ولما قدم أن الغاصب إذا أتلف مقوما لزمته قيمته يوم الغصب أشار هنا إلى أنه ليس على إطلاقه ، بل ذاك فيما إذا لم يعط رب المغصوب فيما غصب منه عطاء متحدا من متعدد كعشرة من إنسان ، وأما إن أعطي فيه من متعدد عطاء واحدا ففيه خلاف بقوله ( وهل ) يلزم الغاصب المتلف لمقوم الثمن المعطى فيه دون القيمة ( إن أعطاه فيه ) أي في المغصوب المقوم إنسان ( متعدد عطاء ) واحدا كعشرة من كل منهما ، أو منهم ( فبه ) أي فيلزمه به ( أو بالأكثر منه ومن القيمة ) فأيهما أكثر يلزمه ( تردد ) الأول nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك وابن القاسم ، والثاني لعيسى ورجح كل فالتردد ليس على طريقته فلو تعدد العطاء بقليل وكثير فالقيمة على مقتضى ظاهر المصنف ، وهو الذي ينبغي ، والخلاف المذكور جار أيضا فيما إذا أتلف مقوم وقف على ثمن من متعدد ، وإن لم يكن مغصوبا .
( قوله ولما قدم إلخ ) أي في قوله ، وإن صنع كغزل وحلي وغير مثلي فقيمته يوم غصبه ( قوله فيما إذا لم يعط رب المغصوب فيما غصب منه عطاء متحدا من متعدد ) هذا صادق بأربع صور إذا لم يعط فيه شيء أصلا ، أو أعطي فيه عطاء متحد من واحد ، أو عطاء مختلف من متعدد ، أو من واحد ( قوله ، وهل إلخ ) حاصله أن المقوم المغصوب الذي أتلفه الغاصب إذا كان أعطي فيه ثمن واحد من متعدد كأن أعطى فيه زيد عشرة وكذلك أعطى فيه عمرو عشرة فهل اللازم لذلك الغاصب تلك العشرة فقط ، أو اللازم له الأكثر من تلك العشرة ، والقيمة ؟ قولان ( قوله المتلف لمقوم إلخ ) أي .
وأما لو كان المغصوب المقوم الذي أعطي فيه عطاء واحد من متعدد لم يتلف عند الغاصب ، وإنما فات عنده بغير التلف فإنما يلزم الغاصب قيمته اتفاقا كما هو مستفاد من جعلهم الخلاف المذكور في المصنف فيما أتلف انظر عبق ( قوله ليس على طريقته ) أي ; لأن طريقته أن يشير بالتردد لتردد المتأخرين في النقل عن المتقدمين ، أو لعدم نص المتقدمين ، وهنا وجد نص للمتقدمين nindex.php?page=showalam&ids=16867كمالك وابن القاسم وعيسى ولم يختلف المتأخرون في النقل عنهم .
وأجيب بأن المصنف أشار بالتردد للخلاف الواقع بين nindex.php?page=showalam&ids=13170ابن رشد وغيره في كون قول عيسى مقابلا لقول الإمامين ضعيفا ، أو هو مقيد لقولهما ، وتوضيحه أن الإمام قال في العتبية إذا أعطي في المقوم المغصوب عطاء متحد من متعدد ، وأتلفه الغاصب ضمن العطاء ولا ينظر للقيمة ، وقال عيسى يضمن الأكثر من العطاء ، والقيمة قال nindex.php?page=showalam&ids=13170ابن رشد قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ولا ينظر للقيمة معناه إلا أن تكون القيمة أكثر من العطاء فتكون له القيمة وحينئذ فقول عيسى مفسر لقول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في العتبية وقال غير nindex.php?page=showalam&ids=13170ابن رشد إن قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك باق على إطلاقه كما هو ظاهره وحينئذ فقول عيسى مقابل فظهر لك أن التردد بين nindex.php?page=showalam&ids=13170ابن رشد وغيره في فهم كلام nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في العتبية وكلام المصنف لا يؤدي هذا المعنى فلو قال وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إن أعطاه فيه متعدد عطاء فبه ، وهل على ظاهره ، أو بالأكثر منه ومن القيمة ؟ تردد كان واضحا ، ولما كان الخلاف في فهم كلام العتبية لا المدونة لم يعبر بتأويلان ، فإن قلت هذا الكلام [ ص: 451 ] وإن صحح عدم التعبير بالتأويلين لا يصحح تعبيره بالتردد إذ لا يوافق اصطلاحه قلت يتكلف بجعله موافقا لاصطلاحه بجعل أن من فهم فهما كأنه ناقل له عن صاحب الكلام المفهوم فهو من تردد المتأخرين في النقل فتدبر .