سورة الكهف
مسألة : من
حلب - قد وقع في تفسير
nindex.php?page=showalam&ids=13926القاضي البيضاوي موضع عسر فهمه في تفسير قوله تعالى في سورة الكهف : (
ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ) والاستثناء من النهي ؛ أي : لا تقولن لأجل شيء تعزم عليه : إني فاعله فيما يستقبل إلا بأن يشاء الله ؛ أي : إلا ملتبسا بمشيئته قائلا : إن شاء الله ؛ أي : إلا وقت أن يشاء الله أن يقوله بمعنى أن يأذن لك ، ولا يجوز تعليقه بفاعل ; لأن استثناء اقتران المشيئة بالفعل غير سديد ، واستثناء اعتراضها دونه لا يناسب النهي . انتهى .
والمقصود بيان ذلك ، ويوضح ذلك قوله : ولا يجوز تعليقه بفاعل ; لأن إلى آخره فإن هذا عسر فهمه على كثير من الناس .
الجواب : سبب ذلك وجازة العبارة واختصارها ، ويوضحه ما في عبارة
ابن الحاجب حيث قال : الوجه فيه أن يكون استثناء مفرغا كقولك : لا تجيء إلا بإذن زيد ، ولا تخرج إلا عشية على أن يكون الأعم المحذوف حالا أو مصدرا ، وحذفت الباء من بأن يشاء الله ؛ أي : إلا بذكر المشيئة ، وقد علم ذكر المشيئة المستصحبة في الأخبار عن الفعل المستقبل هي المشيئة المذكورة بحرف الشرط ، أو ما في معناه كقولك : لأفعلن إن شاء الله أو بمشيئة الله ، وما أشبهها ، قال : وأما ما ذكر أنه متصل بقوله : إني فاعل ؛ ففاسد إذ يصير المعنى : إني فاعل بكل حال إلا في حال مشيئة الله ، فيصير المعنى النهي عن أن يقول : إني فاعل إن شاء الله ، وهذا لا يقوله أحد ، انتهى .
وقد وضح بهذا معنى قول القاضي : ولا يجوز تعليقه بفاعل ; لأن استثناء اقتران المشيئة بالفعل غير سديد ، وهذا
[ ص: 373 ] التعليل من زوائده على الكشاف أخذه من أمالي
ابن الحاجب ، وقول القاضي : واستثناء اعتراضها دونه لا يناسب النهي . هذا التعليل هو المذكور في الكشاف : وعبارته : لا بقوله إني فاعل ; لأنه لو قال : إني فاعل كذا إلا أن يشاء الله كان معناه إلا أن تعترض مشيئة الله دون فعله ، وذلك ما لا مدخل فيه للنهي انتهى .
والحاصل : أن القاضي علل إبطال تعلقه بقوله : إني فاعل بأمرين : أحدهما أنه يؤدي إلى النهي عن أن يقول : إني فاعل إن شاء الله ، وذلك فاسد ، والثاني أنه يؤدي إلى أن المعنى : إني فاعل إلا أن تعترض المشيئة دون الفعل ، وهذا القدر وإن كان صحيحا في نفسه إلا أنه لا مدخل للنهي فيه فلا يلتئم معه قوله : ولا تقولن لشيء فبطل تعليق الاستثناء بقوله : إني فاعل وتعين تعليقه بالنهي ، والأول من الأمرين ذكره
ابن الحاجب ولم يذكره صاحب الكشاف فجمع القاضي بينهما كعادته في الجمع والإيجاز .