( ولا ) يجوز ( برهن أو وديعة ولو ) كان كل منهما ( بيده ) أي بيد العامل لشبههما بالدين ، قال ابن القاسم : لأني أخاف أن يكون أنفقها فصارت عليه دينا ، والمنع إذا كان كل في غير يد المرتهن والمودع بالفتح بأن كان بيد أمين ظاهر ; لأن رب المال انتفع بتخليص العامل الرهن أو الوديعة من الأمين ، وهو زيادة ممنوعة في القراض ، وهذا أمر محقق ، وأما لو كان كل بيد المرتهن أو المودع بالفتح فيتوهم فيه الجواز لعدم الاحتياج إلى تخليص ينتفع به رب المال .
وعلة خوف الإنفاق أمر متوهم مع أن المشهور المنع فلذا بالغ على ذلك بقوله ولو بيده فالمبالغة صحيحة ، ثم إن محل المنع إذا لم يقبض كل منهما أو لم يحضره مع الإشهاد وإلا جاز بالأولى من الدين الذي هو الأصل في المنع ، وهو واضح بل قال الأجهوري إن إحضار الوديعة ولو بغير إشهاد كاف ; لأنها محض أمانة ثم إن وقع عمل في الوديعة فالربح لربها وعليه الخسر كما في النقل وما مر في الوديعة من أن المودع إذا اتجر في الوديعة فالربح له فذلك فيما إذا تجر فيها بغير إذن ربها وما هنا قد أذن له في العمل فيها فكان الربح لربها والخسر عليه والرهن كالوديعة ، وذكر مفهوم مضروب بقوله .
( و ) لا يجوز ( بتبر ) ونقار وحلي ( لم يتعامل به ) أي التبر أو النقار أي القطع من الفضة أو الذهب ( ببلده ) أي بلد القراض أو العمل فيه فإن تعومل به ببلده جاز أي إذا لم يوجد مسكوك يتعامل به أيضا ففي المفهوم تفصيل ثم إن وقع [ ص: 519 ] بالممنوع مضى بالعمل فيه كما قاله ابن القاسم وقال nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ : يمضي ولو لم يعمل فيه لقوة الخلاف فيه وذكر مفهوم نقد بقوله ( كفلوس ) لا يجوز قراض بها ولو تعومل بها على المشهور وظاهره ولو في المحقرات التي الشأن فيها التعامل بها ( وعرض ) لا يجوز أن يكون رأس مال قراض وظاهره ولو في بلاد لا يوجد فيها التعامل بالنقد المسكوك كبلاد السودان ; لأن القراض رخصة يقتصر فيها على ما ورد ومحل المنع ( إن تولى ) العامل ( بيعه ) سواء كان العرض نفسه قراضا أو ثمنه فإن تولى غيره بيعه وجعل ثمنه قراضا جاز ( كأن وكله على ) خلاص ( دين ) ثم يعمل بما خلصه قراضا فيمنع ( أو ) وكله ( ليصرف ) ذهبا دفعه له بفضة أو عكسه ( ثم يعمل ) بالفضة أو الذهب فلا يجوز فإن وقع في المسائل الأربع الفلوس وما بعدها ( فأجر مثله ) أي فللعامل أجر مثله ( في توليه ) ذلك من تخليص الدين أو الصرف أو بيع العرض أو الفلوس في ذمة رب المال ( ثم ) له ( قراض مثله في ربحه ) أي ربح المال لا في ذمة ربه حتى إذا لم يحصل ربح لم يكن له شيء ثم شبه بما يمنع وفيه قراض المثل قوله ( كلك ) أي كقراض قال رب المال للعامل لك ( شرك ) في ربحه
( قوله ولو بيده ) أي هذا إذا كان كل من الرهن الوديعة بيد أمين أما في الرهن فظاهر ، وأما في الوديعة فبأن أودعها المودع لعورة حدثت في منزله بل ، وإن كان بيد العامل أي عنده وفي محله ( قوله مع أن المشهور المنع ) أي للعلة التي علل بها ابن القاسم ( قوله فلذا بالغ على ذلك ) أي مع منع القراض بالرهن الوديعة إذا كانا بيده ( قوله ولو بغير إشهاد كاف ) قالبن ، وهو الصواب ومقتضى التعليل بأنها محض أمانة أن الرهن ليس كالوديعة فلا يكفي فيه مجرد الإحضار بل لا بد معه من الإشهاد ( قوله والرهن كالوديعة ) أي فإذا وقع القراض بالرهن فالربح لرب المال والخسر عليه وليس للعامل إلا أجرة مثله ( قوله أي بلد القراض ) أي بلد العقد وقوله أو العمل فيه أي أو بلد العمل في القراض ، وأو لتنويع الخلاف فالأول تقرير الشارح بهرام والثاني للمواق ( قوله إذا لم يوجد مسكوك يتعامل به أيضا ) أي .
وأما إذا وجد مسكوك [ ص: 519 ] يتعامل به فالمنع ولو غاب التعامل به على التأمل بالمسكوك ( قوله بالممنوع ) أي بأن وقع بتبر أو بنقار فضة أو حلي لم يتعامل به ببلده ( قوله على المشهور ) أي ; لأن التبر إذا كان لا يجوز القراض به إلا إذا انفرد التعامل به والحال أنه ليس مظنة للكساد فأولى الفلوس التي هي مظنة للكساد فلا يجوز القراض بها اللهم إلا أن تنفرد بالتعامل بها وإلا جاز اتفاقا ( قوله ولو في المحقرات ) أي ولو كان العامل يعمل بها في المحقرات إلخ ( قوله وظاهره ولو في بلاد إلخ ) قد تقدم لك عن بن أن بعضهم أجاز جعل العرض رأس مال قراض إذا انفرد التعامل به ( قوله يقتصر فيها على ما ورد ) أي من الدراهم والدنانير ( قوله ومحل المنع ) أي بالعرض ( قوله سواء كان العرض نفسه قراضا ) أي بأن دفع رب المال عرضا بمائة وجعل له جزءا من الربح إذا باعه وربح وقوله أو ثمنه بأن دفع له عرضا وأمره أن يبيعه ويجعل ثمنه رأس مال وقيد اللخمي المنع في الثاني بما إذا كان لبيعه خطب وإلا جاز وتقييده ضعيف والمعتمد المنع مطلقا .
( قوله وجعل ثمنه قراضا جاز ) أي ; لأن جعل رأس المال قيمة العرض أو نفسه والحاصل أن قوله إن تولى العامل بيعه في مفهومه تفصيل وذلك ; لأنه إذا تولى غير العامل بيعه فإن جعل رأس المال الثمن الذي بيع به العرض جاز ، وإن جعل رأس المال قيمته الآن أو بعد المفاصلة أو نفس العرض منع ( قوله كأن وكله على خلاص دين ) أي ولو كان الذي عليه الدين حاضرا مقرا مليئا تأخذه الأحكام .
وأما تقييد اللخمي المنع بالحاضر الملد أو الغائب الذي يحتاج للمضي إليه فضعيف ( قوله أو ليصرف ) سواء كان للصرف بال أو لا قصرا للرخصة على موردها وتقييد فضل المنع بما إذا كان له بال ضعيف ( قوله في المسائل الأربع الفلوس وما بعدها إلخ ) الذي في بن عن ابن عاشر أن قول المصنف فأجر مثله راجع للتبر وما بعده واعلم أن جريان قوله فأجر مثله في التبر والفلوس ولو متعاملا بهما حيث باعهما واشترى بثمنها عروضا فإن جعلهما ثمنا لعروض القراض فليس له أجر توليه ، وإنما له قراض مثله والفرض أن كلا من الفلوس والتبر لم ينفرد بالتعامل به ; لأنه محل الفساد .
وأما لو انفرد كل بالتعامل به فالقراض صحيح ولا يكون للعامل إلا الجزء الذي سمي له ( قوله في ذمة ) متعلق بقوله أجر مثله وحينئذ فله ذلك الأجر حصل ربح أم لا ( قوله ثم له قراض مثله ) أي مثل المال لا مثل العامل