مسألة :
حديث : " خيركم بعد المائتين الخفيف الحاذ " هل هو صحيح ، وقيل : إنه " الحال " باللام في آخره ، وقال آخر : إنه " الجاد " بالجيم والدال المهملة ، وقال آخر : إنه منسوخ بحديث : "
تناكحوا تناسلوا " فهل ما قالوه صحيح أم لا ؟
الجواب : هذا الحديث أخرجه
أبو يعلى في مسنده من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان بلفظ :
" خيركم في المائتين كل خفيف الحاذ " قيل : يا رسول الله ومن خفيف الحاذ ؟ قال : من لا أهل له ولا مال . وفي إسناده
داود بن الجراح ، قال فيه
أحمد : لا بأس به ، إلا أنه حدث عن
سفيان بمناكير ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : متروك ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : روى غير حديث منكر ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه ، وقال
أبو حاتم : محله الصدق ، تغير حفظه ، قال
الذهبي في الميزان : وهذا الحديث مما غلط فيه ; فإن
أبا حاتم [ ص: 439 ] قال فيه : إنه منكر لا يشبه حديث الثقات ، قال : وإنما كان بدء هذا الخبر فيما ذكر لي أن رجلا جاء إلى رواد فذكر له هذا الحديث فاستحسنه وكتبه ، ثم حدث به بعد يظن أنه من سماعه . انتهى .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث
أبي أمامة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16005314إن أغبط أوليائي عندي لمؤمن خفيف الحاذ ، ذو حظ من الصلاة " ، وأما الحاذ فهو بالحاء المهملة والذال المعجمة الخفيفة ، ومن قال : إنه باللام أو بالجيم والدال المهملة ، فقد صحف ، قال
ابن الأثير في النهاية في حرف الحاء المهملة في فصل حوذ : وأصل الحاذ طريقة المتن ، وهو ما يقع عليه اللبد من ظهر الفرس ; أي خفيف الظهر من العيال ، والحاذ والحال واحد ، وكذا قال
الديلمي في مسند الفردوس ، وزاد : ضربه النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لقلة ماله وعياله ، وفي الصحاح : حاذ متنه وحال متنه واحد ، وهو موضع اللبد من ظهر الفرس ، وفي الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16005315مؤمن خفيف الحاذ " أي خفيف الظهر . انتهى .
وأما من قال : إنه منسوخ ، فلم يصب ; لما تقرر في علم الأصول أن النسخ خاص بالطلب ولا يدخل الخبر ، وهذا خبر كما ترى ، ثم إنه لا منافاة بينه وبين حديث : "
تناكحوا تناسلوا " حتى يحتاج إلى دعوى النسخ ; لأن الأمر بالنكاح ليس عاما لكل أحد ، بل بشروط مخصوصة ، كما تقرر في علم الفقه ، فيحمل هذا الحديث على من ليست فيه الشروط وخشي من النكاح التوريط في أمور يخشى منها على دينه بسبب طلب المعيشة ، وبذلك يحصل الجمع بين الحديثين ، ولا نسخ ، فدعوى النسخ في الخبر جهل بقواعد الأصول .