( ولا يحل ) الصلح ( للظالم ) في نفس الأمر بل ذمته مشغولة للمظلوم فقولهم يجوز الصلح على كذا أي في ظاهر الحال قال ابن عرفة جوازه على الإنكار باعتبار عقده وأما في الباطن فإن كان الصادق المنكر فالمأخوذ منه حرام وإلا فحلال فإن وفى بالحق برئ وإلا فهو غاصب في الباقي وفرع على قوله ولا يحل للظالم قوله ( فلو أقر ) الظالم منهما بالحق ( بعده ) أي الصلح فللمظلوم نقضه ; لأنه كالمغلوب عليه ( أو شهدت بينة ) للمظلوم منهما على الظالم ( لم يعلمها ) حال الصلح قربت أو بعدت فله نقضه إن حلف أنه لم يعلم بها ( أو ) له بينة بعيدة جدا يعلمها ( أشهد ) عند الصلح ( وأعلن ) بأن كان إشهاده عند الحاكم ( أنه يقوم بها ) إذا حضرت [ ص: 314 ] وكذا إن لم يعلن كما سيذكره بقوله كمن لم يعلن لا إن علمها وكانت حاضرة أو قريبة أو بعيدة لا جدا فليس له القيام بها ولو أشهد وأعلن ( أو ) صالح على إنكار لعدم وجود وثيقة ثم ( وجد وثيقته ) التي صالح لفقدها ( بعده ) أي الصلح ولو حذف بعده الأول لأغناه هذا ( فله نقضه ) في الأربع مسائل وله إمضاؤه فإن نسيها حال الصلح ثم تذكرها فله نقضه أيضا والقيام بها مع يمينه أنه نسيها ( كمن لم يعلن ) عند حاكم واكتفى بالشهادة سرا أن له بينة بعيدة جدا وأنه إن حضرت قام بها فله نقضه ( أو يقر ) المدعى عليه ( سرا فقط ) ويجحده علانية فأشهد المدعي بينة على جحده علانية ثم صالحه على التأخير سنة مثلا ليستدعي إقراره في العلانية وأشهد بينة قبل الصلح لم يعلمها المدعى عليه أنه إنما صالحه على التأخير ليقر له بالحق علانية فله نقضه إذا أقر به علانية ويأخذ حقه عاجلا ( على الأحسن فيهما ) أي في المسألتين وتسمى هذه البينة بينة استرعاء قال ابن عرفة وشرط الاسترعاء تقدمه على الصلح فيجب ضبط وقته وشرطه أيضا إنكار المطلوب ورجوعه بعد الصلح إلى الإقرار وإلا لم يفد
. ( قوله : ولا يحل الصلح ) أي بمعنى المصالح به سواء كان مأخوذا أو متروكا فإن كان الظالم هو المدعي حرم عليه الشيء المأخوذ وإن كان الظالم هو المدعى عليه حرم عليه الشيء المتروك وقوله في نفس الأمر أي فيما بينه وبين الله وظاهره أن الصلح لا يحل للظالم ولو حكم له حاكم يرى حله للظالم وهو الموافق لقوله الآتي في القضاء لا أحل حراما .
( قوله : وفرع إلخ ) حاصله أنه فرع على قوله ولا يحل للظالم فروعا ثمانية ستة يسوغ للمظلوم فيها نقض الصلح اتفاقا أو على المشهور واثنان لا ينقض فيهما اتفاقا أو على المشهور فالتي للمظلوم نقض الصلح فيها اتفاقا ثلاثة المسألة الأولى والثالثة والرابعة في كلام المصنف والتي له نقضه فيها على المشهور ثلاثة الثانية والخامسة والسادسة والتي لا ينقض فيها على المشهور واحدة وهي السابعة والتي لا ينقض فيها اتفاقا واحدة وهي الثامنة .
( قوله : فلو أقر الظالم منهما بالحق ) حاصله أن الظالم إذا أقر ببطلان دعواه بعد الصلح بأن أقر المدعى عليه أن ما ادعى به عليه حق أو أقر المدعي ببطلان دعواه كان للمظلوم وهو المدعي في الأولى والمدعى عليه في الثانية نقض ذلك الصلح اتفاقا .
( قوله : أو شهدت بينة إلخ ) هذا مقيد بأن يقوم له على الحق شاهدان فإن قام له به شاهد واحد وأراد أن يحلف معه لم يقض له بذلك قاله nindex.php?page=showalam&ids=17098الأخوان وابن عبد الحكم وأصبغ نقله القلشاني [ ص: 314 ] وابن ناجي في شرح الرسالة ا هـ بن .
( قوله : الأول ) أي المذكور في قول المصنف فلو أقر بعده .
( قوله : فله نقضه ) أي باتفاق في الأولى والثالثة والرابعة وعلى المشهور في الثانية ثم إن ظاهر قوله فله نقضه ولو وقع بعد الصلح إبراء وهو ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=15384الناصر وشيخه البرهان اللقاني وحينئذ فيقيد قول المصنف الآتي وإن أبرأ فلانا مما له قبله برئ مطلقا إلخ بما إذا كان قوله إن الإبراء مطلقا غير مطلق وأما إذا أبرأه مع الصلح على شيء ثم ظهر خلافه فلا يبرأ لأنه إبراء معلق على دوام صفة الصلح لا إبراء مطلق فلما لم يتم الصلح وجعل الشارع له نقضه لم ينفعه إبراؤه قاله عبق قال العلامة بن وما قاله nindex.php?page=showalam&ids=15384الناصر من أن له نقضه ولو وقع بعد الصلح إبراء ظاهر إذا وقع مع الصلح إبراء فقط وأما إذا أبرأه مع الصلح والتزم عدم القيام عليه ولو وجد بينة فلا قيام له كما ذكره ابن عاشر ونصه قوله فله نقضه ينبغي تقييده بما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13612ابن هارون في اختصار المتيطي ونصه فإذا أشهد عليه في وثيقة الصلح أنه متى قام عليه فيما ادعاه فقيامه باطل وحجته داحضة والبينة التي تشهد له زور والمسترعاة وغيرها سواء فلا تسمع للمدعي بعد هذا الإبراء بينة سواء كان عارفا بها حين الصلح أم لا وإن أسقط هذا التفصيل من الوثيقة فله القيام ببينة لم يعرفها ا هـ بن .
( قوله أو يقر ) هو بالرفع عطفا على لم يعلن أي وكمن يقر له المدعى عليه سرا لا على مدخول لم ولم يبال المصنف بتشتيت الفاعل فإن ضمير " يعلن " عائد على من الواقعة على المدعي وضمير يقر عائد على المدعى عليه اتكالا على الموقف .
( قوله : وأشهد بينة إلخ ) أي والحال أن المدعي قد أشهد قبل الصلح وبعد الإشهاد على الإنكار بينة أخرى أنه إنما يصالحه على التأخير لأجل أن يقر له بالحق علانية وتكفي بينة واحدة تشهد بالجحد وبأنه إنما صالحه على التأخير لأجل أن يقر له بحقه علانية وإن لم يذكر لها أنه غير ملتزم للتأخير عند إقراره بحقه علانية لأن إشهاده على أنه إنما صالحه على التأخير ليقر بالحق علانية يتضمن كونه غير ملتزم للتأخير عند إقراره بحقه علانية .
( قوله : ويأخذ حقه عاجلا ) أي ولا يلزم ما التزمه من تأخيره به لإقرار المدعى عليه .
( قوله : على الأحسن فيهما ) أي في المسألتين اللتين بعد الكاف وأشار بقوله على الأحسن بالنسبة للثانية لفتوى بعض أشياخ شيخه بذلك وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ومقابله nindex.php?page=showalam&ids=17098لمطرف كما في التوضيح وأما بالنسبة للصورة الأولى ففيه نظر فقد قال ابن غازي ذكر الخلاف فيها ابن يونس وغيره ولكن استظهر فيها ابن عبد السلام عدم القيام عكس قول المصنف على الأحسن وأجاب شب بأن الاستحسان في الثانية للمصنف لا لغيره وهذا يشمله قوله وأشير بصحح أو استحسن إلى أن شيخا غير الذين قدمتهم صحح هذا أو استحسنه فإن المصنف نفسه من جملة غير الذين قدمتهم .
( قوله : وتسمى هذه البينة ) أي التي أشهدها المدعي بعد إنكار المدعى عليه وقبل الصلح بالتأخير .
( قوله وشرط الاسترعاء ) أي وشرط إفادته في نقض الصلح .
( قوله : فيجب ضبط وقته ) أي فيجب على الشهود تعيين وقته الحاصل فيه خوفا من اتحاد وقته أي الاسترعاء ووقت الصلح فلا يفيد .
( قوله : وإلا لم يفد ) أي وإلا يرجع بأن ثبت إنكاره وتمادى عليه وصالح لم يفد استرعاؤه شيئا وقول العوام صلح المنكر إثبات لحق الطالب جهل منهم