13 - قدح الزند في السلم في القند
بسم الله الرحمن الرحيم
مسألة : هل يجوز
السلم في السكر الخام القائم في أعساله الذي لا تضبط له نار ، وإذا طبخ وصار في الأقماع وطين بالطين لا يعلم أي شيء يحصل منه سكر ولا عسل ، تارة يحصل السكر كثيرا وتارة قليلا ؟ .
الجواب عن هذه المسألة يتوقف على مقدمة وذلك أن
النووي حكى في الروضة وجهين في السلم في السكر ولم يرجح منهما شيئا ، وصحح في تصحيح التنبيه الجواز في كل ما دخلته نار لطيفة ومثل بالسكر ، وقد نازعه المتأخرون في ذلك بأمور منها : منع كون نار السكر لطيفة بل هي قوية ، وممن نازع بذلك
ابن الرفعة قال بعضهم : وهو أجدر بذلك فإنه كان له مطبخ سكر ، ومنها أن المفهوم من كلام
الرافعي تصحيح المنع ، قال
الإسنوي في شرح المنهاج : مقتضى كلام
الرافعي في الكبير المنع في الجميع - يعني السكر - وما ذكر معه إلا أن المصنف غيره حالة الاختصار فحكى فيه وجهين من غير ترجيح ، وقال في المهمات : الأصح في الجميع هو المنع على ما يقتضيه كلام
الرافعي فإنه قال :
والسمن والدبس والسكر والفانيد كالخبز ففي سلمها الوجهان ، هذا لفظه ،
[ ص: 112 ] وهذا الكلام مقتضاه المنع في جميع هذه الأشياء ; لأنه الصحيح في الخبز ، ويؤيده أن الأصح في باب الربا إلحاق ما دخلته النار للتمييز بما دخلته للطبخ حتى لا يجوز بيع بعضه ببعض ، فأطلق
النووي ذكر وجهين فقط ولم يصرح في غير التصحيح بتصحيح - هذا كله كلام المهمات .
وقال الشيخ
ولي الدين العراقي في نكته : مقتضى كلام
الرافعي ترجيح البطلان في السمن والدبس والسكر والفانيد فإنه جعل فيها الوجهين في السلم في الخبز والأصح فيه البطلان ، وحذف في الروضة هذا التشبيه وأطلق ذكر وجهين ، انتهى .
وحاصل ذلك ميل المتأخرين إلى تصحيح المنع في السكر نقلا ومعنى ، أما النقل فلأنه مقتضى كلام
الرافعي في الشرح مع ما عضده من خلو كتب
النووي عن تصريح بتصحيح سوى تصحيح التنبيه ، وإنما صحح فيه الجواز بناء على أن ناره لطيفة ولم يثبت ذلك بل ثبت خلافه ، وأما المعنى فما ذكرناه من قوة ناره مع القياس على باب الربا في التسوية بين نار التمييز وغيرها إن ثبت أن ناره لطيفة ، نعم جزم
البلقيني بالجواز في السكر ونقله عن النص ، هذا كله في السكر وهو غير المسألة المسؤول عنها ، أما المسألة المسؤول عنها فهي القند وهو غير السكر لغة وعرفا ، أما لغة فمن راجع كتب اللغة وجد الفرق بينهما في التعريف ، وأما عرفا فإن الفقهاء أفردوا المسألتين وتكلموا على كل على حدتها ، فدل على أنهم أرادوا بالسكر غير القائم في أعساله الذي هو القند ، فممن أفرد الكلام على كل على حدتها
البلقيني في التدريب فقال عطفا على ما يصح السلم فيه : وفي السكر على النص وفي القند صرح به
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي هذه عبارته ، لكن المفهوم من كلام الشيخ
ولي الدين العراقي في فتاويه الميل إلى تصحيح المنع فيه أخذا من عموم كلام الأصحاب فإنه قال فيها : الذي يظهر من كلام الأصحاب أن القند ليس مثليا ، فإن ناره قوية ليست للتمييز ، ويختلف جودة ورداءة بحسب تربة القصب وجودة الطبخ كما ذكره أهل الخبرة بذلك ، وهو داخل في عموم منع الفقهاء السلم فيما دخلته النار للطبخ ، لكن صحح
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي السلم في القند ، ومقتضى ذلك أنه مثلي ، هذا لفظه في فتاويه ، وما جزم به في صدر كلامه فهما عن الأصحاب هو المتجه ، وبه نفتي ، وليست المسألة مصرحا بها في كلام الشيخين إلا أنها داخلة في عموم منعهما السلم فيما طبخ ، ويزيد على السكر غررا بما فيه من الاختلاف بحسب تربة القصب ، فتارة يحصل منه السكر كثيرا وتارة قليلا بخلاف السكر فإن هذا الغرر معدوم فيه ، والله أعلم .