وجواز التحكيم إنما يكون ( في مال وجرح ) ولو عظم فإن حكما خصما ، أو جاهلا ، أو كافرا لم ينفذ حكمه فإن حكم ولم يصب فعليه الضمان فالمراد بالخصم أحد المتداعيين كما هو صريح النقل فإن سأل الجاهل عالما فأراه وجه الحق فحكم به لم يكن حكم جاهل ( لا ) في ( حد ) من سائر الحدود ( و ) لا في ( لعان وقتل وولاء ) لشخص على آخر ( ونسب ) كذلك ( و ) لا في ( طلاق وعتق ) فيمتنع التحكيم في واحد من هذه السبعة ; لأنه تعلق بها حق لغير الخصمين إما لله تعالى وإما لآدمي كما في اللعان والولاء والنسب لما في ذلك من قطع النسب وأما الحد والقتل والعتق والطلاق فالحق فيها لله تعالى ; لأن الحدود زواجر وهو حق لله ولأن المطلقة بائنا لا يجوز إبقاؤها في العصمة ولا يجوز رد العبد للرق وهو حق لله .
( قوله : وجواز التحكيم ) أي تحكيم المتداعيين للأجنبي المسلم العالم المميز إنما يكون إلخ . ( قوله : وجرح ) أي عمدا ، أو خطأ وقوله : ولو عظم أي كقطع يد ، أو رجل . ( قوله : لم ينفذ حكمه ) أي ولو وافق الصواب كما هو ظاهره وقد علمت النقل فيما إذا حكما خصما . ( قوله : فإن حكم ولم يصب فعليه الضمان ) أي فإذا حكم واحد منهم وترتب على حكمه إتلاف فإن كان لعضو فالدية على عاقلته وإن ترتب عليه إتلاف مال كان الضمان في ماله . ( قوله : أحد المتداعيين ) أي وليس المراد به من بينه وبين المتداعيين ، أو أحدهما خصومة دنيوية كما قال عبق وخش . ( قوله : كما في اللعان . . . إلخ ) أي فإن الحق فيه للولد بقطع نسبه وهو غير الخصمين - أعني الزوجين - وكذلك النسب إذا كان النزاع بين الأب ورجل آخر فالأب يقول إن هذا الولد ليس ابني والرجل الآخر يقول إنه ابنك أما لو كان النزاع بين الأب والولد فالحق لأحد الخصمين وكذلك الولاء الحق فيه لآدمي غير الخصمين إذا كان النزاع بين المعتق ورجل آخر في الشخص المعتوق بأن ادعى كل أنه أعتقه أما إذا كان النزاع بين السيد والمعتوق كان الحق لأحد الخصمين . ( قوله : لأن الحدود زواجر ) أراد بالحدود ما يشمل القتل قصاصا .