ولما أنهى الكلام على صلح الأموال انتقل للكلام على صلح الدماء فقال ( و ) جاز الصلح ( عن ) دم ( العمد ) نفس أو جرح ( بما قل ) عن الدية ( وكثر ) عنها ; لأن دم العمد لا دية له ( لا ) يجوز الصلح عن دم عمد ولا غيره على ( غرر ) دين أو غيره ( كرطل ) أو أرطال ( من ) لحم ( شاة ) صالح صاحبها بذلك وهي حية كما في المدونة أو قبل السلخ كما قال أبو الحسن فإن سلخت جاز كما يجوز الصلح بها حية أو مذبوحة قبل السلخ ومن الغرر ثمرة لم يبد صلاحها فإن وقع الصلح بالغرر ارتفع القصاص وقضي بدية عمد ( ولذي دين ) محيط ( منعه ) أي منع المدين القاتل أو الجارح ( منه ) أي من الصلح بمال لإسقاط القصاص عن نفسه أو عضوه لما فيه من إتلاف ماله على ما لم يعامله عليه غرماؤه كهبته وعتقه
. ( قوله : وجاز الصلح عن دم العمد ) ظاهره جواز الصلح عما ذكر ولو قبل ثبوت الدم وهو كذلك .
( قوله : بما قل عن الدية ) أي دية الخطأ وقوله لأن دم العبد لا دية له أي وليس فيه إلا ما اصطلحوا عليه .
( قوله لا غرر ) عطف على ما يفيده الكلام السابق أي جاز الصلح بما استوفى الشروط لا بغرر أو أنه عطف على ما من قوله بما قل ونبه على منع الصلح بالغرر لأن دم العمد لما كان للولي العفو عنه مجانا ربما يتوهم جواز الصلح عنه بالغرر فنص على ذلك دفعا لذلك التوهم وغير دم العمد يفهم المنع فيه بالطريق الأولى .
( قوله : على غرر ) على بمعنى الباء أي بذي غرر .
( قوله : دين أو غيره ) تعميم في قوله ولا عن غيره وحينئذ فكان الأولى تقديمه قبل قوله على غرر .
( قوله : كما في المدونة ) نصها وإذا ادعيت على رجل بدين فصالحك عنه بعشرة أرطال من لحم شاة وهي حية لم يجز قال أبو الحسن لا مفهوم لقوله وهي حية بل لو كانت مذبوحة غير مسلوخة فكذلك يمتنع .
( قوله : فإن وقع الصلح ) أي عن دم العمد وقوله بالغرر أي كرطل من شاة أو ثمرة لم يبد صلاحها ( فرع ) لو وقع الصلح على أن يرتحل القاتل من بلد الأولياء فقال ابن القاسم الصلح منتقض ولصاحب الدم يقوم بالقصاص ولو ارتحل الجاني وقال المغيرة : يجوز ويحكم على القاتل أن لا يساكنهم أبدا كما شرطوه وهذا هو المشهور المعمول به واستحسنه nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون وعليه فإن لم يرتحل القاتل أو عاد وكان الدم قد ثبت كان لهم القود في العمد والدية في الخطأ وإن لم يثبت كان لورثة المقتول العود للخصام ولا يكون الصلح قاطعا لخصامهم لانتقاضه .
( قوله : لإسقاط القصاص عن نفسه ) متعلق بالصلح أي أن من يصالح بمال لأجل إسقاط إلخ .
( قوله : لما فيه ) علة لمنعه من الصلح بالمال .
( قوله : لما فيه من إتلاف ماله إلخ ) أي لما فيه من إتلاف ماله في شيء لما يعامله الغرماء عليه لأنه أعتق نفسه من القتل والقطع بذلك وهو لم يعاملوه على إتلاف ماله في صون نفسه وليس هذا كتزويجه وإيلاد أمته لأن الغرماء عاملوه على ذلك كما عاملوه على الإنفاق على زوجته وأولاده الصغار