ولما تكلم على الممنوع والجائز ذكر المكروه بقوله ( ويكره حلي ) أي إجارته بذهب أو فضة أو غيرهما نقدا أو إلى أجل إذا كان غير محرم الاستعمال ، وإلا منع ( كإيجار مستأجر دابة ) لركوب أي يكره لمن استأجر دابة لركوب أن يؤجرها لمثله خفة ، وأمانة [ ص: 18 ] ولا ضمان عليه إن ضاعت بلا تفريط أو ماتت ، وأما لو استأجرها للحمل عليها فيجوز كراؤها لحمل مثله كما يفيده ما يأتي في قوله ، وفعل المأذون فيه لا أضر ( أو ثوب ) أي يكره لمن استأجر ثوبا للبسه أن يكريه ( لمثله ) ولكونه مما يغاب عليه يضمنه الأول إلا لبينة على تلفه بلا تفريط من الثاني ; لأن ضمان التهمة يزول بالبينة ، ومحل الكراهة في الدابة والثوب إذا جهل حال المكري ، وأما إن علم رضاه فجائز ، وإن علم عدم رضاه لم يجز .
( قوله : حلي ) بفتح الحاء وسكون اللام مفردا وبضم الحاء وكسر اللام جمعا ( قوله : أي إجارته ) أي سواء كان ذلك الحلي ذهبا أو فضة أوجر بذهب أو فضة فيهما أو أوجر بغيرهما كعرض وطعام ( قوله : إذا كان غير محرم الاستعمال ، وإلا منع ) ما ذكره من المنع مبني على ما قاله ابن يونس من أن العلة في كراهة إجارة الحلي أن السلف الصالح كانوا يرون أن عاريته زكاته والذي أسقط الله زكاته وجعل زكاته عاريته غير محرم الاستعمال ، وأما المحرم فزكاته واجبة لا على ما علل به ابن العطار الكراهة بأن إجارته تؤدي إلى نقصه باستعمال المستأجر وقد أخذ ربه في مقابلته نقدا فكأنه نقد في مقابلة نقد وإنما لم يحرم ; لأنه ليس محققا فإن هذا يقتضي كراهة إجارته مطلقا كان محرم الاستعمال أم لا ويقتضي عدم كراهة إجارته بغير النقد ( قوله : كإيجار مستأجر دابة ) أي كما يكره لمن استأجر دابة أن يؤاجرها لمثله فالمصدر مضاف للفاعل ، ومحل الكراهة إن لم يؤجرها بحضرة ربها أو يبدو له إذا كان مسافرا الإقامة [ ص: 18 ] وعدم الركوب للمحل الذي أكراها إليه ، وإلا فلا كراهة ، ولو كان غير مضطر للإقامة ( قوله : ولا ضمان عليه إن ضاعت إلخ ) أي سواء قامت على الضياع بينة أم لا ( قوله : فيجوز كراؤها لحمل مثله إلخ ) قيد اللخمي جواز كرائها إذا كانت مكتراة للحمل بما إذا صحبها ربها في السفر ، وأما لو كان المكتري هو الذي سافر بها فهي بمنزلة التي للركوب وكذا ذكره ابن يونس عن ابن حبيب وقبله . ا هـ بن .
( قوله : أي يكره لمن استأجر ثوبا للبسه إلخ ) قال عبق الظاهر أنه يجري في الثوب نحو ما تقدم فإذا استأجره ليحمل فيه شيئا فلا يكره أي يؤاجره في حمل مثله ( قوله : أن يكريه لمثله إلخ ) مثل الثياب الكتب على الظاهر لاختلاف استعمال الناس فيها ( قوله : يضمنه الأول ) أي ففرق بين الثوب والدابة ونحوه في التوضيح ونصه : وظاهره أنه لا يضمن في الثوب إذا أكراه من مثله كالدابة والذي في المدونة أنه يضمنه إذا هلك بيد الغير لاختلاف حال الناس في اللبس ، ولا يضمنه إن هلك بيده ا هـ بن ( قوله : وإن علم عدم رضاه لم يجز ) أي مع صحة العقد على الظاهر ويحتمل أن يقال بفساده ; لأن ذلك بمنزلة شرطه أن يكري لمثله ، وهو مفسد للعقد ; لأنه مناقض لمقتضاه إلا أن يسقطه .