل الإبار على البقاء ثم اشترى الأصل فلم يفطن لذلك حتى أزهت فالبيع ماض وعليه قيمة الثمرة لأنه بشراء الأصل كان قابضا للثمرة وفاتت بما حصل فيها عنده من الزهو فلو اشترى الثمرة قبل الإبار ثم اشترى الأصل قبل الإبار أيضا فسخ البيع فيهما لأنه بمنزلة من اشترى نخلا قبل الإبار على أن تبقى الثمرة للبائع وهو لا يجوز فلو اشترى الأصل بعد الإبار فسخ البيع في الثمرة فقط .
( قوله ما دامت في رءوس الشجر ) أي فإن جذها المشتري رطبا والموضوع أنه اشتراها على التبقية رد قيمتها وثمرا رده بعينه إن كان باقيا وإلا رد مثله إن علم وإلا رد قيمته وأما لو اشتراها على الإطلاق وجذها فإنه يمضي بالثمن على قاعدة المختلف فيه كما في تت وغيره ا هـ بن وذلك لأن ما لم يبد صلاحه بيعه منفردا على التبقية إلى أن يطيب فاسد إجماعا وأما على الإطلاق فقد اختلف في فساده والقاعدة أن المختلف في فساده إذا فات يمضي بالثمن والمتفق على فساده يمضي بالقيمة إن كان مقوما أو كان مثليا وجهلت مكيلته وإلا فمثله كما مر