( وحرم ) على المودع بالفتح ( سلف ) أي تسلف ( مقوم ) بغير إذن ربه لاختلاف الأغراض فيه فلا يقوم غيره مقامه ( و ) حرم تسلف ( معدم ) أي فقير ولو لمثلي ; لأنه مظنة عدم الوفاء ( وكره النقد ، والمثلي ) للمليء ، وهو من عطف العام على الخاص ; لأن النقد من المثلي ولم يحرم ; لأن المليء الغير المماطل مظنة الوفاء مع كون مثل المثلي كعينه فالتصرف الواقع فيه كلا تصرف ، وهذا في مثلي يكثر وجوده ولا تختلف فيه الأغراض ، وإما نادر الوجود ، أو ما تختلف فيه الأغراض كاللؤلؤ ، والمرجان فلا يجوز تسلفه ( كالتجارة ) تشبيه تام على الأظهر فتحرم في المقوم وعلى المعدوم وتكره في المثلي للعلة المتقدمة وقيل تشبيه في الكراهة فقط في الجميع ( والربح ) الحاصل من التجارة ( له ) أي للمودع بالفتح فإن كانت الوديعة نقدا ، أو مثليا فلربها المثل ، وإن كانت عرضا وفات فلربه قيمته ، وإن كانت قائمة فربها مخير بين أخذ سلعته ورد البيع وبين إمضائه ، وأخذ ما بيعت به [ ص: 422 ] ( وبرئ ) متسلف الوديعة ( إن رد غير المحرم ) ، وهو المكروه كالنقد ، والمثلي للمليء إلى مكانه الذي أخذه منه فضاع ، والقول قوله في الرد بيمينه إذا لم تقم بينة على رده ولا بد أن يدعي أنه رد عينه ، أو صنفه فإن ادعى أنه رد غير صنفه كما لو رد عن الدنانير دراهم ، أو عكسه ، أو عن القمح شعيرا لم يبرأ كما لو رد المحرم ، وهو المقوم ولا يبرئه إلا رد مثله لربه ، وأما الشهادة على رده لمحل الوديعة فلا يكفي ; لأن القيمة لزمته بمجرد هلاكه فإن كان المحرم مثليا كالمعدم يتسلف برئ برده لمحله كالمكروه ففي مفهوم المصنف تفصيل ويؤيده نسخة المواق فإن نسخته إن رد غير المقوم لكن المصنف في توضيحه تردد في ذلك ولما كان غير المحرم شاملا للمكروه ، والجائز ، والمراد هو الأول ، وأما الجائز كالمأخوذ بإذن ربه فلا يقبل قوله في رده استثناه بقوله ( إلا بإذن ) في تسلفها بأن يقول له أذنت لك في تسلفها ، أو التسلف منها ( أو يقول له إن احتجت فخذ ) فلا يبرأ إلا برد ما أخذه لربها ; لأن تسلفه حينئذ إنما هو من ربها فانتقل من أمانته لذمته فصار كسائر الديون ، والأحسن رجوع الاستثناء لأقسام السلف ، والتجارة ولقوله وبرئ إلخ أي إلا بإذن فلا يحرم ولا يكره ولا يبرأ .
( قوله وحرم سلف مقوم إلخ ) أي وحرم على المودع بالفتح سواء كان مليئا ، أو معدوما تسلف الشيء المودع إذا كان مقوما وحاصل ما ذكره أن الوديعة إما من المثليات ، أو من المقومات وفي كل إما أن يكون المودع مليئا ، أو معدوما فالصور أربع فإن كانت من المقومات حرم تسليفها بغير إذن ربها مطلقا كان المودع المتسلف لها مليئا ، أو معدما ، وإن كانت من المثليات حرم عليه تسلفها إن كان معدما وكره إن كان مليئا ، ثم إن محل كراهة تسلف المودع المليء للمثلي حيث لم يبح له ربه ذلك ، أو يمنعه بأن جهل الحال ، وإلا أبيح في الأول ومنع في الثاني ومنعه له إما بالمقال ، أو بقيام القرائن على كراهة المودع تسلف المودع لها قال عبق ومن تقرير عج أن مثل المودع في تفصيل المصنف ناظر الوقف وجابية فلا يجوز لواحد منهما تسلف مال الوقف إن كان معدما ويكره له إن كان مليئا ، وإذا تسلف واحد منهما مال الوقف واتجر فيه سواء كان السلف حراما ، أو مكروها وحصل ربح فالربح له دون الوقف ( قوله من المثلي ) من للتبعيض أي بعض المثلي ( قوله فالتصرف الواقع فيه ) أي في المثلي من المودع بالفتح ( قوله فتحرم في المقوم ) أي فيحرم النحر بها بغير إذن ربها إذا كانت مقوما كان المودع بالفتح مليئا ، أو معدوما ، أو كانت الوديعة مثليا ، والمودع معدما وقوله وتكره في المثلي أي إذا كان المودع مليئا ( قوله وقيل تشبيه في الكراهة فقط في الجميع ) هذا ضعيف ( قوله ، والربح له ) أي ، والربح الحاصل من التجارة بعد البيع له ، وهذا واضح إذا كانت الوديعة المتجر فيها دراهم ، أو دنانير ; لأنه إنما يرد لصاحبها مثلها ( قوله فإن كانت الوديعة ) أي المتجر فيها ( قوله فلربها المثل ) أي وللمودع ما حصل من الربح ( قوله ، وإن كانت عرضا إلخ ) أي سواء باعها بعرض ، أو بدراهم ، أو دنانير ، والحاصل أن الوديعة إذا كانت عرضا وباعها المودع ليتجر فيها سواء باعها بنقد ، أو بعرض فإن ربها يخير إن كانت قائمة بيد المشتري بين أخذها ورد البيع وبين إمضائه ، وأخذ ما بيعت به ، وإن فاتت بيد المشتري خير ربها بين رد البيع ، وأخذ قيمتها من المودع وبين إمضاء البيع ، وأخذ ما بيعت به ; لأنه بيع فضولي فإن رد صاحبها البيع ، وأخذها فلا يكون هناك ربح للمودع ، وإن أجازه ، وأخذ ما بيعت به ، أو أخذ قيمتها فقد يكون له ربح إذا اتجر ثمنها قبل قيام ربها عليه ، وأما قول عبق وخش إذا كانت عرضا وبيعت بعرض ، وهلم جرا فلا ربح له وله الأجرة ، وإن باعها بدراهم ، أو دنانير فإن فاتت فلربها قيمتها إلى آخر ما قال الشارح فقد رده شيخنا في حاشية خش بأنه لا وجه لهذا التفصيل ولا نقل يساعده .
( قوله وفات ) أي ذلك العرض ( قوله فلربه قيمته ) أي وله إجازة .
[ ص: 422 ] البيع ، وأخذ ما بيع به ( قوله وبرئ إن رد غير المحرم ) يعني إن ادعى رده لمحله وحاصله أن المودع إذا تسلف الوديعة وادعى أنه رد ما تسلفه لمحله ، ثم ضاعت بعد ذلك وخالفه صاحبها فإن المودع يبرأ منها ويصدق فيما ادعاه من الرد بيمين إذا كان تسلفه مكروها بأن كان مليئا وتسلف نقدا ، أو مثليا سواء أخذ الوديعة من ربها ببينة أم لا ، وأما التسلف الحرام بأن كان لمقوم فإنه إذا تسلفه مليء ، أو غيره ، وأذهب عينه وادعى أنه رد مثله لموضعه فإنه لا يبرأ ولا بد من الشهادة على الرد لربه ولا يكفي الشهادة على الرد لمحل الوديعة ، وأما إن كان تسلف مثلي لمعدم فإنه يبرئه رده لمحله ويصدق في دعواه الرد بيمين إن لم يكن له بينة به كالتسلف المكروه .
( قوله بيمينه ) أي فإن نكل فلا تقبل دعواه الرد ( قوله ولا بد أن يدعي أنه رد عينه ، أو صفته ) لعل ، أو بمعنى الواو ، والعطف تفسيري فاندفع ما يقال إن فرض المسألة أنه تسلف الوديعة وشأن المتسلف أن لا يرد العين ; لأنه قد انتفع به ، وإلا فأين الانتفاع ( قوله تفصيل ) بأن يقال قوله وبرئ إن رد غير المحرم أي المكروه كالمثلي لمليء ومفهومه أن المحرم فيه تفصيل تارة لا يبرأ برده إن كان مقوما مطلقا وتارة يبرأ برده إن كان مثليا لمعدم ( قوله تردد في ذلك ) أي في إبراء المعدم إذا تسلف المثلي ورده لمحله ، والحق الإبراء ، وذلك ; لأن المعدم إنما منع من تسلفها خشية أن لا يردها فإذا ردها فقد انتفت العلة التي منع لأجلها من تسلفها ( قوله ، أو يقول إن احتجت إلخ ) فيه أن هذا من إفراد الإذن وعطف الخاص على العام بأو لا يجوز ، وأجيب بأن المراد إلا بإذن مطلق ، أو مقيد كأن يقول : إن احتجت . . . إلخ ( قوله فلا يبرأ . . . إلخ ) فلو رد ما أخذه ، ثم ضاعت لم يبرأ مما تسلفه ( قوله ، والأحسن رجوع إلخ ) أي فالمعنى وحرم سلف مقوم ومعدم وكره النقد ، والمثلي كالتجارة إلا بإذن فلا يحرم ولا يكره وبرئ إن رد غير المحرم إلا بإذن فلا يبرأ إلا برد ما أخذه منها لربه وخلاف الأحسن رجوع الاستثناء لخصوص قوله وبرئ برد غير المحرم كما قرر أولا ، وإنما كان ما ذكره أحسن ; لأنه أكثر فائدة .